تاريخ عمان

مصادر تاريخ عُمان القديم

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

 

 

 

تشكل عُمان في التاريخ القديم إقليما جغرافيا، وحضاريا واحدا، أطلق عليه في الكتب السماوية اسم ( مجان ).

أما في الكتابات اليونانية والرومانية فعُمان منذ مطلع الميلاد تمتد من ( رأس مسندم) شمالا، وحتى ( رأس فرتك ) جنوبا، ومن ( رأس الحد ) شرقا وحتى ( خور العديد ) عند قطر غربا.

وقد أجمع المؤرخون الكلاسيون على تحديد نهاية حدود عُمان الجنوبية عند ( رأس سجروس) أي رأس فرتك ويرون أن منطقة اللبان داخلة في حدود عُمان ، كما أطلق مؤلف كتاب ( الطواف حول البحر الأرتيري ) على ( خليج القمر ) اسم خليج عُمان منذ القرن الأول الميلادي ، أما ميناء ( عُمانا ) فيقع على الخليج العربي.

لقد برهنت المعطيات الأثرية المكتشفة في سلطنة عُمان، على الدور التاريخي، والحضاري العظيم الذي ساهمت به مجان (عُمان قديما) في مجمل النشاطات الحضارية لمنطقة الشرق الأدنى خاصة، والعالم القديم عامة منذ الألف الثالث قبل الميلاد. وقد حبا الله عُمان بمقومات جغرافية قلما توافرت لغيرها من الأقاليم، حيث ساعدت تلك المقومات بشكل نباشر في نمو وازدهار حضارة عُمان في عصورها القديمة.

الآثــــــــــــار : 

لآثــــــــــــار : 

الأثار : هي المخلفات المادية الناطقة بتاريخ أهلها والتي من خلالها نستطيع أن نعرف مدى الرقي، والتقدم الذي وصل إليه الأولون، ويمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسين:

أولا: الآثار الثابتة : وتتمثل في المنشآت المعمارية المختلفة، كالمقابر، والأسوار، والقلاع، وبقايا المنازل، ومنشآت الري المختلفة وغيرها.

 

ثانيا: الآثار المنقولة ونقصد بها القطع الأثرية التي يستطيع المرء نقلها من مكان إلى أخر، وتتمثل في الأدوات الحجرية ، والفخارية، والمعدنية المتنوعة، وسائر أنواع الحلي، وأدوات الزينة والمكسوكات وغيرها.

إن عُمان في عصورها القديمة كغيرها من الوحدات الحضارية التي ظهرت في المنطقة العربية تزخر بالعديد من المواقع الأثرية التي يعود أقدمها إلى عصور ما قبل التاريخ، والعديد من تلك الآثار ما زالت حتى الآن بارزة للعيان في كثير من المناطق العُمانية، تحكي تاريخ شعب وحضارة أمة.

الرحالة وإشاراتهم إلى الأثار: 

الرحالة وإشاراتهم إلى الأثار: 

باسم البحرية الهندية، أو شركة الهند البريطانية كلف ثلاثة من ضباط البحرية البريطانية، وهم (ولستد) و(كرتندن ) (وهينس ) باجراء مسح استكشافي لشواطئ جنوب، وجنوب شرق شبه الجزيرة العربية في الفترة من عام 1829م إلى 1835م وأثناء قيامهم بتلك المهمة شد انتباههم الآثار الموجودة في بعض المواقع الساحلية على شواطئ بحر العرب .

وفي عُمان تمكن أحد هؤلاء الضباط وهو ( هينس ) من نشر عدد من الدراسات على الشريط الساحلي العماني من بينها : 

Memoir f the south-east coasts of Arabia, ’Journal of the Royal Geographical Society, vol. 15 (1845), P. 104-160.

كما كتب دراسة قيمة عن جزر ( كوريا موريا)، جزر الحلانيات حاليا ، تناول فيها وصفا كاملأ للجزيرة ، ولثرواتها ، واعتبرها مصدر للسماد وعنوان الدراسة هو : 

The Kooria Mooria Islands ‘’ Nautical Magazine vol. 26 (1857), p. 385-389.

ومن أهم من تناولوا تاريخ عُمان القديم : 

Wellested  James Raymond

 

 1835 م قام بأول رحلة أوربية للعبور إلى داخلية عُمان  حيث استمرت رحلته الداخلية 4 أشهر (من مسقط ثم قلهات حتى ميناء صور إلى الكامل ثم  جعلان بني بو حسن  وبني بوعلي ثم سمد ووادي الأثلي ومنح إلى نزوى ومنها إلى الجبل الأخضر ووادي سمائل والسيب حتى وصل مسقط)

 

 

 1835 م رحلته الثانية بدأها من الباطنة إلى عبري على أمل الوصول إلى واحة البريمي إلا انه لم يوفق وعاد إلى البريمي 

ومن خلال رحلته اصدر كتابا تحدث فيه عن الحصون والقلاع والأبراج القديمة المتناثرة التي شاهدها .

Aucher- Eloy R

استفاد من تجربة ولستد السابقة ووصل إلى ساحل عُمان 1836م واتجه برا إلى مسقط إلى السيب ثم الجبل الأخضر وجمع ما يقارب 255 وصيلة نباتية ثم توجه إلى نخل ونزوى وتنوف ثم عاد إلى مطرح ووصل بعدها إلى مسقط، نظرا لإهتمام أوشر بعالم النباتات فقد سجل معلومات عن أنواع جديدة من النباتات التي تنمو في عُمان.

صمويل بارت مايلزSamuel Barret Miles 

صمويل بارت مايلز

Samuel Barret Miles 

وهو الوكيل السياسي البريطاني في مسقط وقام مايلز بعدد من الرحلات الاستكشافية الداخلية لعُمان وسجل معلومات قيمة عن الحصون والقلاع التي شاهدها في المنطقة والتي ما زالت آثارها شامخة. ، وله دراسات عن المجتمع العُماني بقبائله وثقافاته المتنوعة.

صموئيل زويمر Samuel Zwemer

صموئيل زويمر

Samuel Zwemer

قام بتسجيل مشاهداته وتدوينها وكتب عددا من الدراسات  تخص شمال عُمان.

 

بيرسي كوكس Percy Zachary Cox

بيرسي كوكس

Percy Zachary Cox

رجل سياسة تولى منصبا هاما في مسقط وقام بعدد من الرحلات وسجل مشاهداته .

توماس براترام Brtram Thomas

توماس براترام

Brtram Thomas

قام بأول عمل أوروبي يتمثل في أول رحلة قام بها عبر الجزء الشرقي للربع الخالي منطلقا من ظفار وقام بدراسة تخص بعض قبائل ظفار ولغتهم الجبالية.

وأشار توماس إلى موقع ( وبار) المدينة الأسطورة وافترض أنها مطمورة تحت الرمال على الحدود بين عُمان واليمن والسعودية ووصف الموقع الأثري (شصر )، كما قدم توماس في مؤلفاته نماذج جيولوجية وأثرية ، وفي اثناء عبوره بشمال عُمان وفي منطقة وادي العبيلة في وادي الجزي شاهد (توماس) حفرا كثيرة تبدوا كظواهر جيولوجية قديمة في الصخر الأحمر فقال : ( من الممكن أن تكون مناجم للنحاس).وهو ربما يشير إلى مواقع التعدين القديمة في وادي الجزي والتي تعود إلى الألف الثالث ق.م ، إلى جانب ذلك قام توماس أثناء رحلاته في عُمان بدراسات أنثروبولوجية غاية في الأهمية.

وليفرد ثيسجر Wilfred Thesiger

وليفرد ثيسجر

Wilfred Thesiger

قام بعدة رحلات بين جنوب عُمان وشمالها وسجل ملاحظاته لمجموعات من النصب، والمنشآت الحجرية وأشار إلى النصب الموجوده عند السفوح الشمالية لجبال ظفار وفي قمم وادي عندام في المناطق الداخلية من الأراضي العُمانية وأشار إلى أن جميعها تتمركز بتناسق بمحاذاة مجاري الأودية والمسالك وتحمل بعضها نقوشا ربما تكون كتابات ثمودية.

التنقيبات الآثرية:

التنقيبات الآثرية:

الاثار قبل أن تصبح مادة قابلة للدراسة تمر بسلسلة من الأعمال الفنية، والعملية تعرف بالتنقيبات الأثرية. وفي سلطنة عُمان بدأت التنقيبات الأثرية بشكل متزامن مع البحث عن الآثار في اليمن منذ منتصف القرن العشرين. 

إلا أن أكثرها انتظاما تلك البعثات الأثرية التي زارت عُمان منذ مطلع السبعينات من القرن العشرين، وجاء ذلك تزامنا مع النهضة الحضارية التي شهدتها السلطنة حيث بدأت البعثات الأوروبية تتوافد إليها بشكل منهجي وعبر اتفاقات رسمية تخول لها العمل في أراضي السلطنة.

ومن البعثات الأوروبية والتي سيتم الحديث عنها بالتفصيل لاحقا مايلي : 

المؤسسة الأمريكية لدراسة الانسان والتي تعرف ببعثة فيليبس

البعثة الدنماركية.

بعثة جامعة هافارد الأمريكية.

البعثة الأوروبية المشتركة.

البعثة الإيطالية – الفرنسية.

البعثة الألمانية.

البعثة البريطانية.

بعثة جامعة برمنجهام.

 

نتائج التنقيبات الأثرية : 

نتائج التنقيبات الأثرية : 

يمكن أن نستنتج من خلال دراستنا لمراحل الاكتشافات الاثرية التي شهدتها سلطنة عمان منذ منتصف القرن العشرين, وحتى الآن عدداً من النتائج: 

لقد قدمت النتائج الأثرية المكتشفة دليلاً علمياً يؤكد بأن (مجان) الوارد اسمها في وثائق ملوك بلاد الرافدين هي عمان.

مرت عمان في تاريخها الإنساني بعصور متتابعة فلا أثر لأي فجوة تاريخية واضحة للاستيطان البشري.

أثبتت المعطيات الأثرية على أن آثار الاستيطان في عمان كان مبكراً جداً, يعود للعصور الحجرية على امتداد الساحل العماني, وعلى ضفاف الأودية الداخلية, والواحات, ويعود أقدمها إلى الألف الرابع ق.م تقريبا. أما أحدثها فيعود إلى الألف الأول ق.م. 

تلك المراكز الاستيطانية خلفت وراءها مجموعة من العناصر الحضارية المحلية تمازجت, وتفاعلت مع عناصر حضارية قادمة من بلاد الرافدين وبلاد السند, وبلاد فارس, واليمن القديم, وهذا دليل على عمق الصلات القائمة في تلك العصور بين عمان والمراكز الحضارية المعاصرة, حيث ساعد الموقع الجغرافي المتميز لعمان ودورها التجاري الذي كانت تقوم به في ذلك التفاعل والتواصل. 

تم الكشف في مناطق متفرقة من السلطنة عن عدد كبير من القبور كانت في الواقع صروحاً بارزو جديرة بالإعجاب, غنية بهياكلها العظيمة, وبمقتنياتها الجنائزية, والمتمثلة في الأدوات الحجرية, والأواني الفخارية منها الملون, والمزخرف, والأسلحة, وأدوات الزينة, وغيرها؛ ويبدو أن بعض المقابر قريبة الشبه بمقابر (جمدت نصر) في بلاد الرافدين, والذي يعود تاريخها إلى نهاية الألف الرابع, وبداية الألف الثالث قبل الميلاد, وهذا ما يؤكد عمق الصلات التاريخية بين المناطق الحضارية التي قامت في شمال وجنوب الخليج العربي منذ العصور القديمة. 

تم الكشف عن آثار لعصر المعادن (النحاس, البرونز), في أطراف الجبال الوسطى العمانية, يعود تاريخها إلى الألف الثالث قبل الميلاد, وذلك ما يتفق مع إشارات النصوص المسمارية التي ذكرت مراراً بأن (مجان) عمان قديما هي المصدر الرئيس المنتج, والمصدر للنحاس إلى بلاد الرافدين. 

اكتشفت تلك البعثات عدداً من المواقع الأثرية تتمثل في مستوطنات بنيت بالقرب من مصادر المياه, تشتمل على منشآت مدنية, ودينية, وعسكرية, واقتصادية. 

في شمال سلطنة عمان تم الكشف عن عدد من الأبراج الدفاعية التي بنيت بالقرب من مناجم النحاس, وحول المستوطنات القديمة لحمايتها من الطامعين, كما كانت تحتوي على آبار ماء للتزود بالماء عند الحاجة, ويبدو أن تلك الأبراج وفرت الأمان للسكان في المستوطنات؛ وأكثرها شهرة تلك التي تم اكتشافها في عبري, وبات, ولزق, كما أن هناك أمثلة في موقع (هيلي) بدولة الإمارات العربية المتحدة يرجع تاريخها إلى الألف الثالث ق.م.

فالقلاع الدفاعية التي تشتهر بها عمان اليوم ما هي إلا امتداد لتلك القلاع الدفاعية العظيمة التي عثر على آثارها في عدد من المناطق العمانية إلا أن أكثر القلاع إثارة للإعجاب قلعة (لزق) التي تمتد على نطاق قمتين عاليتين تعلوان البطحاء المحيطة بنحو ثمانية أمتار تقريبا, وذلك على مقربة من (سمد) في جبال عمان الشرقية يبلغ عمرها اليوم 3200 سنة.

تم الكشف عن كم من اللقي الأثرية المتنوعة كالفخار, والحلي, والأسلحة تعود إلى الفترة الممتدة من الألف الخامس, وحتى النصف الأول من الألف الأول ق.م؛ كما كشفت عن مواقع أثرية أخرى يمتد تاريخها من القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد ناهيك عن المواقع الغنية بالآثار الإسلامية.

كشفت المسوحات الأثرية عن رسومات صخرية حيوانية, وبشرية بارزة في عدد من كهوف الجبال في شمال, وجنوب سلطنة عمان, كانت نتاج سلسلة من التجارب, والخبرات التراكمية الروحية, والفكرية, وربما تعكس في بعض الحالات نوعاً من التصورات الدينية البدائية.

فمن خلال تلك الرسوم يمكن أن نعرف البيئة المحيطة بالانسان العماني القديم, وأنواع الحيوانات المرتبطة بحياته, والتي كانت تشكل مصدراً لغذائه, وربما مصدراً لرعبه وتحدياته.

أما أساليب إنجازه لذلك الفن الصخري فيتمثل في أسلوب الثقب, أو النقر على الصخر، والبعض الآخر اعتمد اسلوب النقش، والرسم، 

 والحز بواسطة أداة حادة. 

 

وقد نشرت معظم نتائج مسوحات, وتنقيبات البعثات الأثرية العاملة في السلطنة في مجلة الدراسات العمانية (journal of Oman studies) وهي مجلة متخصصة تكتب باللغة الانجليزية, تصدرها وزارة التراث والثقافة, تتضمن هذه المجلة دراسات تاريخية شاملة, كما تتضمن دراسات خاصة بنتائج أعمال البعثات الأثرية التي نفذت في مناطق متفرقة من السلطنة, صدر منها ثلاثة عشر جزءاً حتى الآن, العدد الأول صدر عام (1975م), والعدد الثالث عشر (2004م), وقد انتظم صدورها في الفترة الأخيرة, كما أصدرت وزارة الأعلام, والثقافة في السلطنة عام (1978م) نسخة عربية أسمتها (مجلة دراسات عمانية) اختارت لها مجموعة من البحوث, والمقالات من العددين الأول الصادر عام (1975م), والثاني الصادر عام (1976م).

وقد نشرت معظم نتائج مسوحات, وتنقيبات البعثات الأثرية العاملة في السلطنة في مجلة الدراسات العمانية (

journal of Oman studies

) وهي مجلة متخصصة تكتب باللغة الانجليزية, تصدرها وزارة التراث والثقافة, تتضمن هذه المجلة دراسات تاريخية شاملة, كما تتضمن دراسات خاصة بنتائج أعمال البعثات الأثرية التي نفذت في مناطق متفرقة من السلطنة, صدر منها ثلاثة عشر جزءاً حتى الآن, العدد الأول صدر عام (1975م), والعدد الثالث عشر (2004م), وقد انتظم صدورها في الفترة الأخيرة, كما أصدرت وزارة الأعلام, والثقافة في السلطنة عام (1978م) نسخة عربية أسمتها (مجلة دراسات عمانية) اختارت لها مجموعة من البحوث, والمقالات من العددين الأول الصادر عام (1975م), والثاني الصادر عام (1976م).


 

من كتاب مصادر تاريخ عُمان القديم // أ.د أسمهان سعيد الجرو

 

Your Page Title