أثير-جميلة العبرية
في عالم يزدحم بالمنتجات الكيميائية، ويبحث فيه الكثيرون عن حلول طبيعية للعناية بالشعر، تبرز إحدى العمانيات كأيقونة للإبداع التقليدي المتجدد.
من شغفها الشخصي وتحدياتها العائلية، انطلقت زعيمة السلامية بفكرة جريئة لتحويل التراث العماني القديم إلى منتجات عصرية تجمع بين الفعالية والأمان سمّتها ”خلطات الجدة“.
وكشفت زعيمة في حوارها مع ”أثير“ عن قصة رحلتها مع ”خلطات الجدة“، وكيف تحولت من مجرد خلطات منزلية إلى مشروع ناجح يباع في الصيدليات والمتاجر، فبينت أن بدايات مشروعها كانت في عام 2014م، وأن الفكرة نشأت من رغبتها في تحويل مهارة تتقنها إلى مشروع يعالج مشكلة شائعة، وهي تحول لون الشعر من الأسود إلى الأبيض في سن مبكرة.
وأشارت السلامية إلى أن الذي ألهمها هو معاناتها الشخصية وعائلتها من طفرة جينية تسبب الشيب المبكر، بالإضافة إلى الضرر الذي تلحقه الصبغات الكيميائية بالشعر وفروة الرأس.
وذكرت: ”بما أنني حاصلة على بكالوريوس في الكيمياء، وأدرك تمامًا محتويات الصبغات، قررت التوقف عن استخدامها والبحث عن بدائل طبيعية، واستلهمت فكرة استخدام الحناء من النساء المتقدمات في السن في مجتمعنا، حيث لاحظت أن شعرهن يبدو صحيًا وطويلًا وكثيفًا، على الرغم من تقدمن في العمر؛ غير أن اللون البرتقالي المحمر للحناء كان يزعجني، مما دفعني إلى الاستفادة من خبرتي في الكيمياء لتجربة نباتات تضاف للحناء لتحريف اللون“.
وأوضحت أنها ابتكرت منتجات عديدة من الحناء السائل الممزوج بنباتات أخرى، وكانت تهديها لمن حولها بعد تجربتها على نفسها، ومع مرور الوقت، تطورت هذه المنتجات لتشمل خلطات تعالج مشاكل الشعر المختلفة مثل التساقط والجفاف والقشرة.
وفي عام 2017م، وبعد اختبار جميع المنتجات، سجلت السلامية جميع منتجاتها في المديرية العامة للمواصفات والمقاييس، وبدأت بتسويقها في المعارض ومنصات التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن هذه المنتجات لاقت قبولًا كبيرًا حتى أصبحت تباع في الصيدليات والمحلات التجارية ومراكز التجميل.
وشددت على أن رأس المال والتخطيط كانا من أبرز التحديات في بداية المشروع، وأشارت إلى أنها استعانت بمركز الزبير للمؤسسات الصغيرة الذي قدم لها الدعم والإرشاد، وبعد الفوز بجائزة الدعم المباشر من المركز في عام 2017م تمكنت من تجاوز العديد من العقبات، منها عدم التفرغ للمشروع وثقة العملاء في المنتجات الطبيعية.
وللتغلب على العقبات واستمرارية التطور والتطوير ذكرت السلامية أنها سافرت إلى الهند للحصول على شهادة تدريبية في مجال صنع صبغات الحناء، وأنها قامت بجولات في المحافظات ودول الخليج للترويج لمشروعها.
وعن المكونات الأساسية لخلطاتها، ذكرت أن الحناء العماني هو العنصر الرئيسي، بالإضافة إلى مكونات نباتية وعشبية مثل البابونج والكركم والشاي والقهوة، مشيرة إلى أن منتجاتها مشهورة بالحناء السائل التي يسهل استخدامه.
أما عن جودة المنتجات، فأكدت أنها تضمنها من خلال اختيار المكونات الطبيعية من مصادر موثوقة واختبارها في مختبرات محلية حسب دليل المديرية العامة للمواصفات والمقاييس، مؤكدة أن هذا الاختبار يُعَاد إجراؤه سنويًا لضمان الحفاظ على الجودة.
وأشارت إلى أن هناك طلبًا متزايدًا على المنتجات الطبيعية؛ نظرًا لانتشار الأمراض الخبيثة التي دفعت الناس للتفكير في مسبباتها والبحث عن منتجات أكثر أمانًا، وأن مشروعها استمر في النمو بفضل هذا التحول العالمي نحو المنتجات الطبيعية.
وعن استقبال العملاء لمنتجاتها في البداية، ذكرت أن تجربتها الشخصية وشهادات التدريب والترخيص سهلت إقناع الكثيرين بتجربة منتجاتها، وأوضحت أن العديد من زبائنها الذين تأثر شعرهم بمنتجات التمليس الكيميائية بدأوا في استخدام خلطاتها للعناية بالشعر.
وفيما يخص نصائحها للعناية بالشعر بمنتجات طبيعية، قالت: ”ثروات الأرض هي لنا لنستغلها بالطرق المثلى، فالطبيعة هي اليد الحنون التي تجدون منها كل ما يخدم جمالكم وعنايتكم الشخصية.“
وحول تقييمها للنجاح حتى الآن، أكدت أن استمرارية المشروع دليل على نجاحه، وأن من طموحاتها بناء مصنع والانتشار عالميًا، فلديها خطط لتوسيع منتجاتها لتشمل مجالات أخرى مثل العناية بالبشرة.
وفيما يتعلق بالمنافسة في السوق، أشارت إلى أن ”الأصالة وجودة المنتج تحكم“، وأن تصنيع منتجاتها يتم بصورة آلية مع اهتمام كبير بالتعقيم والنظافة، وأنها الوحيدة التي تقدم الحناء السائل المرخص في السوق.
وفي ختام حديثها مع ”أثير“، تحدثت زعيمة السلامية عن مشاركتها في المسابقات، موضحة أن تلك المسابقات ساعدتها على نشر الوعي بمشروعها وإثبات جدارته، وأن التحديات التي تواجه المشروعات الصغيرة، مثل رأس المال والتفرغ والإدارة، تتطلب الدعم المالي والاستشاري للتغلب عليها.
