أثير- جميلة العبرية
نلحظ كثيرًا تزايد إقبال الأطفال وحبهم للعب بالبالونات خصوصًا المعبأة بغاز الهيليوم التي يستطيع الطفل تحليقها عاليًا، لكن نقرأ بين الحين والآخر التحذيرات من خطورة ذلك الغاز، حيث يؤكد مختصون أضراره الصحية على الطفل وغير الطفل.
الدكتورة سعاد بنت سعيد البلوشية عضوة هيئة التدريس في برنامج طب الطوارئ بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية قالت لـ “أثير” بأن بالونات الهيليوم من الألعاب الترفيهية الشائعة؛ لكنها قد تكون خطيرة في بعض الأحيان خصوصًا عند استنشاق الغاز منها، فعلى الرغم من أن الهيليوم غاز خامل وغير سام، فإن استنشاقه بدلًا من الهواء الطبيعي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك الوفاة في بعض الحالات.
وبينت الدكتورة أن استنشاق الهيليوم يُسبب نقصًا في الأكسجين بالجسم؛ مما يؤدي إلى حالة تُعرف بنقص التأكسج، ففي إحدى الدراسات، أُجري تقييم لحالتين انتحاريتين ناجمتين عن استنشاق الهيليوم، وأظهرت الفحوصات وجود كميات كبيرة من الغاز في الأوردة والشرايين، مما أدى إلى الوفاة بسبب نقص الأكسجين.
وذكرت الدكتورة أن استنشاق الهيليوم يمكن أن يؤدي إلى عدة أعراض، منها:
1. زيادة خطر الاختناق.
2. الدوار والإغماء: نتيجة نقص الأكسجين في الدماغ، مما قد يؤدي إلى الإغماء أو فقدان الوعي.
3. تمزق الرئة: استنشاقه يمكن أن يسبب تمزقًا في الرئة بسبب الضغط العالي، مما قد يؤدي إلى الوفاة .
وأشارت الدكتورة إلى أن بعضهم يلجأ إليه كمادة تساعده في قتل نفسه “الانتحار” وهو ما تشير إليه التقارير، وأظهرته إحدى الدراسات بازدياد “الانتحار” عن طريق هذا الغاز بصورة ملحوظة في العقود الأخيرة بسبب توافر الغاز وسهولة الوصول إليه.
وبالإضافة إلى المخاطر الصحية المرتبطة باستنشاق الهيليوم، بينت الدكتورة أن استخدام بالونات الهيليوم له تأثيرات بيئية سلبية متعددة، سواء عند إطلاقها في الهواء أو التخلص منها بصورة غير صحيحة، ومن ذلك:
1. التلوث البلاستيكي:
تُصنع معظم البالونات من مواد غير قابلة للتحلل الحيوي مثل اللاتكس أو البلاستيك؛ مما يجعلها مصدرًا للتلوث البلاستيكي عند التخلص منها في البيئة، وتستغرق هذه المواد سنوات طويلة للتحلل وتؤثر سلبًا على الحياة البرية والأنظمة البيئية، إذ يمكن أن تتسبب في انسداد المجاري المائية أو تدخل في السلسلة الغذائية عند تناولها من قبل الحيوانات البحرية والطيور.
2. خطر على الحياة البحرية:
عند إطلاق البالونات في الهواء، فإنها غالبًا ما تسقط في المحيطات والبحار، حيث يمكن أن تبتلعها الحيوانات البحرية مثل السلاحف والأسماك، مما يؤدي إلى انسداد الجهاز الهضمي والموت، ووفقًا لدراسة أجريت حول تلوث المحيطات، تُعد البالونات المهملة من بين أكثر المواد البحرية المميتة للحياة البحرية.
3. نفاد موارد الهيليوم:
يُعد الهيليوم موردًا غير متجدد، وهو يُستخدم في العديد من التطبيقات الحيوية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي وأبحاث الفضاء، واستخدامه المفرط في بالونات الاحتفالات يُسهم في نفاد هذه الموارد المهمة التي يحتاجها المجال العلمي والصناعي، وتشير الدراسات إلى أن موارد الهيليوم تتناقص بسرعة، مما يؤدي إلى زيادة أسعار الهيليوم المستخدم في المجالات العلمية والطبية.
4. الإضرار بالنظم البيئية الأرضية:
بعد انفجار البالونات أو التخلص منها بصورة غير صحيحة، قد تتشتت قطعها في الطبيعة؛ مما يؤدي إلى تلوث التربة والإضرار بالنباتات والحيوانات. كما يمكن أن تعلق هذه القطع في الأشجار أو تتجمع في المناطق الطبيعية، مما يُفسد الجمال الطبيعي ويؤثر على الحياة البرية.
واختتمت الدكتورة حديثها لـ“أثير” قائلة:” يوصي الخبراء بتجنب استنشاق الهيليوم من البالونات أو الأسطوانات، وتجنب تعريض الأطفال له، وفي حال حدوث أي أعراض مثل الدوار أو ضيق التنفس بعد استنشاقه يجب طلب المساعدة الطبية على الفور، ومن الضروري أيضًا تنبه الأمهات والآباء لهذه الظاهرة، التي يتعرض لمضاعفاتها كثيرون يترددون على طوارئ المستشفيات، فبالونات الهيليوم قد تبدو غير ضارة، لكن استنشاق الغاز يمكن أن يُعرض الشخص لمخاطر صحية خطيرة قد تصل إلى الوفاة، وهي تشكل خطرًا بيئيًا كبيرًا، يتراوح بين التلوث البلاستيكي وخطرها على الحياة البحرية إلى الإسراف في استخدام موارد الهيليوم غير المتجددة، ومن المهم تقليل استخدامها والبحث عن بدائل مستدامة لحماية البيئة.