أخبار

ما أبرز الجوانب الإيجابية بعد عام على طوفان الأقصى؟

طوفان الأقصى

أثير - ريما الشيخ

مثّلت معركة “طوفان الأقصى”، التي انطلقت في السابع من أكتوبر 2023، نقطة تحوّل كبيرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. على الرغم من المأساة الإنسانية الكبيرة التي لحقت بقطاع غزة وسكانه، فقد كشفت الحرب عن جوانب إيجابية تستحق تسليط الضوء عليها.

أظهرت هذه الحرب قدرة المقاومة الفلسطينية على إلحاق خسائر غير متوقعة بجيش الاحتلال. فقد حققت حركة حماس نجاحًا عسكريًا في الأيام الأولى من القتال، حيث برز تطوّر كبير في تكتيكات المقاومة، وقدرتها على مواجهة جيش يمتلك تقنيات عسكرية متطورة. استخدمت حماس أساليب جديدة في الهجوم، شملت التوغلات المفاجئة والسيطرة على مواقع إستراتيجية داخل الأراضي المحتلة، مما هز ثقة العديد في قدرة الجيش الإسرائيلي على حماية أمنهم.

إلى جانب الإنجازات العسكرية، أسفرت الحرب عن تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية بين الفصائل التي كانت تعاني من انقسامات حادة لسنوات. نجحت الفصائل في توحيد صفوفها والتعاون لمواجهة العدوان، من خلال التنسيق الميداني بين مختلف الفصائل في الضفة الغربية وقطاع غزة. هذه الخطوة قد تؤسس لتحالفات استراتيجية قوية في المستقبل، وتسهم في تعزيز إمكانيات التوافق السياسي بين تلك الفصائل.

على الصعيد الدولي، وضعت الحرب إسرائيل تحت وطأة انتقادات واسعة، حيث واجهت الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا غير مسبوقة من الدول الكبرى ومنظمات حقوق الإنسان بسبب الحملة العسكرية التي شنتها على غزة. خاصة مع صور الدمار الكبير وارتفاع أعداد الضحايا، التي تجاوزت خمسين ألفًا بين شهيد ومفقود، معظمهم من المدنيين.

استمرار الانتهاكات في غزة دفع المجتمع الدولي للتحرك بشكل أكبر لمطالبة إسرائيل بالالتزام بالقوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين. كما أسهمت الحرب في تعزيز الجهود الدولية لإنهاء الحصار المفروض على غزة منذ سنوات، وهو مطلب تزايد حضوره في الأوساط الدبلوماسية نتيجة تفاقم الوضع الإنساني في القطاع.

إنسانيًا، أسهمت الحرب في تعزيز التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني. حيث انطلقت حملات دولية لدعم غزة إنسانيًا وسياسيًا، موجّهة أنظار العالم إلى معاناة سكان القطاع المحاصر. تدفقت المساعدات الإنسانية رغم التحديات الميدانية الكبيرة، وشهدت الفترة تضامنًا واسعًا من الشعوب حول العالم، التي نظّمت احتجاجات ومظاهرات تطالب بوقف الحرب وتقديم الدعم للفلسطينيين. هذا التضامن الدولي شكّل ضغطًا إضافيًا على الحكومات الغربية، التي وجدت نفسها مضطرة لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل.

في الداخل الإسرائيلي، أحدثت الحرب تغييرات ملموسة في المشهد السياسي. رغم قوة الجيش الإسرائيلي وتفوقه التكنولوجي، ارتفعت العديد من الأصوات داخل إسرائيل مطالبة بإعادة تقييم السياسة المتبعة تجاه غزة. تصاعدت الضغوط الداخلية نتيجة الخسائر التي تكبدها الجيش، إلى جانب الضغوط الدولية المتزايدة، ما دفع بعض المحللين والمفكرين إلى الدعوة لإيجاد حلول سياسية للصراع بدلاً من الاعتماد المستمر على النهج العسكري. هذه الدعوات قد تكون بداية لتحول في التفكير السياسي الإسرائيلي بشأن كيفية التعامل مع الفلسطينيين مستقبلاً.

ورغم المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب على غزة، فقد كشفت الأحداث عن جوانب إيجابية مهمة، مثل تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وزيادة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، وإظهار محدودية الحلول العسكرية للصراع. إذا تم استثمار هذه التطورات بشكل صحيح، فقد تشكل أساسًا لتحقيق تقدم سياسي ودبلوماسي في المستقبل، يسهم في تعزيز حقوق الفلسطينيين والتخفيف من معاناتهم.

Your Page Title