خاص-أثير
أوضَحتْ نتائج دراسة عمانية حديثة بأن الأندلس تمثَّلتْ في الأدب العُماني المعاصر في مُعادل موضوعي يعكس تصورًا ذهنيًا ذا قيمة شعورية عند الأديب العُماني تباينت بين اعتزاز بما شاهده في إسبانيا اليوم، ومشاعر حسرة على زوال الحضور العربي، وتبلور إحساس الأديب العماني بقيمة الأندلس في نماذج أدبية متباينة، منها في أشعار: سعيد الصقلاوي، وعبد الرزاق الربيعي، وموشحات عبدالله الخليلي، وفي موشح (قِفْ بنا نبكِ دموع المَيْتم)، وحضرتْ الأندلس في النثر العماني المعاصر في نماذج منها: رواية (سِرُّ الموريسكي) لمحمد العجمي، وضمن نماذج أدبية تندرج تحت أدب الرحلة، منها: (الأندلس تطواف بين زمنين) لسعود الحارثي، و(عين وجناح: رحلات في الجُزر العذراء، زنجبار، تايلاند، فيتنام، الأندلس، والربع الخالي) لمحمد الحارثي.
وأكَّدت الدراسة التي أعدها الدكتور زاهر الغسيني أن الأندلس كانت معادلًا موضوعيًا في الأدب العُماني المعاصر بما عكس تصورًا ذهنيًا ذا قيمة شعورية عند الأديب العُماني، واستوعب النتاج الأدبي العُماني -من خلال نماذجه المختارة في البحث- قيمة الأندلس بكل نتاجها ومعطياتها وسياقاتها الزمانية، بما يُثبت وعي الأديب العُماني بقيمة الأماكن والشخصيات الأندلسية، فاستحضر: ”قرطبة، غرناطة، إشبيلية،..“ في متناقضات مشاعرية كشفتها الصورة الذهنية، واستحضر الشخصيات الأندلسية: عبد الرحمن الداخل، أبو عبد الله الصغير، بما يُثبت وعي الأديب العُماني بقيمة هذه الشخصيات التي منحتْ نصوصه الأدبية طاقات تعبيرية تؤثر في المتلقي للنص.
وتكمن أهمية الدراسة في تقديمها دراسة جديدة تربط الأدب العُماني المعاصر بالأدب الأندلسي، بوصف الأندلس مُعطى جغرافيا احتضن العقلية العربية التي أبدعتْ في تلك البقعة من أوروبا، حيث لم يعثر الباحث على دراسات معمقة تناولت الصورة الذهنية للأندلس في الثقافة العُمانية، مع وجود بعض المقالات التي أشارت إلى حضور الموشح في إطارها العام عند الشاعر عبد الله الخليلي، منها محاضرة افتراضية قدَّمها النادي الثقافي في سلطنة عُمان بعنوان: (الموشحات في شعر الشيخ عبد الله الخليلي) في 14 أغسطس2021م.
وخلصت الدراسة التي نشرتها مجلة دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة الأردنية إلى أن الأديب العُماني طوَّعَ الأندلس بشخصياتها وأماكنها رمزًا لخدمة هدفه ورؤاه، وسَخَّرَ بُعدها العمراني وجمالها الحضاري لخدمة المعنى؛ إذ استحضر الأماكن الأندلسية: قرطبة، غرناطة، إشبيلية،.. ومقارنتها الزمانية والحالية في متناقضات مشاعرية كشفتها الصورة الذهنية، واستحضر الأديب العماني أيضًا الشخصيات الأندلسية، منها: عبد الرحمن الداخل، أبو عبد الله الصغير، بما يُثبت وعي الأديب العُماني بقيمة الأماكن والشخصيات الأندلسية، التي منحتْ نصوصه الأدبية طاقات تعبيرية تؤثر في المتلقي للنص، خاصة وأنها شخصيات وأماكن لها قيمتها الوجدانية، فاتخذها الأديب العماني رمزًا للتعبير عن موقفه الذاتي تجاه قضايا الواقع وفقًا لرؤيته الخاصة، وأوصت الدراسة بتشجيع الباحثين على الاقتراب أكثر من الدراسات الأندلسية وربطها بالأدب العماني بهدف الوقوف على جوانب الاتفاق والاختلاف بين الأدبين الأندلسي والعُماني، والكشف عن الإبداع والخصوصية التي يحملها كل أدب.