أثير-جميلة العبرية
تمتد جذور العلاقات العمانية التركية إلى أعماق التاريخ، متجاوزة حدود الزمان والمكان، وقال سعادة “البروفيسور الدكتورمحمد حكيم أوغلو سفير الجمهورية التركية لدى سلطنة عُمان بأن العلاقات بين البلدين بدأت منذ حملة السلاجقة في القرن الحادي عشر، وبلغت ذروتها خلال الحقبة العثمانية، حيث قدمت البحرية العثمانية دعمًا كبيرًا لعُمان في مواجهة الاحتلال الأجنبي، فيما أسهمت سلطنة عمان عبر إرسال أسطولها البحري بفك الحصار عن مدينة البصرة وتحريرها.
وفي حوار مع “أثير” أكد سعادة السفير التركي أن الشراكة الإستراتيجية جعلت البلدين حليفين مهمين في مواجهة التهديدات المشتركة، حيث تبادل سلاطينهما رسائل مفعمة بالاحترام والمودة، معتمدين على التعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية لتعزيز الأمن والاستقرار.
وأضاف: “العلاقات لم تكن سياسية أو عسكرية فقط، بل تجاوزت ذلك إلى بناء روابط ثقافية واجتماعية بين الشعبين، ما أوجد علاقات عائلية مستدامة، ومع تأسيس العلاقات الدبلوماسية في عام 1973، افتُتحت السفارة العمانية في أنقرة عام 1985 والسفارة التركية في مسقط عام 1986، ما أضفى بُعدًا رسميًا ومؤسسيًا لهذه العلاقة المتينة”.
وأوضح سعادة السفير أن الشركات التركية تعمل على تنفيذ مشروعات حيوية في سلطنة عمان، مثل الطرق السريعة والسدود والمشروعات السكنية، مؤكدًا استمرار التعاون المشترك لتنفيذ مشاريع بنية أساسية جديدة تخدم البلدين، حيث إن العلاقات الاقتصادية بين تركيا وسلطنة عمان شهدت نموًا ملحوظًا خلال العقد الأخير، وبخاصة في قطاعي البناء والصناعات الدفاعية.
وبين سعادته أن سلطنة عمان أبدت اهتمامًا كبيرًا بالمنتجات الدفاعية التركية، مشيدة بجودتها وكفاءتها، حيث زار معالي الأمين العام لوزارة الدفاع تركيا في أكتوبر 2024م للمشاركة في معرض “SAHA Expo” للصناعات الدفاعية، وأجرى حينها لقاءات مع كبار المسؤولين الأتراك، بينهم وزير الدفاع الوطني ورئيس رئاسة الصناعات الدفاعية، إضافة إلى زيارات ميدانية للشركات الدفاعية للتعرف على إمكاناتها.
وذكر سعادته بأن اللجنة العمانية التركية المشتركة عقدت اجتماعها الأخير في أنقرة في نوفمبر 2022م، وأسفر الاجتماع عن اتفاقيات جديدة شملت مجالات التعليم والصحة والزراعة والإعلام، مؤكدًا أن الجولة القادمة من الاجتماعات ستُعقد في مسقط قبل نهاية العام الجاري، إلى جانب المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية.
وبين أن هذه الاجتماعات ستسهم في تعزيز العلاقات الثنائية، مع التطلع إلى ما بعد توقيع الاتفاقيات التي ستخدم المصالح المشتركة وتعزز التعاون في مجالات متنوعة.
وفيما يتعلق بالطاقة، قال سعادته بأن الاتفاقيات الموقعة بين شركة “بوتاش” التركية وشركة “أو مان إل إن جي” العمانية ستفتح آفاقًا جديدة للتعاون في هذا المجال، وبموجب الاتفاقية، ستزود سلطنة عمان تركيا بمليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا لمدة عشر سنوات ابتداءً من عام 2025، ما يعزز أمن الطاقة وتنوع مصادرها للطرفين.
أما التعاون السياحي فذكر سعادته بأنه شهد تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة، حيث بلغ عدد السياح العمانيين الذين زاروا تركيا نحو 100,000 ألف عماني في عام 2023م، وأشار إلى أن الحكومة التركية أصدرت مرسومًا يعفي المواطنين العمانيين من تأشيرة الدخول إلى تركيا، مع العمل على تسهيل دخول الأتراك إلى سلطنة عمان قريبًا، ما يعزز التبادل السياحي والاقتصادي.
وأكد سعادته أن كلا البلدين يؤديان دورًا محوريًا في دعم الاستقرار الإقليمي، مشيرًا إلى موقفهما المشترك بشأن القضية الفلسطينية، ودعمهما للجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم في فلسطين. وأضاف: “نحن فخورون بتبني مواقف موحدة مع سلطنة عمان، التي تُعد جزيرة استقرار بفضل سياساتها الخارجية المتوازنة وعدم انحيازها في النزاعات”.
واختتم سعادة السفير التركي حديثه لـ “أثير” مؤكدًا أهمية زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- إلى تركيا، واصفًا إياها بالزيارة التاريخية التي ستفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين، وقال: إن ما شهد من توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم سيعزز الشراكة في مجالات التعليم، والصحة، والدفاع، والطاقة، وسيسهم في زيادة التبادل التجاري وتوثيق العلاقات بين رجال الأعمال، مما ينعكس إيجابًا على العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين البلدين.