أثير - ريما الشيخ
في زوايا الحياة، تبرز قصص لأبطال يواجهون الواقع بكل شجاعة، يصنعون من المحن نجاحات ملهمة، يثبتون أن القوة الحقيقية تكمن في الإرادة. قصتنا اليوم عن الشابة مريم بنت محمد بن سعيد الرحبية، التي حولت تحدياتها إلى مصدر للأمل والطموح، وأصبحت نموذجًا يُحتذى به.
طفولة مليئة بالتحديات
وُلدت مريم في أسرة متواضعة، عاشت طفولة دافئة، لكنها واجهت نقطة تحول حاسمة عندما أصيبت بشلل الأطفال في سن الرابعة. هذا المرض أثّر على الجانب الأيمن من جسدها وجعل النطق تحديًا إضافيًا.
رغم الجهود التي بذلتها أسرتها، عانت مريم من صعوبات يومية في أداء أبسط المهام، مثل الحركة وتناول الطعام. ومع وفاة والدها، زادت المسؤوليات على والدتها التي وجدت نفسها المعيلة الوحيدة لتسعة أطفال دون دخل ثابت.
رحلة التعليم
كانت مريم تطمح دائمًا إلى التعليم، رغم ظروفها الصعبة. بدأت رحلتها التعليمية في مركز تأهيل للمعاقين، حيث تعلمت القراءة والكتابة ومهارات حرفية بسيطة. بفضل إصرارها ودعم عائلتها، أكملت المرحلة الابتدائية.
لم يتوقف طموحها عند هذا الحد؛ التحقت بالمرحلة الإعدادية رغم التحديات الكبيرة، خصوصًا في الكتابة والحركة. واجهت صعوبات هائلة، لكنها تخطتها بفضل الدعم المتواصل من والدتها وأختها.
العمل والتطوع
بعد إنهاء تعليمها الأساسي، حاولت مريم العمل في مصنع للخياطة، لكنها وجدت صعوبة بسبب إعاقتها. ومع ذلك، لم تدع الإخفاق يُثنيها عن مسيرتها. انضمت إلى جمعية لرعاية الأطفال ذوي الإعاقة، وهناك بدأت رحلتها في التطوع.
تعلمت التحدث بلغة الإشارة، وبدأت بتطوير مهاراتها في التعليم والتواصل مع الأطفال. سرعان ما أصبحت مسؤولة عن تعليمهم في الجمعية، ووجدت شغفها الحقيقي في دعم هؤلاء الأطفال الذين يواجهون تحديات مشابهة.
إنجازات ملهمة
اليوم، تعمل مريم كمعلمة للأطفال ذوي الإعاقة في الجمعية. تعلمت استخدام الحاسب الآلي وأتقنت التصميم والخياطة. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت مبدعة في تصميم الميداليات والتحف الصغيرة باستخدام الرزين، وهو ما يبرز موهبتها الفريدة وإبداعها.
رسالة شكر وامتنان
في ختام حديثها مع “أثير”، وجهت مريم رسالة شكر لوالدتها التي كانت السند الأكبر لها وللجمعية التي دعمتها ومنحتها فرصة تطوير مهاراتها. كما دعت الجميع إلى عدم الاستسلام للتحديات، قائلة: “لا تجعل إعاقتك عائقًا، بل اجعلها سلمًا للصعود نحو المستقبل.”
طموحات المستقبل
تحلم مريم في الحصول على تأهيل جامعي يمكنها من تقديم المزيد للأطفال ذوي الإعاقة، وتطمح إلى إيصال رسالتها إلى الجميع، لتكون مصدر إلهام لكل من يواجه تحديات في حياته.