أثير - ريما الشيخ
في تطور قانوني يعكس حرص سلطنة عمان على تعزيز منظومة العدالة الجنائية وتحقيق التوازن بين الردع والإصلاح، أُصدر المرسوم السلطاني السامي رقم (11/2025) بتاريخ 7 يناير الجاري، تعديلًا للمادة (71) من قانون الجزاء العماني، حيث يأتي هذا التعديل ليضع أطرًا أكثر وضوحًا وصرامة للتعامل مع الجرائم الخطيرة، مع الحفاظ على المرونة اللازمة لتطبيق العدالة الإصلاحية.
وقال المحامي خليفة بن مرهون الرحبي، نائب رئيس جمعية المحامين العمانية لـ“أثير” بأن هذا التعديل يهدف إلى تحسين أداء النظام القضائي وتحقيق التوازن بين العدالة العقابية والعدالة الإصلاحية.
النص الجديد: ما الذي تغيّر؟
أوضح الرحبي بأن التعديل جاء ليضيف أبعادًا جديدة إلى المادة (71) من قانون الجزاء العماني التي كانت تتيح للمحكمة إمكانية وقف تنفيذ عقوبة الغرامة أو السجن الذي يقل عن 3 سنوات، وفقًا لمعايير شخصية وأخلاقية متعلقة بالمحكوم عليه، مع شمولية وقف التنفيذ لبعض الآثار الجزائية.
وأضاف: النص الجديد أضاف أطرًا أكثر وضوحًا وتحديدًا من خلال استثناء بعض الجرائم الخطيرة ووضع ضمانات إضافية، فوفقا للتعديل، أصبحت المادة تنص على استثناء الجرائم ذات الخطورة العالية:
- الجرائم المتعلقة بأمن الدولة.
- الجرائم التي تمس هيبة الدولة.
- جرائم الإرهاب وتمويله.
وأكد بأن استبعاد هذه الجرائم من إمكانية وقف التنفيذ يعكس توجهًا حازمًا لدى المشرع في سلطنة عمان لحماية الأمن الوطني وهيبة الدولة، والتركيز بصورة جادة في التصدي للجرائم التي تمثل تهديدًا خطيرًا للمجتمع.
دلالات التعديل
أوضح الرحبي بأن التعديل الجديد يحمل دلالات عميقة، منها:
-حماية الأمن الوطني: فاستثناء الجرائم المتعلقة بأمن الدولة وهيبتها وجرائم الإرهاب يؤكد أولوية حماية المجتمع واستقراره، وهذا يعكس رسالة واضحة أن الدولة تتبنى موقفًا حازمًا ضد التهديدات الكبرى.
-مرونة قانونية مدروسة: فالنص المعدل يمنح القضاة أدوات إضافية لاتخاذ قرارات أكثر دقة وإنصافًا، كذلك شمولية وقف التنفيذ للعقوبات التبعية أو التكميلية، باستثناء المصادرة، يعزز من قدرة المحكمة على موازنة العقوبة مع ظروف المحكوم عليه
-تعزيز العدالة الإصلاحية: لأن التعديل وبرغم استثنائه لثلاثة أنواع من الجرائم إلا أنه ما زال يعكس رؤية شمولية تستهدف إصلاح المحكوم عليه أكثر من الاقتصار على عقابه، فمن خلال تقييم ظروفه الشخصية وأخلاقياته، يمنح القضاء فرصة لإعادة دمج المحكوم عليه في المجتمع، ما يقلل من احتمالية العودة للجريمة.
وأوضح الرحبي بأن هذا التعديل يُظهر حرص المشرّع العماني على حماية المجتمع من جهة، وإعادة تأهيل الأفراد من جهة أخرى، ومثّل خطوة قانونية متقدمة تعكس التزام سلطنة عمان بمواكبة متطلبات العصر وتعزيز العدالة بجميع أبعادها، من خلال استثناء الجرائم الخطيرة ومنح القضاة أدوات أكثر مرونة في التعامل مع الجرائم البسيطة.
وفي ختام حديثه مع “أثير” قال نائب رئيس جمعية المحامين العمانية : نحن متفائلون بمستقبل العدالة الجنائية في السلطنة، فمثل هذه التعديلات تعزز ثقة المجتمع بالنظام القضائي كونها تجمع بين الصرامة مع الجرائم الخطيرة والمرونة مع الحالات التي تستحق فرصة ثانية. كما أنها تضع السلطنة في مصاف الدول التي تتبنى نظما قضائية حديثه تقوم على إصلاح الجناة وحماية المجتمع، آملين أن يكون هذا التعديل بداية لمراجعات أخرى تواكب
التطورات المجتمعية والقانونية؛ فالعدالة ليست في العقوبة بل في تحقيق التوازن بين ردع الجريمة وإصلاح الجناة .