مسقط - أثير
افتُتح صباح اليوم بالعاصمة الهندية نيودلهي المعرض الوثائقي: ”العلاقات العُمانية الهندية“، الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والأرشيف الوطني الهندي، ويستمر ثلاثة أيام.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/OZKB4HXHN5C43MWGS367SOXP6Y.jpg?auth=90a57e7ec3a005113be0748ac6478e0555362177462c8d24387121f0ee49b956&width=800&height=533)
يضم المعرض عدد من الوثائق والصور والخرائط تتناول حقبًا زمنية وتاريخية مختلفة، تعكس بدورها الإرث والمكنون الحضاري والتاريخي والثقافي الذي تزخر به سلطنة عُمان وجمهورية الهند في مختلف العصور وتشمل جميع جوانب الحياة، كما يهدف المعرض الوثائقي إلى إبراز الوجود والأثر العُماني الهندي في البلدين، تأكيدًا على عمق العلاقات التاريخية وترسيخًا للقيم الأصيلة التي ما تزال آثارها حاضرة إلى اليوم.
![](https://atheer-atheer-prod.web.arc-cdn.net/resizer/v2/4YV4ZMI7TFC6NFCRO2TXLDOYAI.jpg?auth=6bf68b2a674dc70f401f676ae097d776df656f83b792793f0584795ac625bc00&width=800&height=533)
رعى حفل الافتتاح سعادة آرون سنغال المدير العام للأرشيف الوطني الهندي، حيث أشار في كلمة الافتتاح إلى عمق العلاقات التاريخية والارتباط الحضاري والثقافي المشترك بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند منذ القدم، مؤكدًا أن للبلدين ارتبطًا عبر بحر العرب لأكثر من خمسة آلاف عام، وتبادل الشعبان العُماني والهندي الصديقان طوال هذه المدة السلع والخدمات والأفكار والجوانب الحضارية والثقافية المشتركة، ومؤكدًا سعادته على أهمية الوثائق المشتركة بين البلدين التي عادت لتبرز تاريخ سلطنة عُمان والهند ودورهما الملاحي والتجاري والثقافي في المنطقة.
حضر حفل الافتتاح سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وسعادة عيسى بن صالح الشيباني سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية الهند، وعدد من أصحاب السعادة سفراء الدول العربية والأجنبية وشخصيات حكومية وعلمية وفكرية ورجال الأعمال والمثقفين والاكاديمين، ومسؤولون من الجانبين العُماني والهندي.
وألقى سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كلمة قال فيها: تشهد العلاقات الثنائية بين البلدين تطورا ملحوظا وتعاونا وثيقا أسهمت في إيجاد شراكات استراتيجية مبنية على الثقة والاحترام المتبادل عززتها علاقات حضارية وتاريخية ضاربة في أعماق التاريخ، وأضاف سعادة الدكتور: إن الوثائق والمراسلات تبرز الأهمية التاريخية الكبيرة للعلاقة بين سلطنة عُمان والهند التي أوجدت إرثًا دائمًا ينعكس في النسيج الثقافي والاجتماعي لكلا البلدين، كما أن هذا الارتباط العريق الذي يعود إلى أكثر من خمسة الآف وضع الأساس لعلاقة متينة مبنية على الاحترام والتفاهم المتبادل، حيث يستمر البلدان اليوم في تعزيز هذه العلاقات من خلال اتفاقيات استراتيجية ومشاريع تنموية مشتركة تدعم المصالح المشتركة وتساهم في استقرار وازدهار البلدين.
ويأتي المعرض الوثائقي ”العلاقات العُمانية الهندية“ ليجسّد الإسهامات الحضارية للبلدين، حيث يضم مجموعة من الوثائق المهمة التي توثق الدور الحضاري والتاريخي للبلدين عبر حقب زمنية مختلفة، ودورهما في الإسهام الحضاري للحضارة الإنسانية، إلى جانب التعريف بالدور التاريخي والحضاري الذي قامتا به عبر حقب زمنية مختلفة. كما يسلط المعرض الضوء على العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان والجمهورية الهندية ويستعرض عددًا من الوثائق التاريخية والرسائل والبرقيات الدبلوماسية بين البلدين، كما ثمّن سعادته جهود سفارة سلطنة عُمان بجمهورية الهند في تعزيز العلاقة الأخوية القائمة على التعاون.
من جانبه ألقى سعادة عيسى بن صالح الشيباني سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية الهند الصديقة كلمة أكد فيها على أهمية التعاون بين هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والأرشيف الوطني الهندي بالتنسيق مع السفارة العُمانية بهدف الحفاظ على الإرث والتراث المشترك بين البلدين الصديقين وإبراز الروابط التاريخية التي استمرت عبر العصور. وأشار سعادة السفير إلى أن العلاقات والتعاون المشترك بين سلطنة عُمان والهند تشهد أيضًا تطورًا ثقافيًّا قويًّا من خلال التعاون الأكاديمي والمعارض الفنية والسياحة، ويعكس هذا التطور الاهتمام المتزايد بين البلدين بالحفاظ على الروابط التاريخية والثقافية، مما يعزز علاقاتهما في المستقبل.
ويحوي المعرض عدة أركان رئيسة تستعرض تاريخ عُمان والهند والتطورات السياسية تاريخيًّا إلى العصر الحديث، ومراسلات وخرائط وشواهد توثق تاريخ البلدين في مختلف المجالات، والزيارات المتبادلة، بالإضافة إلى سرد العلاقات الدبلوماسية والودية بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند؛ حيث تمتد العلاقات بين الهند وسلطنة عُمان إلى حوالي خمسة آلاف عام، تميزت بالتبادل التجاري والثقافي والتأثير المتبادل؛ فقد ربط بحر العرب البلدين جغرافيًّا وتاريخيًّا وثقافيًّا، مما أدى إلى نشوء علاقات ودية عميقة تعود جذورها إلى الروابط التجارية البحرية التاريخية، وتطورت هذه الروابط عبر طرق التجارة القديمة والتعاون البحري والصلات الاجتماعية، لتشكل أساس العلاقة المستمرة بين البلدين.
وتشير الأدلة الأثرية من مواقع مثل رأس الحد في عُمان إلى وجود روابط تجارية مع حضارة وادي السند (حوالي 2500 ق.م)؛ حيث كان التجار الهنود يتبادلون التوابل والمنسوجات والأحجار الكريمة مقابل اللبان العُماني والتمور والنحاس، التي كانت تحظى بتقدير كبير في العالم القديم، واستمرت المصالح المشتركة بين الهند وعُمان في النمو، حيث ازدهرت التجارة المشتركة خلال أزمنة حكم إمبراطوريات قوية مثل المغول في الهند وسلالة اليعاربة في عُمان، وكان تأثير التبادلات التجارية ظاهرا في العمارة والأطعمة واللغة في كلا البلدين، بينما ساهم التجار العُمانيون في نشر الثقافة العربية والإسلام إلى الهند.
عصر الاستعمار الأوروبي
مع وصول القوى الاستعمارية الأوروبية في القرن السادس عشر، تغيرت طبيعة العلاقات العُمانية الهندية، فقد استعاد العُمانيون قوتهم البحرية تحت حكم أسرة البوسعيد في القرن الثامن عشر، بينما أقامت شركة الهند الشرقية البريطانية معاهدات دبلوماسية مع الحكام العُمانيين لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية.
العصر الحديث
كانت العلاقات بين البلدين بعد تحقيق الاستقلال متواضعة نسبيًّا ولكنها أساسية، حيث لعبت عُمان في عهد السلطان سعيد بن تيمور دورًا محايدًا وحذرًا في السياسة الإقليمية، ومع ذلك ظلت الروابط الثقافية والتاريخية والتجارية بين البلدين قوية، وقد تأسست العلاقات الدبلوماسية مع عُمان رسميًّا من قبل حكومة الهند في عام 1955م، ولا شك أن عُمان تشكل ركيزة أساسية لسياسة الهند في غرب آسيا، لذلك اكتسبت المشاركة السياسية بين البلدين شكلًا أكثر استراتيجية وتحولت العلاقات الثنائية التاريخية بين الهند وسلطنة عمان لتصبح شراكة استراتيجية تحديدا في نوفمبر 2008م.
تطورت العلاقات لتصبح شراكة استراتيجية، لا سيما في مجالات الطاقة والدفاع؛ حيث تعد عمان موردًا رئيسا للنفط والغاز الطبيعي للهند، كما تتعزز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات منها الصحة والتعليم.