الأولى

هل تساءلت يومًا لماذا تجذبك الأطعمة غير الصحية؟

الأطعمة غير الصحية

رصد - أثير

إعداد: ريما الشيخ

من منا لم يشعر برغبة ملحة في تناول قطعة من الحلوى بعد يوم طويل، أو اشتهى وجبة سريعة مليئة بالدهون والسكريات؟ لماذا نجد صعوبة في مقاومة هذه الأطعمة، رغم معرفتنا بأضرارها الصحية؟

هذه الأسئلة يطرحها الكثيرون، وقد حاولت الدراسات العلمية تقديم إجابات شاملة حول هذه الظاهرة، التي ترتبط بالتطور البشري، وعمل الدماغ، والتأثيرات الاجتماعية والنفسية، ودور شركات الأغذية في تشكيل عاداتنا الغذائية.

”أثير“ ترصد للقارئ الكريم من عدة مواقع إخبارية ومجلات صحية أهم الأسباب العلمية والنفسية التي تقف وراء هذا الانجذاب.

كيف تؤثر الأطعمة غير الصحية على الدماغ؟

أثبتت الدراسات العلمية أن الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون تؤثر مباشرة على مراكز المتعة والمكافأة في الدماغ، حيث تحفّز إنتاج الدوبامين، وهو ناقل عصبي يمنح الشعور بالسعادة. وعندما يتكرر تناول هذه الأطعمة، يبدأ الدماغ في ربطها بالمكافأة والراحة النفسية، مما يدفع الشخص إلى تناولها باستمرار، حتى في غياب الجوع الحقيقي.

بحسب دراسة نشرت في مجلة Nature Neuroscience، فإن تأثير الأطعمة غير الصحية على الدماغ يشبه تأثير المواد المخدرة، حيث يؤدي الإفراط في تناولها إلى التعود عليها، ويصبح تقليلها أمرًا صعبًا للغاية، هذا التفسير يوضح لماذا نجد أنفسنا مدفوعين لتناولها حتى عندما نكون مدركين لأضرارها الصحية.

العوامل التطورية – لماذا نحب الدهون والسكريات؟

لفهم سبب تفضيل البشر للأطعمة غير الصحية، يجب العودة إلى تاريخ التطور البشري، ففي العصور القديمة، كان البشر يعتمدون على الصيد وجمع الثمار، وكانت الأطعمة الغنية بالطاقة (كالدهون والسكريات) ضرورية للبقاء، خاصة خلال فترات الجوع الطويلة؛لذلك، تطور لدى الإنسان ميل فطري نحو هذه الأطعمة، حيث كانت توفر طاقة سريعة وتساعده على النجاة.

وفي العصر الحديث، أصبحت هذه الأطعمة متاحة بكثرة، ولم تعد الحاجة إليها ضرورة بيولوجية، لكنها ما زالت تلعب دورًا رئيسيًا في خياراتنا الغذائية، مما يجعل من الصعب تجاهلها.

العوامل النفسية والاجتماعية وراء الانجذاب للأطعمة غير الصحية

1. التوتر والمشاعر السلبية:
الكثير من الناس يتناولون الأطعمة غير الصحية كرد فعل على التوتر أو القلق أو الحزن، هذه الظاهرة تُعرف باسم “الأكل العاطفي”، حيث يرتبط تناول الطعام بتحسين المزاج، وليس فقط بإشباع الجوع. تشير دراسة نشرتها American Journal of Clinical Nutrition إلى أن الأشخاص الذين يعانون من التوتر والقلق يستهلكون كميات أكبر من الوجبات الغنية بالسعرات الحرارية مقارنة بمن لا يعانون من هذه الضغوطات.

2. التأثير الاجتماعي:
نحن نتأثر بالمجتمع الذي نعيش فيه، سواء كان ذلك في العائلة أو العمل أو الأصدقاء، فعندما يكون الأشخاص حولنا يتناولون الأطعمة غير الصحية بشكل مستمر، فمن المرجح أن نتبع نفس العادات. على سبيل المثال، تناول الطعام في المطاعم السريعة مع الزملاء أو حضور مناسبات عائلية تركز على الأطعمة الغنية بالدهون والسكر، كلها عوامل تؤثر على قراراتنا الغذائية.

3. الإعلانات والتسويق:
تلعب شركات الأغذية دورًا كبيرًا في تعزيز استهلاك الأطعمة غير الصحية، فعبر الإعلانات الجذابة، والترويج لمأكولات ذات نكهات قوية وأسعار مغرية، تصبح هذه المنتجات أكثر انتشارًا وجاذبية.

كما تعتمد هذه الشركات على ما يُعرف بـ “الهندسة الغذائية”، حيث يتم تعديل تركيبة المنتجات لتكون أكثر إغراءً من خلال تحقيق توازن دقيق بين السكر والدهون والملح، مما يجعلها شبه “إدمانية”.

هل يمكن كسر دائرة الإدمان على الأطعمة غير الصحية؟

معرفة أسباب الانجذاب إلى الأطعمة غير الصحية يساعدنا على التحكم بها.

وهنا نقدم للقارئ الكريم بعض الطرق التي يمكن أن تساعد في الحد من هذا التأثير:

  • زيادة الوعي الغذائي:
معرفة تأثير الأطعمة غير الصحية على الجسم والدماغ يمكن أن يساعد في تقليل استهلاكها.
  • استبدال العادات الغذائية:
بدلًا من تناول الشوكولاتة عند الشعور بالتوتر، يمكن تجربة تناول الفواكه أو شرب الماء.
  • إدارة التوتر بطرق بديلة:
مثل ممارسة الرياضة، التأمل، أو ممارسة الهوايات، مما يقلل الحاجة إلى الأكل العاطفي.
  • تحضير الطعام في المنزل:
الأطعمة المصنوعة في المنزل تكون عادةً أكثر صحة، حيث يمكنك التحكم في المكونات والمقادير.
  • مقاومة الإعلانات والتسويق:
اتخاذ قرارات واعية بشأن الطعام، وعدم الانسياق وراء الدعايات التي تروج للأطعمة غير الصحية.

وعيك هو سلاحك

يُظهر البحث العلمي أن الانجذاب إلى الأطعمة غير الصحية ليس مجرد مسألة إرادة ضعيفة، بل هو نتيجة تفاعل معقد بين التطور البشري، وعمل الدماغ، والتأثيرات النفسية والاجتماعية، ومع ذلك، فإن الوعي بهذه العوامل يمكن أن يساعد في التحكم في الخيارات الغذائية وتجنب الوقوع في دوامة العادات غير الصحية.


ماذا عنك أيها القارئ، ما العادات الغذائية التي غيرتها مؤخرًا لتصبح أكثر صحة؟ وكيف تمكنت من مقاومة إغراء الأطعمة غير الصحية؟ شاركنا بتجربتك!

المصادر

‏Nature Neuroscience

الجزيرة نت

‏Verywell Health

‏American Journal of Clinical Nutrition

‏Syr-Res

‏Cadenaser

Your Page Title