رصد-أثير
إعداد: جميلة العبرية ومحمد العريمي
نشرت وكالة الأنباء الإيرانية وعدد من الصحف الرسمية والتخصصية في الولايات المتحدة الأمريكية تقارير متعددة تزامنت مع استضافة سلطنة عُمان لمحادثات رفيعة المستوى بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية في مسقط.
”أثير“ تتبعت هذه التقارير وترصدها للقرّاء الأعزاء.
أفادت وكالة الأنباء الإيرانية قبيل انطلاق المحادثات بوصول وفد إيراني رفيع برئاسة نائب وزير الخارجية عباس عراقجي إلى مسقط، يرافقه المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي، ومساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، ومساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، إلى جانب كبار المفاوضين في ملفات العقوبات والقضايا النووية.
وفي تصريحات نقلتها الوكالة عن المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أكدت أن طهران لا تقبل إلا بمفاوضات ”دقيقة وبعيدة عن الضجيج الإعلامي“، تجنبًا لنشر روايات غير موثقة من قبل معارضي الحوار. وأضافت أن ”المفاوضات المقبولة لدينا هي تلك التي تجري في هدوء وبدقة، بعيدًا عن التهويل“.
وفي حديث من مسقط، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، إن بلاده ”تمنح الدبلوماسية فرصة حقيقية وصادقة“، لكنها تواصل في الوقت ذاته التقدّم في برنامجها النووي والعمل على إزالة العقوبات، وأوضح أن الجانب الإيراني قدّم حزمة من المقترحات للوفد الأمريكي خلال اللقاء.
وأضاف بقائي: “هذه المحادثات تعبّر عن إرادة الجمهورية الإسلامية في تحقيق مصالح شعبها الوطني عبر الدبلوماسية. إنه يوم مفصلي، ويجب اغتنامه بمسؤولية وبنّاء”.
كما نقلت الوكالة تغريدة لوزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قال فيها: “عدنا من مسقط إلى طهران بعد جولة من المفاوضات غير المباشرة مع الممثل الخاص للرئيس الأمريكي بشأن رفع الحظر والملف النووي. وقد تم الاتفاق على استمرار هذه المحادثات الأسبوع المقبل، في ظل استمرار الدور العُماني الفاعل”.
وفي تصريح متلفز عقب انتهاء الجولة، قال عراقجي: “أعتقد أننا اقتربنا في هذا الاجتماع من أساس تفاوضي مشترك، وإذا استطعنا خلال الجولة المقبلة تحديد ذلك الأساس، فسنكون قد قطعنا شوطًا مهمًا في اتجاه محادثات فعلية”.
من جانبها، ذكرت وكالة Iran Press أن المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة تعكس أهمية الدبلوماسية كأداة فعالة لحل النزاعات، لاسيّما في ظل التوتر الإقليمي المتصاعد. وأضافت أن الدور العُماني يُعزز مكانة سلطنة عمان كوسيط حيادي يسعى إلى الحلول السلمية في الشرق الأوسط؛ ما قد يُمهّد لتحولات دبلوماسية جوهرية في العلاقة بين طهران وواشنطن.
أما وكالة إيران إنترناشيونال، فقد أوردت تصريحات لمسؤولين أمريكيين عقب انتهاء المحادثات، بينها تصريح للمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، خلال مقابلة مع شبكة “عن بي سي” ، قال فيه: “المحادثات التي جرت كانت إيجابية وبنّاءة للغاية”.
وفي سياق متصل، نشر موقع الجادة الإعلامي مقالًا بعنوان: “من الصمت إلى العلن: عُمان أمام تحدٍّ غير مسبوق في دبلوماسية الوساطة”، تضمّن تحليلات لعدد من الأكاديميين والخبراء. ونُقل عن جورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة Gulf State Analytics في واشنطن، قوله: “الرهانات مرتفعة جدًا في هذه المرحلة من ولاية ترامب الثانية، ومن الضروري إدراك أهمية عُمان كجسر دبلوماسي في المنطقة”.
كما أورد المقال تصريحًا للبروفيسور مارك جاي أورايلي، أستاذ التاريخ في جامعة هايدلبرغ بولاية أوهايو الأمريكية، قال فيه: “عُمان تتقن فن الدبلوماسية الهادئة، وتفخر بذلك. لقد اختُبرت قدرتها على هذا النهج مرارًا، ولا تزال تحافظ على قنوات تواصل فعالة حتى مع أطراف في قلب النزاع”.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية: أن الاجتماع بعد أشهر من التصعيد الكلامي بين واشنطن وطهران، حيث بدا أن اللقاء الذي احتضنته العاصمة العمانية أسهم في تهدئة التوترات الإقليمية، وأن البيت الأبيض قد وصف الاجتماع بأنه “خطوة إلى الأمام نحو التوصل إلى نتيجة مفيدة للطرفين”، مضيفًا في بيان له : “هذه قضايا شديدة التعقيد”، إلا أن المناقشات حتى الآن كانت “إيجابية وبنّاءة للغاية”.
وصرح تريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي بواشنطن بأن “اللقاء مضى بأفضل صورة ممكنة”، مضيفًا: “بعد هذا التبادل الحقيقي الأول، سيعود كل طرف لتحديد خطوطه الحمراء”، ولفت إلى أن الهدف من هذه الجولة الأولى هو “استكشاف ما هو ممكن وما هو غير ممكن”، مؤكدًا أن المرحلة التالية ستتناول الجوانب الفنية من أي اتفاق محتمل.
وجاء في مقال نشرته صحيفة واشنطن تايمز: أن هذه المحادثات تأتي في وقت حساس يشهد تصاعدًا في التوتر بين البلدين اللذين دخلا في حالة من العداء منذ ما يقرب من نصف قرن، وقد هدد ترامب مرارًا بشن ضربات جوية ضد البرنامج النووي الإيراني في حال عدم التوصل إلى اتفاق. في المقابل، تصاعدت التحذيرات من المسؤولين الإيرانيين بإمكانية لجوئهم إلى تصنيع سلاح نووي، في ظل امتلاكهم مخزونًا من اليورانيوم المخصب بمستويات قريبة من درجة الاستخدام العسكري.
وذكرت الصحيفة أن كلًا من ترامب وويتكوف قد وصفا المحادثات بأنها “مباشرة”، وقال ويتكوف لصحيفة “وول ستريت جورنال” قبل رحلته: “موقفنا يبدأ بتفكيك برنامجكم. هذا هو موقفنا اليوم”. لكنه أضاف: “هذا لا يعني، بالمناسبة، أننا لن نجد سبلًا أخرى لتحقيق تسوية بين البلدين”، وتابع: “خطنا الأحمر هو عدم تسليح برنامجكم النووي”.
وعنونت صحيفة يو أس أية توداي مقاله " الولايات المتحدة وإيران تعقدان محادثات “بناءة” بشأن البرنامج النووي الإيراني وتحددان موعدًا للقاء جديد الأسبوع المقبل"
وجاء في المقال: أن البيت الأبيض قال في بياه : “كانت المناقشات إيجابية وبنّاءة للغاية، وتعرب الولايات المتحدة عن شكرها العميق لسلطنة عُمان على دعمها لهذه المبادرة”، وأن “هذه القضايا شديدة التعقيد”، مضيفًا أن الاجتماع يمثل “خطوة إلى الأمام نحو التوصل إلى نتيجة مفيدة للطرفين”.