الأولى

مع الابتكار العُماني “لُغة”: هل سيقول ذوو الصم والبكم وداعًا لمعاناتهم؟

الإعاقة السمعية

أثير – جميلة العبرية

في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025م ستشارك سلطنة عُمان بأربعة ابتكارات لشباب عمانيين، ومن بين هذه الابتكارات يستوقفنا مشروع فريد من نوعه، يحمل اسمًا بسيطًا وغاية عميقة.

إنه “لُغة” الذي تقدمه شركة “سيريوس” العمانية المتخصصة في الابتكار وريادة الأعمال، عبر مبتكرتها الشابة ليان الرحبية، بهدف إيصال صوت ذوي (الصم والبكم).

الوفد المشارك-جنيف

فكرة من صدى المعاناة

تخبرنا ليان الرحبية عبر “أثير” أن البداية كانت من بودكاست استمعت إليه مصادفة، حمل بين كلماته ألمًا صامتًا، ومعاناة لفئة لا تجد من يفهمها، حينها شعرت بمسؤولية عميقة تجاه هؤلاء الأشخاص، وبدأت رحلة البحث والتفكير في وسيلة توجد جسرًا حقيقيًا للتواصل بينهم وبين المجتمع.

وتضيف: “في شركة سيريوس نؤمن أن الابتكار ليس رفاهية، بل ضرورة تُبنى على حاجات حقيقية، وهكذا وُلد منتج “لُغة”، ليس كمجرد جهاز، بل كفلسفة جديدة للتواصل والاندماج”.

منتج لا مثيل له

تبين الرحبية أن “لُغة” ليس منتجًا تقنيًا عابرًا، بل ثمرة عمل استمر لسنة ونصف، جمع بين التصميم الدقيق والبرمجة والتجريب والمراجعة، فهو يتميز ببساطته في الاستخدام وعمقه في التأثير، ويستهدف بالدرجة الأولى ذوي الإعاقة السمعية والكلامية.

وعن تفاصيل المنتج، تذكر ليان: “بحثنا مطولًا في الأسواق ولم نجد أي منتج يقدّم ما نطرحه في “لُغة”، لا من حيث الفكرة ولا من حيث الآلية، فقد صُمم ليكون سهلًا، وفعالًا، وآمنًا تمامًا، وقد اجتاز فحوصات طبية دقيقة أثبتت سلامته، ونقوم حاليًا باستكمال سلسلة من الفحوصات في مختبرات عالمية لضمان أعلى معايير الجودة”.

المبتكرة ليان الرحبية

رحلة محفوفة بالتحديات

الطريق لم يكن مفروشًا بالورود، هذا ما أكدته ليان قائلة: “واجهنا صعوبات جمّة، أبرزها ضعف البنية الصناعية لتصنيع مثل هذا النوع من الأجهزة الحساس. كما أن ضعف الدعم المعنوي واللوجستي من بعض الجهات أبطأ كثيرًا من وتيرة التنفيذ، وفي ظل هذه التحديات، اضطررنا لاتخاذ قرار بتصنيع المنتج في الخارج رغم المخاطر، فقط لنحافظ على الجودة ونسرّع مرحلة التنفيذ”.

أثر حقيقي وتفاعل إنساني

توضح ليان أن ما يدفع فريق “سيريوس” للاستمرار رغم كل الصعوبات، هو الدعم الكبير من الفئة المستهدفة نفسها، فلقد شكّل الصم والبكم أكبر المشجعين، فتفاعلهم خلال المعارض المحلية والدولية كان عظيمًا، وبعضهم بكى تأثرًا حين جرّب النموذج الأولي، لأنه شعر أخيرًا بأن هناك من يستمع إليه.

نظرة أبعد من منتج

لا تنظر شركة سيريوس إلى “لُغة” كمنتج فقط، بل كمنصة تغيير، حيث توضح ليان: “نسعى إلى ما هو أعمق من التقنية. نطمح لأن يكون “لُغة” سببًا في تمكين هذه الفئة من التعليم، العمل، والتفاعل الطبيعي داخل المجتمع. نريدهم أن يعيشوا دون أن تُفرض عليهم حواجز الصمت”.

وتؤكد أن الصم والبكم ليسوا عبئًا، بل “طاقة كامنة تنتظر فقط من يفتح لها الباب لتبدع. لقد التقيت بأشخاص في هذه الفئة يملكون مهارات مذهلة في البرمجة، والفن، والكتابة، ولكن حاجز التواصل كان كالسقف الزجاجي الذي يمنعهم من التحليق”.

حصد الجوائز -جنيف

رؤية مستقبلية طموحة

وتختتم ليان الرحبية حديثها عبر “أثير” عازمة على أن طموحهم لا يتوقف عند “لُغة” في صورته الحالية، بل يشمل تطوير نسخ جديدة تخدم قطاعات متعددة مثل السياحة، والترفيه، والخدمات العامة، بالإضافة إلى خطط مستقبلية لتطوير نسخة مخصصة للمكفوفين، قائلةً “نحن لا نبتكر منتجًا، بل نصنع أثرًا، و”لُغة" هو بداية الحكاية فقط، وحلمنا أن نعيد تعريف التواصل، وأن نمنح كل من لم يُسمع صوته من قبل، مساحة حرة ليتحدث بطريقته، ولنفهمه نحن بطريقتنا“.

جديرٌ بالذكر أن وفد سلطنة عمان أحرز ذهبية واحدة وفضيتين في معرض جنيف الدولي بنسخته الخمسين، وهي:

- المبتكر مؤيد البلوشي: الميدالية الذهبية عن ابتكاره : “Etienne - SOS Rescue Device”

- المبتكر محمود الهنائي: الميدالية الفضية عن مشروعه: نظام تعقيم وتنظيف مبخر.

- المبتكرة ليان الرحبية: الميدالية الفضية عن مشروعها: “لغة”.

Your Page Title