باريس- الطيب ولد العروسي
صدر في باريس عن منشورات “لا ديكوفريت ” كتاب حديث للمحلل السياسي بيرنارد بدع، بعنوان ” لم نعد وحدنا في هذا العالم” يقع في 252 صفحة من الحجم الكبير.
يقدم المؤلف في هذا الكتاب مجموعة من المفاتيح القراءة وفهم العالم المعاصر. إذ يحث الدول الغربية لتغيير الاستقطاب ومراجعة قوة منطقهم ” للنظر في متطلبات المجتمعات والعدالة الناشئة من أجل النظر إلى العالم الجديد، «، حيث الجهات الفاعلة هي أكثر حيوية والواقفة ضد اتخاذ القرارات التعسفية. يؤكد المؤلف ” قيل لنا مرارا وتكرارا أن العالم أصبح أكثر تعقيدا وصعوبة في الفهم”، ان الامور التي خلفتها الحرب الباردة قد نجحت في خلق اضطراب الجغرافية السياسية الجديدة مما يهدد بالذهاب نحو “الفوضى”. نتيجة لضعف الولايات المتحدة، ” وظهور عمالقة اقتصاديين جدد. ، وكسر ما يسمى ب “الدول المارقة” والمنظمات الإرهابية التي لا يمكن السيطرة عليها بسرعة” موضوعات كثيرة قلقة تغذي أحيانا الحنين إلى معطيات العالم القديم… الذي لم يعرف الاستقرار(الذي) ينسب إليه.
ففي هذا الكتاب الواقعي والحازم ، يرفض برتراند بديع التفسيرات والتحليلات المتعارف عليها، لأنه يذكرنا بأننا لم تعد وحدنا في هذا العالم ، وعليه فقد حان الوقت للتخلص من الشرائح التي تعتمد في تحليلاتها على معطيات الحرب الباردة وأن “تتوقف عن التعامل مع جميع أولئك الذين يشككون في رؤيتنا للنظام الدولي بأنها “منحرفة” أو أننا بمثابة “البرابرة”. لأن الغرب حسب المؤلف “يحمل فكرة أن الصراعات الرئيسية لا تحدث في عقر داره، حيث ارتبط تاريخ العلاقات الدولية التي ينتجها كلّ من العالم الأوروبي والعالم الغربي بحقيقة مفادها أن مراكز القوة تقع فقط داخل أوروبا، وهو ما يفسّر نسبيًا نجاح إدارة أوروبا لحروبها، بالإضافة إلى أن الحربين العالميتين الأخيرتين كانتا حربين أوروبيتين بقيادة أوروبيين حول قضايا أوروبية”.
لذا فإن المؤلف يستجوب ويسائل دبلوماسية الدول الغربية، التي ترغب في الاستمرار في حكم العالم في الاتجاه المعاكس للتاريخ، ولا سيما فرنسا، والتي غالبا ما يتأرجح موقفها بين الغطرسة، والتردد ولعبة الغموض”، فإن لعبة القوة كما يؤكد المؤلف أصبحت مشلولة بل ومريضة. و لم يعد من الممكن التحكم في النظام الدولي من طرف ” ناد صغير يستغل المستضعفين، ويتجاهل مطالب المجتمعات، وكذلك مطالب العدالة التي تنبثق من عالم جديد حيث الجهات الفاعلة هي الأكثر عددا، والأكثر تنوعا و الأكثر ثورة ضد التصرفات التعسفية”. لهذا السبب، فإن الكتاب يمنحنا مؤشرات لبناء نظام عادل، وفي أي من الأحوال أقل ظلما.
برتراند بديع أستاذ جامعي في العلوم السياسية في باريس، يعد واحدا من أفضل الخبراء في العلاقات الدولية. وله أكثر من عشرين كتابا .