أثير- خالد الشكيلي
مع تطور تقنيات الفضاء، يتطلع البشر اليوم إلى تسيير أول رحلة بشرية إلى الكوكب الأحمر “المريخ”. وقد ذكرنا في المقال السابق تحديات الوصول إليه ابتداءً، وفي هذا المقال سنذكر أبرز التحديات للعيش فيه بعد مدة الرحلة التي ستستغرق أكثر من سنتين.
مع تطور تقنيات الفضاء، يتطلع البشر اليوم إلى تسيير أول رحلة بشرية إلى الكوكب الأحمر “المريخ”. وقد ذكرنا في المقال السابق تحديات الوصول إليه ابتداءً، وفي هذا المقال سنذكر أبرز التحديات للعيش فيه بعد مدة الرحلة التي ستستغرق أكثر من سنتين.
جاذبية المريخ ضعيفة، ومستوى الإشعاعات فيه مرتفع!
جاذبية المريخ ضعيفة، ومستوى الإشعاعات فيه مرتفع!
تبلغ جاذبية المريخ 35% من جاذبية الأرض وذلك عائد لحجم الكوكب وكتلته بشكل رئيس مقارنة بحجم وكتلة الأرض. وجسم الإنسان بطبيعته متكيف مع جاذبية الأرض وانخفاضها أو زيادتها قد يسبب مشاكل صحية. والحياة الطويلة في بيئة دون جاذبية أو بجاذبية ضئيلة جدا يسبب هشاشة في العظام والعضلات، ولكن لا توجد حتى الآن معلومات أكيدة عن الأضرار التي قد تسببها جاذبية المريخ المنخفضة، أو ما إذا كانت ضمن نطاق الممكن للإنسان.
وبسبب ضعف كثافة الغلاف الجوي للمريخ مع عدم وجود مجال مغناطيسي حول الكوكب، ترتفع نسبة الإشعاعات على سطحه بشكل كبير جدا، والتعرض إليها بشكل دائم يعرّض الإنسان للإصابة بمرض السرطان، وعليه يجب إيجاد طريقة ووسيلة تحمي الإنسان من ذلك هناك.
لا يمكنك التجول فيه بحرية
مناخ المريخ غير مستقر، فمن غير برودته الشديدة والتي تزيد ليلا وفي شتاء المريخ إلى مستويات كبيرة، به عواصف رملية قد تمتد لفترات طويلة. ففي عام 1971م عندما ذهبت المركبة مارينر 9 إلى مدار المريخ، لم تستطع التقاط صورة لسطح الكوكب بسبب وجود عاصفة رملية استمرت لشهر كامل، بيد أن سرعة الرياح في هذه العواصف ليست كسرعة الرياح في الأرض وبالتالي لا تشكل خطرًا كبيرًا لأي مهمة قادمة. والتهديد الحقيقي أنها تحجب أشعة الشمس لفترة طويلة وبالتالي تمنع اللوائح الشمسية من إنتاج الطاقة وذلك يشكل تحديا كبيرا لأي بعثة بشرية إلى الكوكب الأحمر. وبسبب ضعف الغلاف الجوي، لا يمكن الهبوط على سطح المريخ دون سترات فضاء توفر الحماية والضغط اللازم، وذلك سيشكل عبئًا وعائقا كبيرا لحركة البشر هناك.
السطح قد لا يناسب، الحل تحته
قسوة مناخ سطح المريخ وتعرضه الدائم لنسبة عالية من الإشعاعات الشمسية والفضائية تجعل التجول فيه خطرًا جدا والحياة عليه شبه مستحيلة. ولكن، الأمر مختلف تحت السطح؛ ففي فترة سابقة من عمر المريخ، كانت به براكين مشتعلة تماما كالأرض، وكالأرض تسيل حمم هذه البراكين على سطحه وتحته مشكلة أنفاقًا طبيعية. ولكن بخلاف الأرض التي يبلغ عرض وارتفاع النفق من متر إلى 15 مترًا وتمتد بضع كيلومترات، فإن حجم الأنفاق البركانية في المريخ أكبر من ذلك بكثير، إذ يتوقع أن يصل عرض وارتفاع بعض الأنفاق هناك لمئات الأمتار، ويصل طولها لكيلومترات طويلة تصل في بعضها لأكثر من 100 كم، وذلك بسبب فارق الجاذبية بين الأرض والمريخ.
وهذه الأنفاق ستشكل حاجز حماية طبيعيًا للبشر من الإشعاعات القاتلة والمناخ البارد المتقلب والعواصف الرملية العاتية، إذ ستوفر طبيعة مستقرة يستطيع البشر التعامل معها بيسر أكبر من طبيعة السطح، والتي يمكن أن تحوي مدنًا بأكملها بالداخل.
الماء موجود بوفرة .. ولكن
لا يوجد ماء سائل في المريخ، ولكن لا يعني ذلك عدم وجوده، فللمريخ قطبان متجمدان كالأرض، يحويان كميات ضخمة جدا من الجليد، والذي لو أذيب لغطى مساحات شاسعة من الكوكب كالمحيطات على الأرض تماما. ويُعتقد بوجود ماء متجمد تحت سطح الكوكب في كل مكان تقريبًا، كما يُعتقد بوجوده في الأنفاق البركانية أيضًا. فوجود الماء يجعل الحياة ممكنة.
رحلة الذهاب والعودة إلى ومن المريخ قد تستغرق أكثر من عامين، أي إن الطاقم قد لا يستطيع أن يحمل معه مؤونة العامين معه، وعليه ستكون الزراعة أمرًا حتميا لتوفير الغذاء. ووجود الماء سييسر ذلك، ولكن النباتات تحتاج إلى النايتروجين، والذي يشكل نسبة 2.7% من مناخ المريخ. ويمكن استخراج النيتروجين من المناخ واستخدامه لزراعة النباتات اللازمة لمدة الرحلة.
هل يمكننا إنتاج غاز الحياة؟
يشكل الأوكسجين 0.13 % فقط من مناخ المريخ، وهذه نسبة ضئيلة جدا لا تكفي حتى لاستخراجه منه. ولكن يمكن استخراج الأوكسجين من مصدرين رئيسين في الكوكب الأحمر هما: ثاني أكسيد الكربون، والماء. ويمكن استخراج الأوكسجين من مركب غازي ثاني أكسيد الكربون عبر فصله كيميائيًا، مثلما تفعل النباتات في الأرض. كما يُمكن استخراجه من الماء الذي يتكون من الأوكسجين والهيدروجين.
ملاحظة:
– اعتمد المقال بشكل كبير على معلومات منشورة في موقع وكالة الفضاء الأمريكية وموقع space.com
– المقال جزءٌ من سلسة حول الفضاء: 5 حقائق عن “الكوكب الأحمر” ، 5 تحديات تواجه سفر البشر إلى المريخ.
،