د. رجب بن علي العويسي- خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية
مع ظهور نتائج الدبلوم العام لطلبة التعليم المدرسي وما فيه مستواهم، وانتظار انخراطهم في الحياة العملية سواء كانت الدراسية أو العمل في القطاعات العسكرية والشرطية والأمنية أو الاتجاه إلى مؤسسات القطاع الخاص؛ تتجه الأنظار إلى دور مركز القبول الموحد ومرحلة تعديل الرغبات للطلبة ؛ وما تشير إليه تحاليل المركز من ارتفاع في المجموع الكلي للمقاعد الدراسية لهذا العام 2019/ 2020 ، حيث تبلغ (29732 ) مقعدا، موزعة على مؤسسات التعليم العالي الحكومية، والبعثات الداخلية في مؤسسات التعليم العالي الخاصة، والبعثات الخارجية، والمنح الداخلية المقدمة من القطاع الخاص للدراسة بمؤسسات التعليم العالي الخاصة والمنح الخارجية، والمقاعد المخصصة للطلبة من ذوي الإعاقة والتوجهات الاقتصادية. وبالتالي ما يطرحه واقع مخرجات الدبلوم العام من تساؤلات حول موقع المهارة في تشكيل شخصية هذه المخرجات، وقدرتها على التكيف مع مرحلة التعليم العالي واجتياز الطلبة لاختبارات تحديد المستوى في اللغة الإنجليزية أو غيرها من المهارات التخصصية والتأسيسية التي تحتاجها بعض التخصصات، وما يظهر في هذا الشأن من تدني في مستويات الاستجابة والاجتياز ، وتوجيه الطلبة إلى سنة تأسيسية في اللغة الإنجليزية تسبق سنة التخصص، وفي المقابل ما يثار من نقاشات حول موقع الطلبة الآخرين ممن لم يحالفهم التوفيق في الالتحاق بهذه المؤسسات، في ظل تدني المهارة العملية ومواءمتها لمتطلبات استيعابهم من قبل القطاع الخاص ، والدور المعقود على القطاع الخاص أن يؤديه في هذه المرحلة في ظل تعاظم تأكيد المجتمع على ضرورة أن يمارس القطاع الخاص دوره الوطني ومسؤوليته الاجتماعية في استيعاب القوى العاملة الوطنية في مؤسساته، وهو في ظل مستوى المهارة قد لا يكون متيسرا بالشكل الذي نتوقعه ؛ إذا ما علمنا أنه على الرغم من أن نسبة القوى الوطنية في القطاع الخاص لم تتجاوز 13% تقريبا مع مختلف المؤهلات العلمية ، وما يعنيه ذلك من حاجة القطاع الخاص للكفاءة الوطنية وتعدد الفرص التي يتيحها القطاع ؛ بالرغم من أن حاجة القطاع الخاص إلى مؤهلات الدبلوم العام والدبلوم العالي أكبر من حاجته إلى حاملي المؤهلات العليا كالبكالوريوس والدراسات العليا ؛ إلا أنه مع كل الفرص المواتية تبقى إشكالية المهارة تلقي بضلالها على مستوى الاهتمام الذي يوليه القطاع الخاص للقوى الوطنية، خاصة في ظل ما تحتاجه من عمليات تعليم وتدريب وتأهيل ، قد يكون القطاع غير مؤهل لها أو لا يمتلك إمكانيات تحققها، أو يعتقد بأن البحث عن أسهل البدائل والحلول وعبر استقدم الايدي العاملة الوافدة هو الضمان المناسب له لاستمرارية الانتاج – وهو ما يعبر عنه الواقع- وما يعنيه في المقابل حجم التأثير الناتج عن النقص في المهارة على ملفات، الباحثين عن عمل، وتكدس مخرجات التعليم الجامعي، وزيادة أعداد الوافدين في القطاع الخاص واستحواذهم على الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية، والتحويلات المالية للأيدي العاملة الوافدة ونتائجها على المدى البعيد، إذ ما زالت تلقي بظلالها على المنظومة الاقتصادية الوطنية ، والمأمول من دور التعليم كشريك أساسي في رسم ملامح الاقتصاد عبر منتجه التعليمي ومخرجاته، ومسؤوليته في نقل الممارسات التعليمية من التلقين إلى الابتكار، وأن يتجه إلى العمق في قراءة متطلبات المرحلة وإدارة محور التغيير وصناعة التحول ، وتوظيف المقومات والفرص التشريعية الاقتصادية والبنى الأساسية والموقع الجيو سياسي والاقتصادي للسلطنة، وتعزيز الوعي الوطني بالتوجه إلى توظيف الخبرة وبناء المهارة وإنتاج الحلول الاقتصادية وتأصيل ثقافة الابتكار. من هنا يؤسس دور التعليم في بناء المهارة لمرحلة متقدمة من الجودة والكفاءة التعليمية عبر املاكهم مهارات سوق العمل والمهارات التأسيسية للحياة المهنية، وتوضيح الصورة العامة لديهم حول طبيعة هذا السوق والأنشطة التجارية والاقتصادية المتوفرة فيه، ونوع المهارات التي يحتاجها، والجوانب الأخرى المتعلقة بالتشريعات وأنظمة العمل والحوافز والرواتب والمسؤوليات والتدريب وغيرها، وما تثيره الفجوة الحاصلة بين ما يتعلمه الطلبة ونوع المهارة التي يحتاجها سوق العمل ومدى قدرة التعليم في ظل فلسفة عمله الحالية والخطة الدراسية التي يدرسها طلبة الدبلوم العام؛ في توجيه الطلبة إلى سوق العمل، واستيعابهم له ومواءمة مهاراتهم وقدراتهم له، على أن وجود هذه المهارات وإن كانت في مستويات متدرجة، سوف ينعكس إيجابا على تعاطي هذه المخرجات مع متطلبات القطاع الخاص وتجاوبهم مع حزمة التشريعات والقوانين والإجراءات الاقتصادية وأنظمة العمل التي تؤسس لإسهام القطاع الخاص وتضبط مساره . وعليه تبقى قضيتنا التعليمية في أساسها مرتبطة بمشكلة المهارة التي يجب أن تتربع سلم التعليم وتتفاعل مع أجندته وغاياته وفلسفة عمله، وأن يؤسس التعليم المدرسي لبناء مهارة مستدامة ديناميكية مرنة، تتناسب مع معطيات السوق، وتستجيب للتحولات الحاصلة في المنظومة الاقتصادية، إذ أن جملة التشريعات والقوانين الاقتصادية التي صدرت مؤخرا إنما تؤسس لهوية وطنية اقتصادية ينبغي ان يضعها التعليم في أولويات مناهجه ومساراته، وأن يتجه بشكل فعلي إلى بناء مسارات تعليمية واضحة منذ الصفوف الأولى، تتيح للطالب قبل تخرجه من الدبلوم العام فرص الاستفادة من تعدد الخيارات بين التعليم الأكاديمي والتقني والفني والحرفي والمهني والصناعي والتجاري واللوجستيات، لما من شأنه أن يقلل من تكدس المخرجات في التعليم الأكاديمي العام، ويرفد سوق العمل الوطني بمهارات وطنية قادرة على تلبية متطلباته؛ فالتوجيه المهني بالمدارس في كونه جملة من التوجيهات والقواعد السلوكية المهنية التي يوجه لها الطالب أثناء دراسته، ما زال يشكل إطارا فلسفيا بحتا، غير قادر على التأثير في فكر الطالب وقناعاته ، ووجوده في الخطة الدراسية بحاجة إلى أن يمتلك مداخل أخرى تتجه بالطالب إلى الفعل والممارسة ومنحه فرصة لتجريب الواقع المهني، لذلك فمساحة الاختيار المتاحة للطالب بالمدارس غير كافيه في رسم ملامح التوجه في شخصيته الدراسية وجوانب الاهتمام لديه، وستظل عبارة عن خطط وأساليب دراسية مجردة بحاجة إلى ربطها بالتجريب والممارسة على رأس الدراسة، بما يؤكد أهمية أن يتبني التعليم في أجندته موجهات تعزيز فرص التنويع الاقتصادي وطرح بدائل وخيارات أوسع في التعامل مع سياسات التشغيل وفرص العمل، عبر تأصيل فرص بناء المهارة والتجديد فيها، وإعادة إنتاجها في محيط التعليم بما يتناسب وطبيعة سوق العمل، وإيجاد بيئات انتاجية تحتضن مخرجات الدبلوم العام فما دونه، خاصة في ظل زيادة احتياج الشركات إلى العمالة الماهرة وشبه الماهرة من مخرجات هذه الفئات، باعتبارها القيمة التشغيلية المنتجة التي تعتمدها الشركات ومؤسسات في القطاع الخاص؛ وأن يتخذ التعليم التدابير والإجراءات المؤصلة لفلسفة بناء المهارة ، بحيث يعيد مسارات عمله وخططه وبرامجه التي تتجه به إلى حالة التلقين والتكرارية ، وإعادة النظر في المناهج والمقررات والخطط الدراسية ، حتى لا تظل تدور عمليات التطوير في حلقة مفرغة بين جدران المؤسسة التعليمية، أو عبر توسيع رصيد الطالب من المعلومات والمعارف دون تجريبها أو تعريفه بالأنشطة أو الدخول في ممارستها ، إذ أن هذا الشكل من الازدواجية يؤسس لحالة من الانفصال والفجوة بين التعليم والواقع ، وبين طموحات الواقع الاقتصادي الوطني من التعليم وثقة رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين والشركات والمؤسسات في قدرة التعليم على إنتاج خريج كفء يمتلك المهارات التي ينطلق بها في افاق أرحب وعالم أوسع من العطاء والإنتاجية، ويصبح بعد تخرجه حاملا للمبادرة والمشروع والفكرة التي يترجمها في أنشطة اقتصادية ومشروعات عمل منتجه يبرز فيها مهاراته ويؤسس فيها فرص نجاحاته. إن تأكيد بناء المهارة اليوم أولوية يجب أن يضعها التعليم في مقدمة كل الجهود التطويرية الساعية إلى تعزيز كفاءته وتحقيق الجودة وترسيخ معالم المهنية في السلوك التعليمي، ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن نوجه التعليم لغاية واحدة وهي سوق العمل أو أن نصنع من التعليم وظيفة مهنية دون غيرها. إن بناء المهارة مرحلة تتسع لكل سلوك نوعي يترك فيه الخريج بصمة فعل وممارسة متقنة وسلوك مهني راق، فتكسبه مهارات الحياة التي تصنع منه شخصا منتجا على الدوام، يمتلك مشروعه الذي يصبح مصدر دخل له ومسار تحول في حياته، فهو يحمل مع القيم والمبادئ والفكر والثقافة، أدوات العمل ووسائل الإنتاج، بما يحفظ له موقعه في المجتمع ويؤسس له منصة إنتاجية نوعية تخرجه من مظلة الباحثين عن عمل التقليدين الذي ينتظرون الوظيفة الحكومية. ويبقى على التعليم المدرسي أن يستفيد من معطيات الحالة العمانية والتوجهات الاقتصادية ويستمرها بشكل أفضل، فيثبت قدرته على الاستفادة من نواتج الواقع في إعادة هيكلة المهارة الوطنية، وتحديد موقها الاستراتيجي في المناهج والممارسة التعليمية وأساليب التدريس وطرائق العمل والخطط الدراسية ومحتوى المناهج، وتجذير العلاقة مع القطاع الخاص والشراكة في نقل الطلبة إلى مرحلة التطبيق وتقريب الممارسة منهم، فكم يحدونا الأمل أن نشهد في مدارسنا أنشطة انتاج متعددة يمارسها المتعلم فتكسبه قيمة المهنة ، وتؤصل فيه مسؤولية احترامها، وتؤهله لاحتوائها في فكره وقناعاته، وعندها لن تشكل هذه الأعداد من المخرجات الاكاديمية والتعليمية أي عائق في مسارات التوظيف والتشغيل؛ نظرا لما أتاحته من تعدد البدائل والتنوع في المسارات ، وسيكون القطاع الخاص وسوق العمل الأوفر حظا من هذه المخرجات كونها اكتسبت الخبرة والتجربة وارتبطت بالممارسة والتجريب في وقت تشكيل الاهتمامات والتوجهات لديها، فهل سيعاد النظر في الخطة الدراسية لطلبة الدبلوم العام لتضم مواد مهنية تتسم بالتنوع والعمق والمعيارية، وهل سيتجه التعليم إلى التنويع في مساراته في الصفوف الأولى منه ليكون الناتج المتحقق أقرب إلى الممارسة المهنية المنتجة ، وهل ستعاد أولويات فلسفة التعليم المدرسي والغايات منه والمأمول أن تحققه؛ تساؤلات عديدة تؤسس لموقع استراتيجي للمهارة في منظومة الكفاءة المهنية للتعليم .
|
د. رجب بن علي العويسي- خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية
مجلس الدولة
مع ظهور نتائج الدبلوم العام لطلبة التعليم المدرسي وما فيه مستواهم، وانتظار انخراطهم في الحياة العملية سواء كانت الدراسية أو العمل في القطاعات العسكرية والشرطية والأمنية أو الاتجاه إلى مؤسسات القطاع الخاص؛ تتجه الأنظار إلى دور مركز القبول الموحد ومرحلة تعديل الرغبات للطلبة ؛ وما تشير إليه تحاليل المركز من ارتفاع في المجموع الكلي للمقاعد الدراسية لهذا العام 2019/ 2020 ، حيث تبلغ (29732 ) مقعدا، موزعة على مؤسسات التعليم العالي الحكومية، والبعثات الداخلية في مؤسسات التعليم العالي الخاصة، والبعثات الخارجية، والمنح الداخلية المقدمة من القطاع الخاص للدراسة بمؤسسات التعليم العالي الخاصة والمنح الخارجية، والمقاعد المخصصة للطلبة من ذوي الإعاقة والتوجهات الاقتصادية.
وبالتالي ما يطرحه واقع مخرجات الدبلوم العام من تساؤلات حول موقع المهارة في تشكيل شخصية هذه المخرجات، وقدرتها على التكيف مع مرحلة التعليم العالي واجتياز الطلبة لاختبارات تحديد المستوى في اللغة الإنجليزية أو غيرها من المهارات التخصصية والتأسيسية التي تحتاجها بعض التخصصات، وما يظهر في هذا الشأن من تدني في مستويات الاستجابة والاجتياز ، وتوجيه الطلبة إلى سنة تأسيسية في اللغة الإنجليزية تسبق سنة التخصص، وفي المقابل ما يثار من نقاشات حول موقع الطلبة الآخرين ممن لم يحالفهم التوفيق في الالتحاق بهذه المؤسسات، في ظل تدني المهارة العملية ومواءمتها لمتطلبات استيعابهم من قبل القطاع الخاص ، والدور المعقود على القطاع الخاص أن يؤديه في هذه المرحلة في ظل تعاظم تأكيد المجتمع على ضرورة أن يمارس القطاع الخاص دوره الوطني ومسؤوليته الاجتماعية في استيعاب القوى العاملة الوطنية في مؤسساته، وهو في ظل مستوى المهارة قد لا يكون متيسرا بالشكل الذي نتوقعه ؛ إذا ما علمنا أنه على الرغم من أن نسبة القوى الوطنية في القطاع الخاص لم تتجاوز 13% تقريبا مع مختلف المؤهلات العلمية ، وما يعنيه ذلك من حاجة القطاع الخاص للكفاءة الوطنية وتعدد الفرص التي يتيحها القطاع ؛ بالرغم من أن حاجة القطاع الخاص إلى مؤهلات الدبلوم العام والدبلوم العالي أكبر من حاجته إلى حاملي المؤهلات العليا كالبكالوريوس والدراسات العليا ؛ إلا أنه مع كل الفرص المواتية تبقى إشكالية المهارة تلقي بضلالها على مستوى الاهتمام الذي يوليه القطاع الخاص للقوى الوطنية، خاصة في ظل ما تحتاجه من عمليات تعليم وتدريب وتأهيل ، قد يكون القطاع غير مؤهل لها أو لا يمتلك إمكانيات تحققها، أو يعتقد بأن البحث عن أسهل البدائل والحلول وعبر استقدم الايدي العاملة الوافدة هو الضمان المناسب له لاستمرارية الانتاج – وهو ما يعبر عنه الواقع-
وما يعنيه في المقابل حجم التأثير الناتج عن النقص في المهارة على ملفات، الباحثين عن عمل، وتكدس مخرجات التعليم الجامعي، وزيادة أعداد الوافدين في القطاع الخاص واستحواذهم على الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية، والتحويلات المالية للأيدي العاملة الوافدة ونتائجها على المدى البعيد، إذ ما زالت تلقي بظلالها على المنظومة الاقتصادية الوطنية ، والمأمول من دور التعليم كشريك أساسي في رسم ملامح الاقتصاد عبر منتجه التعليمي ومخرجاته، ومسؤوليته في نقل الممارسات التعليمية من التلقين إلى الابتكار، وأن يتجه إلى العمق في قراءة متطلبات المرحلة وإدارة محور التغيير وصناعة التحول ، وتوظيف المقومات والفرص التشريعية الاقتصادية والبنى الأساسية والموقع الجيو سياسي والاقتصادي للسلطنة، وتعزيز الوعي الوطني بالتوجه إلى توظيف الخبرة وبناء المهارة وإنتاج الحلول الاقتصادية وتأصيل ثقافة الابتكار.
من هنا يؤسس دور التعليم في بناء المهارة لمرحلة متقدمة من الجودة والكفاءة التعليمية عبر املاكهم مهارات سوق العمل والمهارات التأسيسية للحياة المهنية، وتوضيح الصورة العامة لديهم حول طبيعة هذا السوق والأنشطة التجارية والاقتصادية المتوفرة فيه، ونوع المهارات التي يحتاجها، والجوانب الأخرى المتعلقة بالتشريعات وأنظمة العمل والحوافز والرواتب والمسؤوليات والتدريب وغيرها، وما تثيره الفجوة الحاصلة بين ما يتعلمه الطلبة ونوع المهارة التي يحتاجها سوق العمل ومدى قدرة التعليم في ظل فلسفة عمله الحالية والخطة الدراسية التي يدرسها طلبة الدبلوم العام؛ في توجيه الطلبة إلى سوق العمل، واستيعابهم له ومواءمة مهاراتهم وقدراتهم له، على أن وجود هذه المهارات وإن كانت في مستويات متدرجة، سوف ينعكس إيجابا على تعاطي هذه المخرجات مع متطلبات القطاع الخاص وتجاوبهم مع حزمة التشريعات والقوانين والإجراءات الاقتصادية وأنظمة العمل التي تؤسس لإسهام القطاع الخاص وتضبط مساره .
وعليه تبقى قضيتنا التعليمية في أساسها مرتبطة بمشكلة المهارة التي يجب أن تتربع سلم التعليم وتتفاعل مع أجندته وغاياته وفلسفة عمله، وأن يؤسس التعليم المدرسي لبناء مهارة مستدامة ديناميكية مرنة، تتناسب مع معطيات السوق، وتستجيب للتحولات الحاصلة في المنظومة الاقتصادية، إذ أن جملة التشريعات والقوانين الاقتصادية التي صدرت مؤخرا إنما تؤسس لهوية وطنية اقتصادية ينبغي ان يضعها التعليم في أولويات مناهجه ومساراته، وأن يتجه بشكل فعلي إلى بناء مسارات تعليمية واضحة منذ الصفوف الأولى، تتيح للطالب قبل تخرجه من الدبلوم العام فرص الاستفادة من تعدد الخيارات بين التعليم الأكاديمي والتقني والفني والحرفي والمهني والصناعي والتجاري واللوجستيات، لما من شأنه أن يقلل من تكدس المخرجات في التعليم الأكاديمي العام، ويرفد سوق العمل الوطني بمهارات وطنية قادرة على تلبية متطلباته؛ فالتوجيه المهني بالمدارس في كونه جملة من التوجيهات والقواعد السلوكية المهنية التي يوجه لها الطالب أثناء دراسته، ما زال يشكل إطارا فلسفيا بحتا، غير قادر على التأثير في فكر الطالب وقناعاته ، ووجوده في الخطة الدراسية بحاجة إلى أن يمتلك مداخل أخرى تتجه بالطالب إلى الفعل والممارسة ومنحه فرصة لتجريب الواقع المهني، لذلك فمساحة الاختيار المتاحة للطالب بالمدارس غير كافيه في رسم ملامح التوجه في شخصيته الدراسية وجوانب الاهتمام لديه، وستظل عبارة عن خطط وأساليب دراسية مجردة بحاجة إلى ربطها بالتجريب والممارسة على رأس الدراسة، بما يؤكد أهمية أن يتبني التعليم في أجندته موجهات تعزيز فرص التنويع الاقتصادي وطرح بدائل وخيارات أوسع في التعامل مع سياسات التشغيل وفرص العمل، عبر تأصيل فرص بناء المهارة والتجديد فيها، وإعادة إنتاجها في محيط التعليم بما يتناسب وطبيعة سوق العمل، وإيجاد بيئات انتاجية تحتضن مخرجات الدبلوم العام فما دونه، خاصة في ظل زيادة احتياج الشركات إلى العمالة الماهرة وشبه الماهرة من مخرجات هذه الفئات، باعتبارها القيمة التشغيلية المنتجة التي تعتمدها الشركات ومؤسسات في القطاع الخاص؛ وأن يتخذ التعليم التدابير والإجراءات المؤصلة لفلسفة بناء المهارة ، بحيث يعيد مسارات عمله وخططه وبرامجه التي تتجه به إلى حالة التلقين والتكرارية ، وإعادة النظر في المناهج والمقررات والخطط الدراسية ، حتى لا تظل تدور عمليات التطوير في حلقة مفرغة بين جدران المؤسسة التعليمية، أو عبر توسيع رصيد الطالب من المعلومات والمعارف دون تجريبها أو تعريفه بالأنشطة أو الدخول في ممارستها ، إذ أن هذا الشكل من الازدواجية يؤسس لحالة من الانفصال والفجوة بين التعليم والواقع ، وبين طموحات الواقع الاقتصادي الوطني من التعليم وثقة رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين والشركات والمؤسسات في قدرة التعليم على إنتاج خريج كفء يمتلك المهارات التي ينطلق بها في افاق أرحب وعالم أوسع من العطاء والإنتاجية، ويصبح بعد تخرجه حاملا للمبادرة والمشروع والفكرة التي يترجمها في أنشطة اقتصادية ومشروعات عمل منتجه يبرز فيها مهاراته ويؤسس فيها فرص نجاحاته.
إن تأكيد بناء المهارة اليوم أولوية يجب أن يضعها التعليم في مقدمة كل الجهود التطويرية الساعية إلى تعزيز كفاءته وتحقيق الجودة وترسيخ معالم المهنية في السلوك التعليمي، ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن نوجه التعليم لغاية واحدة وهي سوق العمل أو أن نصنع من التعليم وظيفة مهنية دون غيرها. إن بناء المهارة مرحلة تتسع لكل سلوك نوعي يترك فيه الخريج بصمة فعل وممارسة متقنة وسلوك مهني راق، فتكسبه مهارات الحياة التي تصنع منه شخصا منتجا على الدوام، يمتلك مشروعه الذي يصبح مصدر دخل له ومسار تحول في حياته، فهو يحمل مع القيم والمبادئ والفكر والثقافة، أدوات العمل ووسائل الإنتاج، بما يحفظ له موقعه في المجتمع ويؤسس له منصة إنتاجية نوعية تخرجه من مظلة الباحثين عن عمل التقليدين الذي ينتظرون الوظيفة الحكومية.
ويبقى على التعليم المدرسي أن يستفيد من معطيات الحالة العمانية والتوجهات الاقتصادية ويستمرها بشكل أفضل، فيثبت قدرته على الاستفادة من نواتج الواقع في إعادة هيكلة المهارة الوطنية، وتحديد موقها الاستراتيجي في المناهج والممارسة التعليمية وأساليب التدريس وطرائق العمل والخطط الدراسية ومحتوى المناهج، وتجذير العلاقة مع القطاع الخاص والشراكة في نقل الطلبة إلى مرحلة التطبيق وتقريب الممارسة منهم، فكم يحدونا الأمل أن نشهد في مدارسنا أنشطة انتاج متعددة يمارسها المتعلم فتكسبه قيمة المهنة ، وتؤصل فيه مسؤولية احترامها، وتؤهله لاحتوائها في فكره وقناعاته، وعندها لن تشكل هذه الأعداد من المخرجات الاكاديمية والتعليمية أي عائق في مسارات التوظيف والتشغيل؛ نظرا لما أتاحته من تعدد البدائل والتنوع في المسارات ، وسيكون القطاع الخاص وسوق العمل الأوفر حظا من هذه المخرجات كونها اكتسبت الخبرة والتجربة وارتبطت بالممارسة والتجريب في وقت تشكيل الاهتمامات والتوجهات لديها، فهل سيعاد النظر في الخطة الدراسية لطلبة الدبلوم العام لتضم مواد مهنية تتسم بالتنوع والعمق والمعيارية، وهل سيتجه التعليم إلى التنويع في مساراته في الصفوف الأولى منه ليكون الناتج المتحقق أقرب إلى الممارسة المهنية المنتجة ، وهل ستعاد أولويات فلسفة التعليم المدرسي والغايات منه والمأمول أن تحققه؛ تساؤلات عديدة تؤسس لموقع استراتيجي للمهارة في منظومة الكفاءة المهنية للتعليم .
- الصورة من الشبكة العنكبوتية
د. رجب بن علي العويسي- خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية
مجلس الدولة
مع ظهور نتائج الدبلوم العام لطلبة التعليم المدرسي وما فيه مستواهم، وانتظار انخراطهم في الحياة العملية سواء كانت الدراسية أو العمل في القطاعات العسكرية والشرطية والأمنية أو الاتجاه إلى مؤسسات القطاع الخاص؛ تتجه الأنظار إلى دور مركز القبول الموحد ومرحلة تعديل الرغبات للطلبة ؛ وما تشير إليه تحاليل المركز من ارتفاع في المجموع الكلي للمقاعد الدراسية لهذا العام 2019/ 2020 ، حيث تبلغ (29732 ) مقعدا، موزعة على مؤسسات التعليم العالي الحكومية، والبعثات الداخلية في مؤسسات التعليم العالي الخاصة، والبعثات الخارجية، والمنح الداخلية المقدمة من القطاع الخاص للدراسة بمؤسسات التعليم العالي الخاصة والمنح الخارجية، والمقاعد المخصصة للطلبة من ذوي الإعاقة والتوجهات الاقتصادية.
وبالتالي ما يطرحه واقع مخرجات الدبلوم العام من تساؤلات حول موقع المهارة في تشكيل شخصية هذه المخرجات، وقدرتها على التكيف مع مرحلة التعليم العالي واجتياز الطلبة لاختبارات تحديد المستوى في اللغة الإنجليزية أو غيرها من المهارات التخصصية والتأسيسية التي تحتاجها بعض التخصصات، وما يظهر في هذا الشأن من تدني في مستويات الاستجابة والاجتياز ، وتوجيه الطلبة إلى سنة تأسيسية في اللغة الإنجليزية تسبق سنة التخصص، وفي المقابل ما يثار من نقاشات حول موقع الطلبة الآخرين ممن لم يحالفهم التوفيق في الالتحاق بهذه المؤسسات، في ظل تدني المهارة العملية ومواءمتها لمتطلبات استيعابهم من قبل القطاع الخاص ، والدور المعقود على القطاع الخاص أن يؤديه في هذه المرحلة في ظل تعاظم تأكيد المجتمع على ضرورة أن يمارس القطاع الخاص دوره الوطني ومسؤوليته الاجتماعية في استيعاب القوى العاملة الوطنية في مؤسساته، وهو في ظل مستوى المهارة قد لا يكون متيسرا بالشكل الذي نتوقعه ؛ إذا ما علمنا أنه على الرغم من أن نسبة القوى الوطنية في القطاع الخاص لم تتجاوز 13% تقريبا مع مختلف المؤهلات العلمية ، وما يعنيه ذلك من حاجة القطاع الخاص للكفاءة الوطنية وتعدد الفرص التي يتيحها القطاع ؛ بالرغم من أن حاجة القطاع الخاص إلى مؤهلات الدبلوم العام والدبلوم العالي أكبر من حاجته إلى حاملي المؤهلات العليا كالبكالوريوس والدراسات العليا ؛ إلا أنه مع كل الفرص المواتية تبقى إشكالية المهارة تلقي بضلالها على مستوى الاهتمام الذي يوليه القطاع الخاص للقوى الوطنية، خاصة في ظل ما تحتاجه من عمليات تعليم وتدريب وتأهيل ، قد يكون القطاع غير مؤهل لها أو لا يمتلك إمكانيات تحققها، أو يعتقد بأن البحث عن أسهل البدائل والحلول وعبر استقدم الايدي العاملة الوافدة هو الضمان المناسب له لاستمرارية الانتاج – وهو ما يعبر عنه الواقع-
وما يعنيه في المقابل حجم التأثير الناتج عن النقص في المهارة على ملفات، الباحثين عن عمل، وتكدس مخرجات التعليم الجامعي، وزيادة أعداد الوافدين في القطاع الخاص واستحواذهم على الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية، والتحويلات المالية للأيدي العاملة الوافدة ونتائجها على المدى البعيد، إذ ما زالت تلقي بظلالها على المنظومة الاقتصادية الوطنية ، والمأمول من دور التعليم كشريك أساسي في رسم ملامح الاقتصاد عبر منتجه التعليمي ومخرجاته، ومسؤوليته في نقل الممارسات التعليمية من التلقين إلى الابتكار، وأن يتجه إلى العمق في قراءة متطلبات المرحلة وإدارة محور التغيير وصناعة التحول ، وتوظيف المقومات والفرص التشريعية الاقتصادية والبنى الأساسية والموقع الجيو سياسي والاقتصادي للسلطنة، وتعزيز الوعي الوطني بالتوجه إلى توظيف الخبرة وبناء المهارة وإنتاج الحلول الاقتصادية وتأصيل ثقافة الابتكار.
من هنا يؤسس دور التعليم في بناء المهارة لمرحلة متقدمة من الجودة والكفاءة التعليمية عبر املاكهم مهارات سوق العمل والمهارات التأسيسية للحياة المهنية، وتوضيح الصورة العامة لديهم حول طبيعة هذا السوق والأنشطة التجارية والاقتصادية المتوفرة فيه، ونوع المهارات التي يحتاجها، والجوانب الأخرى المتعلقة بالتشريعات وأنظمة العمل والحوافز والرواتب والمسؤوليات والتدريب وغيرها، وما تثيره الفجوة الحاصلة بين ما يتعلمه الطلبة ونوع المهارة التي يحتاجها سوق العمل ومدى قدرة التعليم في ظل فلسفة عمله الحالية والخطة الدراسية التي يدرسها طلبة الدبلوم العام؛ في توجيه الطلبة إلى سوق العمل، واستيعابهم له ومواءمة مهاراتهم وقدراتهم له، على أن وجود هذه المهارات وإن كانت في مستويات متدرجة، سوف ينعكس إيجابا على تعاطي هذه المخرجات مع متطلبات القطاع الخاص وتجاوبهم مع حزمة التشريعات والقوانين والإجراءات الاقتصادية وأنظمة العمل التي تؤسس لإسهام القطاع الخاص وتضبط مساره .
وعليه تبقى قضيتنا التعليمية في أساسها مرتبطة بمشكلة المهارة التي يجب أن تتربع سلم التعليم وتتفاعل مع أجندته وغاياته وفلسفة عمله، وأن يؤسس التعليم المدرسي لبناء مهارة مستدامة ديناميكية مرنة، تتناسب مع معطيات السوق، وتستجيب للتحولات الحاصلة في المنظومة الاقتصادية، إذ أن جملة التشريعات والقوانين الاقتصادية التي صدرت مؤخرا إنما تؤسس لهوية وطنية اقتصادية ينبغي ان يضعها التعليم في أولويات مناهجه ومساراته، وأن يتجه بشكل فعلي إلى بناء مسارات تعليمية واضحة منذ الصفوف الأولى، تتيح للطالب قبل تخرجه من الدبلوم العام فرص الاستفادة من تعدد الخيارات بين التعليم الأكاديمي والتقني والفني والحرفي والمهني والصناعي والتجاري واللوجستيات، لما من شأنه أن يقلل من تكدس المخرجات في التعليم الأكاديمي العام، ويرفد سوق العمل الوطني بمهارات وطنية قادرة على تلبية متطلباته؛ فالتوجيه المهني بالمدارس في كونه جملة من التوجيهات والقواعد السلوكية المهنية التي يوجه لها الطالب أثناء دراسته، ما زال يشكل إطارا فلسفيا بحتا، غير قادر على التأثير في فكر الطالب وقناعاته ، ووجوده في الخطة الدراسية بحاجة إلى أن يمتلك مداخل أخرى تتجه بالطالب إلى الفعل والممارسة ومنحه فرصة لتجريب الواقع المهني، لذلك فمساحة الاختيار المتاحة للطالب بالمدارس غير كافيه في رسم ملامح التوجه في شخصيته الدراسية وجوانب الاهتمام لديه، وستظل عبارة عن خطط وأساليب دراسية مجردة بحاجة إلى ربطها بالتجريب والممارسة على رأس الدراسة، بما يؤكد أهمية أن يتبني التعليم في أجندته موجهات تعزيز فرص التنويع الاقتصادي وطرح بدائل وخيارات أوسع في التعامل مع سياسات التشغيل وفرص العمل، عبر تأصيل فرص بناء المهارة والتجديد فيها، وإعادة إنتاجها في محيط التعليم بما يتناسب وطبيعة سوق العمل، وإيجاد بيئات انتاجية تحتضن مخرجات الدبلوم العام فما دونه، خاصة في ظل زيادة احتياج الشركات إلى العمالة الماهرة وشبه الماهرة من مخرجات هذه الفئات، باعتبارها القيمة التشغيلية المنتجة التي تعتمدها الشركات ومؤسسات في القطاع الخاص؛ وأن يتخذ التعليم التدابير والإجراءات المؤصلة لفلسفة بناء المهارة ، بحيث يعيد مسارات عمله وخططه وبرامجه التي تتجه به إلى حالة التلقين والتكرارية ، وإعادة النظر في المناهج والمقررات والخطط الدراسية ، حتى لا تظل تدور عمليات التطوير في حلقة مفرغة بين جدران المؤسسة التعليمية، أو عبر توسيع رصيد الطالب من المعلومات والمعارف دون تجريبها أو تعريفه بالأنشطة أو الدخول في ممارستها ، إذ أن هذا الشكل من الازدواجية يؤسس لحالة من الانفصال والفجوة بين التعليم والواقع ، وبين طموحات الواقع الاقتصادي الوطني من التعليم وثقة رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين والشركات والمؤسسات في قدرة التعليم على إنتاج خريج كفء يمتلك المهارات التي ينطلق بها في افاق أرحب وعالم أوسع من العطاء والإنتاجية، ويصبح بعد تخرجه حاملا للمبادرة والمشروع والفكرة التي يترجمها في أنشطة اقتصادية ومشروعات عمل منتجه يبرز فيها مهاراته ويؤسس فيها فرص نجاحاته.
إن تأكيد بناء المهارة اليوم أولوية يجب أن يضعها التعليم في مقدمة كل الجهود التطويرية الساعية إلى تعزيز كفاءته وتحقيق الجودة وترسيخ معالم المهنية في السلوك التعليمي، ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن نوجه التعليم لغاية واحدة وهي سوق العمل أو أن نصنع من التعليم وظيفة مهنية دون غيرها. إن بناء المهارة مرحلة تتسع لكل سلوك نوعي يترك فيه الخريج بصمة فعل وممارسة متقنة وسلوك مهني راق، فتكسبه مهارات الحياة التي تصنع منه شخصا منتجا على الدوام، يمتلك مشروعه الذي يصبح مصدر دخل له ومسار تحول في حياته، فهو يحمل مع القيم والمبادئ والفكر والثقافة، أدوات العمل ووسائل الإنتاج، بما يحفظ له موقعه في المجتمع ويؤسس له منصة إنتاجية نوعية تخرجه من مظلة الباحثين عن عمل التقليدين الذي ينتظرون الوظيفة الحكومية.
ويبقى على التعليم المدرسي أن يستفيد من معطيات الحالة العمانية والتوجهات الاقتصادية ويستمرها بشكل أفضل، فيثبت قدرته على الاستفادة من نواتج الواقع في إعادة هيكلة المهارة الوطنية، وتحديد موقها الاستراتيجي في المناهج والممارسة التعليمية وأساليب التدريس وطرائق العمل والخطط الدراسية ومحتوى المناهج، وتجذير العلاقة مع القطاع الخاص والشراكة في نقل الطلبة إلى مرحلة التطبيق وتقريب الممارسة منهم، فكم يحدونا الأمل أن نشهد في مدارسنا أنشطة انتاج متعددة يمارسها المتعلم فتكسبه قيمة المهنة ، وتؤصل فيه مسؤولية احترامها، وتؤهله لاحتوائها في فكره وقناعاته، وعندها لن تشكل هذه الأعداد من المخرجات الاكاديمية والتعليمية أي عائق في مسارات التوظيف والتشغيل؛ نظرا لما أتاحته من تعدد البدائل والتنوع في المسارات ، وسيكون القطاع الخاص وسوق العمل الأوفر حظا من هذه المخرجات كونها اكتسبت الخبرة والتجربة وارتبطت بالممارسة والتجريب في وقت تشكيل الاهتمامات والتوجهات لديها، فهل سيعاد النظر في الخطة الدراسية لطلبة الدبلوم العام لتضم مواد مهنية تتسم بالتنوع والعمق والمعيارية، وهل سيتجه التعليم إلى التنويع في مساراته في الصفوف الأولى منه ليكون الناتج المتحقق أقرب إلى الممارسة المهنية المنتجة ، وهل ستعاد أولويات فلسفة التعليم المدرسي والغايات منه والمأمول أن تحققه؛ تساؤلات عديدة تؤسس لموقع استراتيجي للمهارة في منظومة الكفاءة المهنية للتعليم .
- الصورة من الشبكة العنكبوتية