أثير- تاريخ عمان
زاره: د. محمد بن حمد العريمي
تتميز السلطنة بتنوع تراثي وثقافي عجيب سواءً أكانت شواهد ماديّة أم معنوية تحكي قصة ازدهارٍ لحضارةٍ تُعد من أعرق حضارات المنطقة، ومن بين الشواهد المادية العديدة التي توجد في كل شبرٍ من عمان القلاع والحصون والأبراج التي تعدّ دليلا على التطور المعماري والتفوق العسكري في فتراتٍ عديدة.
وقد خلّفت لنا الشواهد المتبقيّة العديد من نماذج تلك العمارة منها على سبيل المثال لا الحصر: قلعة نزوى، قلعة الرستاق، حصن جبرين، حصن الحزم، ، حصن بيت النعمان، وغيرها من الشواهد التي تحكي براعة الصانع العماني ودقّة صنعته، ولذلك سعت الحكومة في إقامة المتاحف التي تشرح قصة هذه الشواهد ودورها في كتابة التاريخ العماني.
“أثير” تقترب في هذا الموضوع من أحد الحصون التي تحكي اهتمام العمانيين على مختلف مناطقهم بالعمارة وتشييد الاستحكامات العسكرية المختلفة، وذلك من خلال زيارة متحف حصن مرباط؛ تلك الولاية الجميلة والعريقة بآثارها المختلفة والمتنوعة، حيث سنعرّف بتاريخ الحصن وموقعه وأقسامه، ثم نتجوّل في أركان متحفه الذي افتتح في يوليو 2018.
موقع الحصن وأقسامه
يتميز حصن مرباط بموقعه الاستراتيجي المطل على ساحل مدينة مرباط، والمطل أيضا على الفرضة، وكان الهدف من بنائه حماية المدينة وسكانها من الهجمات، ولكي يكون مقرا وسكنا للوالي ومن يسيّر الشؤون الإدارية للمدينة.
وتبلغ مساحة الحصن 467 مترا وارتفاعه 12 مترا، وهو يتكون من دورين: الأول يشمل برزة وسجنا ومخازن أسلحة وأطعمة، بينما يتكون الدور الثاني من قسمين: الجنوبي ويستخدم كسن لعائلة الوالي، والشمالي كسكن للجنود، كما يوجد به فتحات بهدف الاستطلاع والمراقبة.
تاريخ بناء الحصن
تذكر المصادر التاريخية بحسب دراسة الباحث محمد بن مستهيل الشحري حول المعالم الأثرية لولاية مرباط أن محمد بن عقيل السقّاف احتل مرباط ونصّب نفسه حاكما على ظفار في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وهو الذي أمر بتشييد حصن مرباط في سنة (1220هـ/1806م) كما يذكر ذلك لوريمر في دليله الجغرافي عن الخليج.
وازدادت أهمية الحصن في عهد السلاطين تركي بن سعيد، وفيصل بن تركي، وتيمور بن فيصل، وسعيد بن تيمور، كما أشار إليه الضابط البريطاني “مايلز” في كتبابه” الخليج بلدانه وقبائله”، حيث أشار إلى موقعه وحاميته، كما تعاقب على إدارته عدد من الولاة منهم : الشيخ علي بن سالمين، والسيد ناصر بن خلفان البوسعيدي، والسيد علي بن سالم البوسعيدي، والشيخ أحمد بن عامر الصواعي الحسني، والشيخ سيف بن عامر العلوي، والشيخ عامر بن علي العمري، والشيخ سرحان بن عمير الفهدي
وفي عهد السلطان سعيد بن تيمور تم تدعيم الحصن من الناحية الشمالية لتقويتها وتمكينها وذلك بعد فيضانات عام 1948 التي تعرف بسنة ” الأحيمر”، وقد ظل الحصن مقرا للوالي حتى سنة 1988، وفي سنة 1991 تم تسليم الحصن إلى وزارة التراث القومي والثقافة وقتها التي رمّمت الحصن في عام 1992 على طرازه المعماري القديم نفسه وباستخدام المواد الخام المحليّة، وفي 7 فبراير 1994 تم افتتاح الحصن بمناسبة عام التراث العماني.
متحف حصن مرباط
تم افتتاح متحف حصن مرباط في بداية يوليو 2018 وذلك في إطار جهود وزارة السياحة الهادفة إلى تحويل القلاع والحصون إلى مزارات تاريخية يرتادها الزوار من داخل السلطنة وخارجها.
أقسام المتحف
قبل دخولك للحصن تمر على ساحة واسعة تقع أمامه كانت تستخدم في الفترات السابقة كميدان للاحتفالات، والمناسبات، تقع في مقدمتها مجموعة من المدافع للحماية، ثم تدخل عبر البوابة إلى دروازة تضم العديد من اللوحات والأسلحة التي علقت على جانبيها من بينها لوحة تحكي تاريخ الحصن.
يوجد بالمتحف العديد من القاعات والمرافق المقسّمة على الدورين الأول والثاني، ففي الدور الأرضي وبعد الولوج من البوّابة تأتي على يمين الزائر غرفة الاستقبال، ثم تتوزع القاعات المتخصصة التي تتناول تاريخ مرباط قديما وصناعة السفن والطرق التجارية البحرية والبرية وتجارة اللبان، والمأكولات المحلية، كما يوجد بهذا الدور غرفة لتجربة ارتداء الأزياء التقليدية المحلية.
ويضم الدور الأرضي كذلك غرفة للأسلحة التقليدية، وغرفة تحتوي على شاشات تفاعلية لمجموعة من الفنون الظفارية للتعرف على الفنون المختلفة التي تتميز بها المحافظة بشكلٍ عام، ومرباط بشكلٍ خاص.
أما الدور الثاني فيتكون من غرفة للملابس التقليدية وغرفة المرأة الظفارية تبرز فيها الدور الذي لعبته في المجتمع، بالإضافة إلى المجلس وغرفة الأطفال، وغرفة لحفظ الطعام، وغرفة الآلات الموسيقية التقليدية، كما يحتوي الحصن على مرشد آلي يوفر للزائر المعلومات عبر تسع لغات عالمية.
ويوفر سطح الحصن بأبراجه المرتفعة، ومراميه العديدة إطلالةً ساحرة على المدينة وشاطئها الجميل، بينما يرفرف العلم العماني خفّاقا عاليا.
أوقات عمل المتحف
يفتح الحصن أبوابه للزوار من السبت حتى الخميس من الساعة التاسعة صباحاً حتى الرابعة عصرا، أما يوم الجمعة فهناك فترتان: الأولى صباحية من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الحادية عشرة، أما الفترة المسائية فهي من الساعة الثانية مساء حتى الرابعة مساء، كما تُقام في ساحته الأمامية والخلفية العديد من الفعاليات التراثية والوطنية المتنوعة.
المراجع
1- الشحري، محمد بن مستهيل. المعالم الأثرية لولاية مرباط، ورقة عمل ضمن أعمال ندوة مرباط عبر التاريخ، المنتدى الأدبي، مرباط، 2012.
2- موقع وزارة الإعلام الإلكتروني. “حصن مرباط” ، 15 مايو 2016،https://omaninfo.om
3- موقع جريدة وجهات الالكتروني. “وزارة السياحة تضيف حصن مرباط الى قائمة المواقع السياحية والثقافية بالسلطنة”، 1 يوليو 2018، https://wejhatt.com/?p=21914
· الصور العامة بعدسة معدّ التقرير.
· الصور الأرشيفية من شبكة المعلومات العالمية.
· صورة البرزة من أرشيف الباحث سعيد بن خالد العمري.