أثير- موسى الفرعي
لم يعد من السهل في هذا العصر أن يظل الإنسان إنسانا، لا بد من جهاد عظيم في وجه الضغوطات التي تُمارس على الإنسان، ليس من السهل أن تكون من صنّاع السلام في وقت الحروب، أو منحازا للوحدة والإخاء في وقت التمزق والشتات، هكذا كان نضال الشيخ صباح الأحمد الصباح في هذه الحياة منذ وجوده الأول في الحقل السياسي والإنساني، منتصرا ومرتكزا على الإنسان جاعلا منه أوجب الواجبات، لأنه آمن أن العنصر الشعبي هو أحد أهم مكونات النجاح والتقدم، وأن التوجه الإنساني لا يعرف تحديدات جغرافية أو أوراقا رسمية، لذلك عاش حميد المناقب.
ابتسامة نحتها السلام والمحبة على وجهه، وحكمة سعى بها بين شعوب العالم، وقلب دفاق بالإنسانية، تلك معادلات تكوين إنسانه، وقد كان سباقا إلى الخير ولم يحجم في أمر فيه اتزان العلاقات بين الدول والشعوب، وهذا ما جعل منه فقيد الكويت وفقيد الأمة العربية والإسلامية وفقيد العالم. طالما راودني إحساس دائم بأن السلطان قابوس بن سعيد والشيخ صباح الأحمد كانا يمسكان الأرض من جوانبها كي لا تتزلزل تحت أقدام الإنسان وذلك من فضل الله، لكن الخير كله في خلفهم الصالح السلطان هيثم أبقاه الله وأيده بقوته وكرمه والشيخ نواف الصباح أطال الله بقاءه.
إن العارف بحجم الأعمال الإنسانية التي كان ينزع إليها الشيخ صباح الأحمد -رحمه الله- يدرك جيدا إلى أي حد كان مأخوذا ومشغولا بالإنسان، صدق العطاء والبساطة والحكمة والوفاء الكبير، ما أكثر المعايير التي يمكن أن نقيس بها حضوره، وما أعجزنا في التعبير عنها، عاش يغرس مبادئ الإنسانية وقيمها في كل مكان، وسعى منذ يومه الأول إلى خلق بيئة دبلوماسية متزنة وحكيمة ورأب الصدع بين الأطراف المتعارضة والمتخالفة، كما لعب دورا مهما في الوساطة في الوطن العربي ودول الخليج بشكل خاص، إضافة إلى جهوده الجبارة في مجالات العمل الخيري والإغاثة في مختلف أنحاء العالم.
كل ذاكرة ستظل محتفظة بك، وكل قلب اغتسل ببساطتك سيحتفظ بك، عُمان التي أحببتها وآمنت بها قيادة وأرضا وإنسانا ستظل وفية لطيب ذكراك، أمواج بحرها سيظل مختزلا صوتك وضحكاتك، وقراها ستظل محافظة على عطرك بين ممراتها، كل شيء يا أمير القلوب سيظل متمسكا بكل التفاصيل التي تؤدي إلى حضورك في خضم هذا الغياب.
وداعا أمير القلوب.