مسقط-أثير
إعداد: جميلة العبرية
مسقط-أثير
إعداد: جميلة العبرية
تشتهر السلطنة بوجود عدد كبير جدًا من الأفلاج منذ قديم الزمن، وتنقسم الأفلاج في عُمان إلى ثلاثة أنواع هي: الداودية (العِدية)، والغيلية، والعينية.
“أثير” تساءلت عن سبب تسمية الأفلاج الداودية بهذا الاسم أثناء زيارتها للمتحف الوطني حيث يوجد فيه معلومات عن تاريخ الأفلاج في عُمان.
توجد العديد من القَصص والأساطير التي تتناول منشأ منظومة الأفلاج في عُمان، وحسب ما وجده فريق “أثير” الزائر للمتحف الوطني فإن من أكثر الأساطير شيوعًا أن نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام في إحدى رحلاته وهو في طريقه من إصطخر إلى بيت المقدس رأى قلعة سلوت في عُمان وطلب من الهدهد أن يتحرى عنها، فأخبره الهدهد بأن القلعة خالية فنزل فيها ووجد سكانها من البدو وليس لديهم ماء فأمر الجن الذين في طاعته أن يبنوا له ألف قناة في كل يوم من أيام إقامته التي استمرت عشرة أيام، ومن يومها أصبح في عُمان عشرة آلاف قناة مائية.
ويعرف الفلج في العرف العُماني على أنه هو الماء الجاري عبر قناة مشقوقة في الأرض، مصدره المياه الجوفية الموجودة في باطن الأرض، أو المياه السطحية على مجرى الأودية، وتجمع على أفلاج، وهو اصطلاح شامل لنظام من أنظمة الري الذي يستعمل قوى الجاذبية لنقل المياه من مصادرها إلى نطاق استخدامها، ويصل طول البعض منها إلى بضعة كيلومترات، ويتطلب شقها إنشاء فتحات مراقبة، وتهوية لمسار الفلج، تعرف بـ (الفُرضِ)، وممرات مائية فيزيائية تحت الوديان على شكل الحرف (u)، تعرف بـ (غَراق فلَاح)، وكذلك جسور وأنفاق، وثقوب، فوق الوديان، وبين ثنايا الجبال، وكذلك العديد من المكونات الهندسية، والفيزيائية.
ويتكون الجزء الأول من الفلج من البئر الأولى التي يخرج منها الماء وتعرف بـ “أم الفلج”، ثم سير الماء في قناة تحت الأرض؛ مع فتحات للتهوية، والصيانة، يخرج بعدها الماء إلى السطح عند نقطة تسمى “الشريعة”؛ وتكون مخصصة للشرب، بعدها ينطلق ليمر بالقلعة، أو الحصن، فالمسجد، فالقرية، فالمزارع، والحقول (الأموال).
والفلج لغة هو (النهر الصغير)، وكذلك الساقية التي تشق الأرض، والجدول المائي القصير، وفَلج الشيء: شقه نصفين، وفلجت الأسنان تباعد ما بينها، وفلج الفلاح الأرض: شقها، ويلاحظ أن جميع المعاني تتفرع من معنى واحد هو القسمة، والتنصيف للأرض، والمياه، والمجاري.
ومن هذه الأفلاج التي تضرب “أُثير” مثلًا عليها هو فلج الخطمين أحد الأفلاج التي قامت المنظمة العالمية لليونسكو في عام 2006م بضمها إضافة إلى خمسة أفلاج عُمانية أخرى في قائمة التراث العالمي وهي (فلج دارس بولاية نزوى. وفلج الملكي بولاية إزكي، وفلج الجيلة بولاية صور وفلج الميسر بولاية الرستاق).
ويقع فلج الخطمين في بلدة بركة الموز بمحافظة الداخلية، ويعد من الأفلاج الداودية (العذبة) كون أن مصدر تفق مائه يقع تحت الأرض عند سفح الجبل الأخضر، ويبلغ إجمالي طول الفلج، من الأم حتى الشريعة حوالي (2450) مترًا ويصل عمق أم الفلج إلى حوالي 17 مترًا ونصف المتر.
وأهم ما يميز هذا الفلج هو التدفق الكثير والدائم لمائه، ولقد سمي بهذا الاسم نسبة لرواية تقول بأن شقه أدى إلى تدني منسوب المياه في فلج الخطمة بولاية منح فهو خطم، أو منع نسبة من المياه عن ذلك الفلج، أي إنه خطم الماء عن فلج الخطم، فشاعت التسمية (الخطمين) ولذلك أمر الإمام بشق فلج الفيقين بولاية منح، عوضًا عن نقصان الماء في فلج الخطم.
ويعود حفر الفلج إلى أكثر من ثلاثمائة عام عندما كلف الإمام سلطان بن سيف اليعربي أفراد قبيلة بني ريام بشقه.