فضاءات

رحيمة المسافر … عطاء خالد

رحيمة المسافر … عطاء خالد
رحيمة المسافر … عطاء خالد رحيمة المسافر … عطاء خالد

أثير- ناصر الحارثي

رحلت عنا امرأة مفعمة بالانسانية هي مدرسة في العمل الخيري، فقد كانت رحيمة بالناس عطوفة بالمحتاجين، ملهمة ومجتهدة، جمعت صفة الأم الرؤوم بالأطفال، والمرأة الداعمة للمحتاجين، والأخت المساندة للأمهات، والمتطوعة في الميدان في كل وقت وزمان.

في هذا المقال سأسرد عشرة صفات ملهمة التي اتصفت بها رحيمة المسافر والتي اشتهرت باسم “أم سارة” وجهودها لأكثر من 25 سنة والتي يجعل منها رمزا ملهما لكل عامل أو مهتم أو متخصص بالعمل التطوعي:

1. الشغف في التطوع
لم تكن أم سارة مجرد امرأة مبادرة في العمل التطوعي فهي على الرغم من أنها تملك مؤسسة خيرية تخدم آلاف المحتاجين إلا أن رقم هاتفها مفتوح للجميع، وهو أمر مجهد لا يتحقق إلا بوجود شخص يتملكه إيمان عميق بقضية المحتاجين ورغبة دائمة لمساعدتهم مهما كانت الظروف


2. إنقاذ أسر وأطفال
كانت أم سارة تسعى بشكل دائم إلى إنقاذ الأسر عبر دعمها وتوفير كافة الاحتياجات الأساسية، العجيب أنها لم تدعم الأسر الفقيرة فقط، بل دعمت الأسر المتضررة بسبب أنواء مناخية أو ظروف استثنائية، دعمت حتى الأسر التي تعاني من بطش المعيل وهيمنته عليها وإذلالها، وذلك لإداركها بأن الجمعية جاءت لدعم الأمومة والطفولة لمساندة المحتاج، للتكاتف مع الجميع


3. التواصل … قاعدة بيانات
حرصت أم سارة أشد الحرص على تطوير آلية العمل التطوعي، لذا قامت مع فريقها على تشكيل فريق يخدم جميع مناطق السيب وشبكة تواصل قوية مع جميع محافظات السلطنة، للتوفير المعلومات ودعم المحتاجين مما جعل مؤسستها تمتلك أقوى قاعدة بيانات للعمل الخيري في السلطنة، كما أسست موقع الكتروني وقنوات تواصل نشطة على مدار الساعة


4. مواجهة التحديات المستمرة
إن الجهود التي بذلتها أم سارة جعلت الكثير من المؤسسات المرتبطة أو ذات العلاقة في العمل الخيري سواء الحكومية أو الخاصة في موقف حرج، لذا كانت أم سارة تعاني باستمرار من ثنائية غريبة وهو الاعتراض على تداخل الصلاحيات وفي الآن ذاته طلب المساندة


5. ذات نفس طويل
لطالما عانت أم سارة من العراقيل التي تعترض طريق عملها الخيري فهو ليس عمل بسيط يعتمد على جلب الأموال من الفقراء ومنحها للأغنياء، بل الأمر في غاية التعقيد لأن هناك الكثير من الأمور المتشابكة في إطار العمل الخيري، كالجانب الديني والاجتماعي والثقافي والمؤسسي وغيرها، فقد كانت تقول لدي من قصص العراقيل الشيء العجيب لذلك اتجنب كثيرا مواجهة الإعلام حتى لا أثير غضب بعض الجهات


6. هم الاستدامة
كانت أم سارة تقول بأن هدفها الرئيسي هو انتشال الأسرة المتعففة من وضع طلب الدعم إلى وضع الاعتماد على النفس لذلك كانت تبحث دوما مع الجهات والأطراف الاخرى عن مشاريع لدعم الأسر المتعففة حتى تسطيع توفير لقمة العيش لها، كما قامت بتوفير المعارض والمخازن الدائمة والمؤقتة لدعم الأسر المحتاجة


7. المبادرة والترحيب بأهل الخير
لطالما كانت أم سارة مرحبة بكل أهل الخير والراغبين في العطاء ، كانت ترحيبها وابتسامتها تفتح القلب وتزيل الشكوك وذلك عبر بساطتها وشقافيتها، واستطاعت أم سارة عبر مؤسستها وفريقها أن تشكل حضورا في معظم الفعاليات والأحداث حتى تتمكن من ربط الداعمين بالمحتاجين،


8. أفضل الممارسات في العمل التطوعي
لطالما اهتمت أم سارة بجلب أفضل الممارسات في العمل التطوعي سواء محليا أو عربيا أو عالميا وتوظيفها في مؤسستها الخيرية، وكان ذلك عبر الجلوس المستمر والاستماع لآراء المهتمين، أو عبر تنظيم الفعاليات والمشاركة فيها


9. الشفافية والباب المفتوح
على الرغم من الانشغالات الكثيرة بسبب تنوع العمل الخيري وارتباطه بعدة جهات إلا أنها حرصت أشد الحرص على الترحيب بكل أحد، وأن تتسم مؤسستها بالشفافية قدر الإمكان، وكشف الأرقام بشكل سنوي، وكانت تحاول شرح جهودها حتى لأبسط الناس فلم تكن تمايز بين البشر، وكانت تتقبل العطاء مهما قل حجمه أو وقته، كانت تقول استمعنا للكثير الكثير من الأفكار وآلاف الوعود لتبني المبادرات، تحقق منها الجزء البسيط ولكن أثره كان عظيم


10. المؤسسة أولا
استطاعت أم سارة أن تدير جمعية الرحمة بكفاءة واقتدار وأن تترك بصمة في كل المجالات، وفي كل ربوع عمان الغالية، إلا أنها كانت شديدة الحرص على أن يعلو اسم المؤسسة فوق كل شيء، فلم تكن تتحدث أبدا عن جهد شخصي وكانت تحرص أشد الحرص على إشراك الآخرين من أعضاء مجلس إدارة المؤسسة في اتخاذ القرار


لقد كافحت في مرضها وتابعت جهود المحتاجين حتى عند اشتداد مرضها، منذ بدأت العمل الخيري لم تتوقف عن العمل صبح مساء إلى أن صدمنا خبر وفاتها، فهو نبأ مفجع ومؤلم لنا، ودروسها ستبقى خالدة كعطائها الدائم، وسيذكر الناس أي امرأة كانت، وأي عطاء قدمت، فلها كل الشكر والثناء ونسأل المولى المغفرة الواسعة لها.

Your Page Title