فضاءات

المكرّم السيد نوح البوسعيدي يكتب: ليلة القدر.. إيماننا الجميل البسيط

المكرّم السيد نوح البوسعيدي يكتب: ليلة القدر.. إيماننا الجميل البسيط
المكرّم السيد نوح البوسعيدي يكتب: ليلة القدر.. إيماننا الجميل البسيط المكرّم السيد نوح البوسعيدي يكتب: ليلة القدر.. إيماننا الجميل البسيط

المكرّم السيد نوح بن محمد البوسعيدي

حينما كان الأهل يتحدثون معنا عن ليلة القدر، فإن المشهد الدرامي كفيل بأن يشد انتباه كل طفل. كانت ليلة القدر تصوّر بأنها ليلة تمتليء فيها السماء بلآلئ من نور تضيء الكون وأن الأجواء يعّمها السكون وتهب نسمات باردة جميلة تملأ الأرجاء وأن الكون يُعطّر بأريج العود والعنبر، مظهر بلا شك يبهج النفس ويريح القلب ويشوّق الإنسان.

ويضاف أن رؤية هذا المشهد ممكنة لكل مؤمن فما علينا إلا أن نلتزم الذكر والطهارة ونحسن الصيام والعمل الصالح.

كنا نبقى مستيقظين ننتظر اللحظة الجميلة لنزول ليلة القدر، وفي اليوم التالي البعض من يقول أنه شهدها وأن تجربته كانت رائعة، وكم سمعنا من الأصحاب من الوصوف المختلفة الجميلة، ولم نكن نسأل إن كان ذلك صدقاً أو ادعاءً أو أن هذا يجوز أو لا يجوز أو أنه ورد في هذا الأثر أو لم يرد. لم نكن نكترث بتمحيص إيمان الناس، الكل لدينا مؤمن وصادق.

لم يكن هناك تخويف أو توبيخ أو تعقيد. والتالي يتسلل الإيمان إلى قلوب النشء بكل أريحية. إنه الإيمان الجميل البسيط.

لم يكن لدينا دشاديش كثيرة وربما أغلبنا دشداشة أو اثنتان بالتالي لم نكن نعبأ ولا أحد غيرنا بأنها قصيرة أو طويلة ، ولا أحد يبلغنا بأن دشداشتنا هي عنوان تقوانا أو وسيلة قبولنا لدى الله. إنه الإيمان الجميل البسيط.

كنا نصلي ونصوم وننام ونقوم ونأكل ونشرب ونعيش حياتنا بكل أريحية موقنين برحمة الله وأننا في كنف الله ونعي بأننا مسلمون وأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم هو الرحمة العظمى للعالمين.

لم نكن نحتاج لسيل من الفتاوى والاستفتاءات حول ما يجوز أو لا يجوز في أدّق الأمور وأصغر المسائل. لم نكن نعبأ ولا يهمنا أبداً إن كانت قطرة العين تفطر أو شرب جرعة ماء على الأذان تبطل صيامنا أو هذه الحركة أو تلك تخرجنا من ملّة الإسلام، كانت قلوبنا مملؤةً ثقة وحبّاً لله. إنه الإيمان الجميل البسيط.

لم تكن مناسبة النصف من رمضان أو القرنقاشوه تعني لنا أكثر من قطعة حلوى نتلذذ بطعمها وكأنها مكافئة لنا على إنجاز صيام نصف الشهر ولم تكن القرنقاشوه كرنفالات ولا طبول أو صهيل بل أذكار روحانية وبعض الترنيمات من باب الدعابة البريئة التي لا يقصد به سوى الحصول على بعض الحلوي اللذيذة في زمن كانت الحلوى فيها من الرفاهيات المقترنة بالمناسبات فقط. إنه الإيمان الجميل البسيط.

حينما نذهب إلى المسجد الجميل البسيط لا نلقى سوى الجو الجميل البسيط حيث يتجلى الإيمان الجميل البسيط، فنرى وجوه الكبار مستبشرة وألسنتهم تلهج بالذكر ومنهم من يُحضر القليل من التمر مع القهوة للجميع وكانت العلاقات فيها أريحية وموّدة. لم يكن هناك من يرصد صلاتنا أو يعاين ملابسنا أو يمحّص وجوهنا أو ينادي على المصلين تعال هنا وقف هنا واصطف هناك. كان المسجد مسجداً للمؤمنين بحق وليس معسكراً لطابور من المجندين. إنه الإيمان الجميل البسيط.

وحينما كنا نذهب إلى مدارس القرآن ورغم استخدام بعض المعلّمات أو المعلمين حينها للعصي، لكن كانت التجربة جميلة ونستشعر لذه قراءة القرآن الكريم ونحّس بروحانيته وجماله وبركته ونوره وكان التعليم جميلاً بسيطاً، لم يكن المعلمون أو المعلمات يهتمون بأكثر من ضبط الحروف والحركات والآيات بلسان عرّبي مبين. إنه الإيمان الجميل البسيط.

سلامٌ على الإيمان الجميل البسيط.

Your Page Title