أثير – ريـمـا الشـيخ
أثير –
ريـمـا الشـيخ
”الكاذي“، شجرة معمرة ضمن مملكة النباتات من العائلة الكاذية ذات الفلقة الواحدة، عُرفت منذُ القدم في سلطنة عُمان، وكانت النساء تتولى زراعتها دون الرجال، حيث يقمن بزفَّها كما تُزَفُّ العروس، ويشترك غالبًا في هذه الزفة أهل البيت مع الجيران، ويعرف ذلك ”بزف الكيذا“ وقد فسر البعض بحسب معتقدهم تولي النساء زراعة الكيذا بأنه إذا قام الرجل بزراعتها فإنه يؤدي إلى موته.
”الكاذي“
فما هذه الشجرة؟ وأين تنتشر؟
تشير المعلومات التي رصدتها ”أثير“ من الموسوعة العمانية إلى أن ارتفاع شجرة الكاذي يصل إلى أكثر من 5 أمتار، وبها ساق أسطوانية تتفرع من قاعدة خشبية، وأوراقها طويلة متعاقبة سيفية الشكل ورفيعة، وحافاتها تامة وذات أطراف حادة تكسوها أشواك رفيعة، وتنمو قنابتها الزهرية مفردة في قمة الشجيرة، وتتفرع الشجيرة بعد خروج الطلع إذ تموت قمتها لتخرج فسائل أخرى جانبية.
وتُعرف هذه الشجرة محليًا بـ ”كيذا“ أو ”كيذاه“، وتعرف باللغة الإنجليزية بـ Screw Pine ، وتزهر في شهري يناير وفبراير من كل عام.

وذكرت شجرة الكاذي في التراث العربي بأنها تنبت في سلطنة عُمان، إذ قال ابن منظور في معجمه ”لسان العرب“:الكاذيّ -بتشديد الياء- نبات من بلاد عُمان وهو الذي يطيب به الدهن الذي يقال له الكاذي.
وذكر ابن سيده في كتابه ”المحكم والمحيط الأعظم“:الكاذي شجر طيب الريح يطيب به الدهن ونباته ببلاد عُمان، كما ذكره أيضًا الزبيدي في ”تاج العروس“.
تنتشر شجرة الكاذي في المناطق المتأثرة بالأمطار الموسمية من محافظة ظفار، وتزرع في المزارع وبساتين النخيل والحدائق المنزلية في شمال السلطنة.
ويدخل لب ثمرة الكاذي (الزهرة) في صناعة سُحَّة الرأس وهي تمر مضاف إليه ورق الآس ”الياس“ ومسحوق الورس والمحلب وماء الورد ولب شجرة الكاذي وهي الزهرة العطرية، حيث تعجن مع بعضها وتداوى بها الحيوانات الملدوغـة، أو الحمرانة، وهي التي تكون قد أكلت كثيرا من الطعام؛ فيقدم لها لقمة من هذا العجين.

كما يستخرج من ثمرتها بعد عصرها ماء الكيذا الذي يباع على نطاق تجاري ويستعمل عطرا، ويضاف قليل منه إلى ماء الشرب.

ويقال بأن النساء في الماضي يضعن زهرة الكاذي في خزانة الملابس وفي مسحوق الصندل الذي يدهن به الوجه والأنف لرائحته الزكية، كما كُنَّ يخلطنها مع زيت الشعر، ويضاف أوراق الـكاذي اللبية الطازجة نكهة إلى ماء الشرب وذلك بوضعها مباشرة في آنية تبريد الماء الفخارية ”الجحلة“ و ”الحب“، وقد كان يضاف ورق نبات الآس إلى الكاذي والخمرة المصنوعة من التمر والشنة و البصيلة (نباتات عطرية)، فتعجن بعضها مع بعض ثم تطبخ، وكانت النساء يتخذن هذا الخليط دهانا لرؤوسهن.