أخبار

الزواج من أجانب أصبح مباحًا دون الحاجة لتصريح: قراءة قانونية في المرسوم السلطاني الجديد

Atheer - أثير
Atheer - أثير Atheer - أثير

أثير-المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

ارتأى المشرع العماني بموجب المرسوم السلطاني رقم (٥٨/ ٩٣) تنظيم شؤون زواج العمانيين من أجانب؛ وبدا في حينه أن يوكل مهام تنظيم هذا الشأن إلى وزارة الداخلية بموجب نص المادة (١) من ذلك المرسوم التي نصت على أنه: “يفوض وزير الداخلية في إصدار أحكام تنظيم زواج العمانيين من أجانب” وعلى إثر ذلك صدر القرار الوزاري رقم (٩٢/ ٩٣) وتعديلاته بتنظيم زواج العمانيين من أجانب، حيث تضمن هذا التنظيم اشتراط الحصول على تصريح مسبق من قبل وزارة الداخلية للزواج من الخارج، فضلًا عن أن هذه الشروط كانت مقيدة لمسألة الزواج من أجانب، وذلك وفق ما كان من رؤية في حينها رسمها المشرع في تلك الفترة، اقتضتها ظروف الحال والمآل.

ويوم أمس ١٦/ ٤/ ٢٠٢٣م أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مرسومًا سلطانيًا ساميًا تضمن إلغاء المرسوم السلطاني رقم (٥٨/ ٩٣) وإلغاء اختصاص وزارة الداخلية في تنظيم زواج العمانيين من أجانب، فنص في المادة الأولى منه على إلغاء نص المادة (١) من المرسوم السلطاني رقم (٥٨/ ٩٣)، وبالتالي ألغي كل ما تلا ذلك من قرارات واختصاصات لوزارة الداخلية في تنظيم زواج العمانيين من أجانب بحسب أن المرسوم السلطاني في مرتبة أسمى من القرارات الوزارية فلا تقوى هذه الأخيرة على الوقوف في مواجهة المرسوم وتضحي هي والعدم سواء، خصوصا وأن المرسوم لم يتضمن نصًا أو إشارة ضمنية من شأنها الفهم باستمرار العمل بالقرارات السابقة الصادرة عن وزارة الداخلية في شأن تنظيم زواج العمانيين من أجانب.

ووضح المرسوم السامي في المادة الثانية منه شروط الزواج من أجانب وذلك بألا يكون الزواج مخالفًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وألا يكون مخالفًا للنظام العام في سلطنة عمان، وهما الشرطان الأساسيان للزواج من أجانب؛ فأصبح مباحًا الزواج من أجانب دون الحاجة إلى تصريح ويكون الأصل في هذا الزواج الإباحة ما لم يخالف ذلك الشريعة الإسلامية أو النظام العام في السلطنة.

وأبقى المشرع على جزئية عدم تولي الوظائف العامة لكن بشرط جوهري وهو في شأن بعض الوظائف ذات الطبيعة الحساسة أو التي تتضمن شروطها ألا يكون من يشغلها متزوجًا من أجنبية، ويتعيّن أن يكون نص القانون لهذه الوظيفة يمنع شغلها ممن يتزوج من أجنبية وهو استثناء وحيد في هذا الصدد؛ وبالتالي تبقى مسألة الزواج من أجانب الأصل فيها الإباحة.

وللاعتداد بهذا الزواج نظمت المادتان الثالثة والرابعة من المرسوم آلية التصديق على زواج العمانيين من أجانب؛ وذلك بأن تعتمد في المحررات الرسمية المثبتة لواقعة الزواج، كما اعتد المشرع بمحررات إثبات واقعة الزواج التي صدرت قبل صدور هذا المرسوم حمايةً لحقوق ذوي الشأن الذين سبق زواجهم من أجانب، ومساواة من المشرع بين الناس في هذا الشأن.

ولعل التساؤل يكون حول من هم في أروقة المحاكم الجزائية المخالفين لقرارات تنظيم زواج العمانيين من أجانب السابقة؛ فبموجب المادة الرابعة من المرسوم أصبح وضعهم صحيحا قانونًا، وبالتالي تنقضي في مواجهتهم الدعوى العمومية. وأما من صدرت بشأنهم أحكام قضائية؛ فإنه إعمالًا لأحكام المادة (١٣) من قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٧/ ٢٠١٨) التي تنص على “يطبق القانون الأصلح للمتهم إذا صدر بعد ارتكاب الجريمة، وقبل أن يصبح الحكم الصادر فيها باتا. وإذا صدر – بعد صيرورة الحكم باتًا – قانون يجعل الفعل الذي حكم على المتهم بسببه غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم، وتنتهي آثاره الجزائية”، وعليه؛ فإن من صدرت بشأنهم أحكام قضائية بسبب هذا الموضوع سابقًا يتعين وقف تنفيذ العقوبات الصادرة بحقهم طالما ظلت سارية المفعول ولم يتم تنفيذها كاملة بعد.

Your Page Title