أثير – د. محمود بن ناصر الرحبي استشاري أول طب الطوارئ
للفرحة أساليبٌ متعددة للتعبير عنها ولكن يجب ألا يؤدي ذلك التعبير إلى حدوث كارثة تعكر صفو المناسبة السعيدة، ومن بين الأساليب التي اتخذها البعض للتعبير عن فرحتهم استخدام الألعاب النارية بدون تقديرٍ للخطورة التي قد تمثلها تلك الألعاب من تبعاتٍ سلبية فقد تكون بمثابة قنابل موقوتة إن صح القول.
وقبل التعريج للحديث عن خطورة تلك الألعاب ومضاعفاتها كان لابد من إثراء معارفنا بما يتعلق بها، حيث تصنع الألعاب النارية بالأساس من بودرة البارود، وهي خليط من الملح الصخري والكبريت والفحم، ويتم إضافة مواد كيميائية للحصول على المؤثرات ووضعها جميعا داخل غلاف، مع وجود صمامات للتأكد من عدم انفجارها إلى حين استخدامها، وتختلف المواد الكيميائية المضافة إليها اعتمادا على نوعها (صواريخ، مفرقعات، قنابل وغيرها) وفي هذا الجانب، يقول الكيميائي رضا مصطفى السيد مستشار الصحة والسلامة المهنية لعدد من شركات البترول: تعتمد صناعة المفرقعات أساسًا على نترات البوتاسيوم وخامس أكسيد الفوسفور؛ فعند تحلل نترات البوتاسيوم بالحرارة يتولد أكسجين مصحوبًا بانفجار، مما يولد صوتًا عاليًا، وكذلك خامس أكسيد الفوسفور بالتسخين يتولد منه ثالث أكسيد الأكسجين، ويعطي أيضًا نفس الصوت والانفجار، وهو المطلوب في الاحتفالات، وتصدر عن هذه المادة عند اشتعالها كميات من الغازات بشكل مفاجئ وتعتمد فكرة جميع الألعاب النارية على هذه المعادلة، سواء تم التفجير بالحرارة أو عن طريق الصدمات، كما تحتوي الألعاب النارية على الألمنيوم والحديد والزنك والمغنيسيوم، من أجل الحصول على الشرارات المتلألئة والإضاءة والألوان المختلفة.
وتكمن الخطورة الرئيسية لتلكم الألعاب في الإصابات الناجمة، عنها فحتى الشرارات والتي يعتقد البعض أنها آمنة لكونها لا تنفجر تعد خطرة حيث إن سخونة رؤوسها قد تصل إلى 600 درجة مئوية وذلك وفقاً لتقارير عالمية متخصصة، وتتعدد المخاطر الناجمة لتشمل الحروق من الدرجة الثالثة، والإصابة بندبات جلدية مُشوهة ودائمة لا تزول، إضافةً إلى الإصابات من القطع المتناثرة واستنشاق الدخان الذي قد يؤدي إلى مشاكل في الجهاز التنفسي مثل الربو وغالباً ما تقع معظم الإصابات في اليدين والعينين والوجه وهو ما يؤدي في الغالب إلى الإصابة بالعمى وفقد القدرة على الإبصار، وذلك ما تعج به أقسام الطوارئ في أيام العيد مما يشكل ضغطاً على القسم ويحرم المرضى الآخرين من تلقي علاجهم بشكلٍ كافٍ، إضافة إلى بعض الحالات كالعيون مثلاً قد تكلف مبالغ طائلة في علاجها وهذا يمكن تفاديه لو انتبه الوالدان لأبنائهما وأبعدا عنهم تلك الألعاب الخطيرة.
ونتيجة للتزايد الملحوظ في أعداد الإصابات الناتجة جراء الألعاب النارية والتي تتركز ضحاياها في الأطفال دون سن العاشرة، سعت دول العالم للحد من انتشار ظاهرة الألعاب النارية والمفرقعات بين المواطنين سواء من خلال تشديد الرقابة عليها ومصادرتها أو فرض عقوبات كالسجن والغرامات المالية لمستخدميها ومروجيها، وذلك حفاظا على صحة المجتمع وسلامته، حيث تعتبر هذه الألعاب قنبلة موقوتة في أيدي مستخدميها من الكبار والأطفال بشكل خاص، وهذا ما تبذله شرطة عمان السلطانية مع مختلف الجهات المختصة للحد من انتشارها وتداولها بين الكبار والصغار على حدٍ سواء، إيمانا منهم بخطورة استخدامها والآثار السلبية الناتجة عنها.
وأخيرا لا تتحقق تلك الجهود كاملةً إلا باكتمال ثقافة المجتمع الأكيدة بأهمية الحفاظ على صحة أبنائه والنأي بهم عن المخاطر، حفظ الله الجميع من كل سوء، وكل عامٍ والجميع بخير.