أثير – مكتب أثير في تونس
حاوره: محمد الهادي الجزيري
العفويّة في الإجابات، والصراحة في القول ودماثة الأخلاق، هذا ما تخرج به من حوارك مع الأكاديمي المصري حسني إبراهيم عبد العظيم الذي أقام في مسقط منذ فترة قصيرة، وحدّثنا عن تفاصيل هجرته إلى عُمان، وتطرّق في حديثه إلى حادثة طريفة وقعت له في المطار، وإلى تفكيره في إصدار كتاب حول سوسيولوجيا التسامح في المجتمع العماني، سيتناول رصد للأبعاد الاجتماعية والتاريخية والثقافية، لثقافة التسامح التي يتسم بها المجتمع العماني، وحدثنا عن أسماء أدبية تعرّف عليها، هذا ملخّص الحوار وإليكم التفاصيل…
– أوّل الأسئلة المطروحة، كيف انتقلت إلى جامعة سلطان قابوس وبدأت العمل بها يوم 20/ 9 / 2021، كيف تمّ الأمر؟ لعديد المتحاورين حكايات طريفة قادتهم إلى بلد مطلع الشمس، أم حدث الأمر طبيعيا، كيف تمّ الأمر؟
أوّل الأسئلة المطروحة، كيف انتقلت إلى جامعة سلطان قابوس وبدأت العمل بها يوم 20/ 9 / 2021، كيف تمّ الأمر؟ لعديد المتحاورين حكايات طريفة قادتهم إلى بلد مطلع الشمس، أم حدث الأمر طبيعيا، كيف تمّ الأمر؟
الحقيقة أن العمل في جامعة السلطان قابوس والعيش في سلطنة عُمان، كان حلما يراودني منذ فكرت في السفر للعمل خارج مصر، وذلك لما عرفته عن هذا المجتمع من خصائص وسمات قلما توجد في مجتمع عربي آخر، فمن خلال ما سمعته ممّن كان لهم حظّ العيش في السلطنة، ازداد شوقي ورغبتي للعيش فيها، فالكلّ يجمع على ما يتسّم به هذا المجتمع من التسامح الذي ليس له نظير، والودّ الذي يغمر به كل من يفد إليه، وحسن السلوك وسُموّ الطباع وطيبة المعشر، كلّ ذلك جعلني بالفعل أتمنّى أن أعيش وسط هذا الشعب الطيب العريق…
أما قصة انتقالي للعمل في جامعة السلطان قابوس، فكانت من خلال إعلان على موقع الجامعة عن حاجتها إلى أعضاء هيئة التدريس في قسم علم الاجتماع، فتقدمت للإعلان، وبعد فترة تلقيت إعلانا من الجامعة أنّه وقع الاختيار عليّ ضمن قائمة قصيرة من المرشحين، وتمّ تحديد موعد لإجراء المقابلة الشخصية عن بعد، وتمت المقابلة بنجاح والحمد لله، وكتب الله لي نصيبا للمجيء إلى هنا.
– هل وجدت صعوبة ما في اختلاطك بالناس وعاداتهم، أصار لك أصدقاء منهم يزورن وتزورهم من حين إلى حين؟ فطبيعة المجتمع قريبة جدّا من المجتمع المصري؟
هل وجدت صعوبة ما في اختلاطك بالناس وعاداتهم، أصار لك أصدقاء منهم يزورن وتزورهم من حين إلى حين؟ فطبيعة المجتمع قريبة جدّا من المجتمع المصري؟
لا لم أجد صعوبة على الإطلاق، فبمجرّد وصولي إلى مطار مسقط، لاحظتُ مدى الودّ والرقي والاحترام في التعامل، والاستقبال الدافء من كلّ من تقابله، ومن المواقف الطريفة التي حدثت لي في المطار أن سيارة الجامعة التي كان مزمع لها استقبالي في المطار تأخرتْ قليلا، أو بالأحرى أنا لم أتمكن من التواصل معها، فذهبتُ إلى موقف التاكسي وكانت الأسرة معي، وأخبرت السائقين أنني أريد فندقا قريبا للمبيت وشرحتُ لهم الظروف، ووضعت أمتعتي في التاكسي، وماهي إلا دقائق حتى تواصل معي مسؤول الجامعة، وقام بنقلي إلى مقرّ سكني، وأردت أن أعطى السائق قيمة المشوار لأنني فوّت عليه دوره في الموقف، إلاّ أنّه رفض بشدة أن يتقاضى أيّ مبلغ.
أصبح لديّ أصدقاء كثيرون أزورهم ويزوروني، وأشاركهم مناسباتهم الاجتماعية المختلفة، الزواج أو الوفاة، وتوثقت علاقاتنا بكثير من العائلات العمانية، فالحقيقة أن الشعب العماني شعب مضياف وودود وكريم، وهناك الكثير من العادات والتقاليد المشتركة بين المجتمع المصري والمجتمع العماني.
– هل أنت بصدد القيام ببحث ما في مجالك العلمي؟ هل تستعدّ لإصدار كتاب ما في مسقط؟
هل أنت بصدد القيام ببحث ما في مجالك العلمي؟ هل تستعدّ لإصدار كتاب ما في مسقط؟
بدأت نشاطي العلمي بعد فترة وجيزة من وصولي للسلطنة فأنجزت بحثين، أحدهما عن بعض التأثيرات الاجتماعية لكوفيد – 19 على المجتمع العماني، والآخر حول الأنشطة الطلابية في الجامعة، وأثرها في تراكم رأس المال الاجتماعي للطالب الجامعي، كما أنجزت بالاشتراك مع الأستاذين الدكتور عثمان محمد عثمان والدكتور الطاهر سعود دراسة مهمة عن حالة علم الاجتماع في سلطنة عمان، أظنها الدراسة الأولى في هذا المجال.
وأنا أفكر بالفعل في إصدار كتاب حول سوسيولوجيا التسامح في المجتمع العماني، سيتناول رصد للأبعاد الاجتماعية والتاريخية والثقافية، لثقافة التسامح التي يتسم بها المجتمع العماني، وفي هذا الصدد أؤكد أن قيمة التسامح منغرسة في عمق المجتمع العماني من زمن قديم، ورسختها القيادة السياسية ممثلة في جلالة السلطان قابوس طيب الله ثراه، وما زال يرعى غرسها ويدعمها جلالة السلطان هيثم حفظه الله ورعاه.
– بالرغم قصر المدّة التي قضيتها في السلطنة، هل تعرّفت على أسماء هامة في الجامعة وفي الأدب العُماني عامة؟
بالتأكيد تعرفت على العديد من الأسماء في الجامعة وفي الأدب العماني، فمثلا تعرفت على اسم الدكتورة جوخة الحارثي وهي روائية متميزة فازت روايتها (سيدات القمر) بالعديد من الجوائز الدولية، وهي بالمناسبة أستاذة في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية جامعة السلطان قابوس، وتعرّفت أيضا على اسم محمود الرحبي وهو أديب وقاص معروف في الفضاء الثقافي العماني، ونال الكثير من الجوائز المحلية والدولية، له العديد من الروايا كان آخرها أوراق الغريب في عام 2017، بالإضافة لعدد كبير من المجموعات القصصية، وهناك أيضا بشرى خلفان وهي قاصة وروائية وشاعرة ولها اسم وازن أيضا في الأدب العماني.
– هل وجدت فرقا بين التدريس المصري والعماني أم العكس تماما؟ هل تأقلمت سريعا مع الزملاء والطلبة في بداية عملك في الجامعة؟
فلسفة التدريس واحدة من حيث تعليم الطلاب المعارف والمهارات المرتبطة بعلم الاجتماع، وكيفية الاستفادة من العلم في فهم الواقع الاجتماعي في كلا المجتمعين وحلّ مشكلاته، غير أن هناك بعض الفروق البسيطة، منها ما تتسم به جامعة السلطان قابوس من سمات تجعل التدريس فعالا ومثمرا مثل توفر الإمكانات والتجهيزات اللازمة للعملية التعليمية، وكذلك الحرص على أن تكون أعداد الطلاب في الفصول الدراسية صغيرة، وهو ما يوفر جوا مثاليا للتدريس، كذلك نلمس لدى معظم الطلاب دافعية قوية للتعلم، ورغبة حقيقية في التحصيل العلمي، ويتسم الطلاب هنا بالأدب الجمّ والرقي والاحترام في التعامل مع أساتذتهم ومع بعضهم البعض.
وقد تأقلمت سريعا في بيئة العمل، فالحقيقة أنني لمست لدى زملائي من أعضاء هيئة التدريس بالقسم والكلية كل الاحترام والتقدير والرقي في التعامل، ولم أشعر لحظة أنني غريب عن هذا المجتمع.
– كيف تقضي وقت فراغك؟ هل استهوتك مناطق جميلة بعينها في مسقط وعُمان عموما؟ وهل ثمّة أماكن أخرى راقت لك؟
أقضي وقت فراغي بين الحين والآخر مع العائلة في الذهاب إلى سوق مطرح مثلا، والقيام ببعض الرحلات البحرية القصيرة في الخليج، وذهاب الأبناء للمناطق الترفيهية في المولات المعروفة في مسقط، والتعرف على المطبخ العماني من خلال بعض المطاعم العمانية، خاصة مطعم (روزنة) الذي صمم بطريقة تراثية على شكل قلعة عمانية عتيقة، والتعرف كذلك على المطاعم الأخرى اليمنية والتركية والإيرانية وغيرها.
نظرا لقصر المدة التي قضيتها هنا حتى الآن، فلم تتح لي الفرصة لزيارة المناطق الجميلة هنا وما أكثرها، ولكن في المستقبل القريب سنزور حتما صلالة ونزوى والجبل الأخضر وغيرها إن شاء الله.