أثير- المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
لمأمور الضبط القضائي سلطات مهمة ينبغي على الجمهور العلم بها؛ حتى نقضي على إشكالية الجهل بالقانون؛ لأن الجهل به قد يستخدمه البعض كعذر حتى يفلت من العقاب ويوحي له عقله القاصر بذلك، لكن لا يُعدّ هذا الجهل عذرًا للإفلات من العقاب، ويجب العلم بأن من سلطات مأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش وكذلك الاستيقاف.
وفي هذه الزاوية القانونية عبر “أثير” سنقوم بتوضيح كل سلطة منها لعدم الخلط بينها.
أجاز القانون لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش للشخص إذا توافرت حالة من حالات التلبّس، وأيضا القبض والتفتيش الناتج عن الاستيقاف، ونود أن نوضح الفرق بينهما حتى لا يتم الخلط في هذه النواحي القانونية والإجرائية.
الحالة الأولى: القبض على الشخص وتفتيشه إذا توافرت حالة التلبس
حالة التلبس هي الجريمة الظاهرة أي الجريمة التي يدركها مأمور الضبط القضائي بإحدى حواسه (الرؤية ، الشم، السمع) كمن يرى شخصًا يتعاطى المادة المخدرة أو يشم دخان تلك المادة أو يسمع صوت إطلاق الأعيرة النارية.
وعليه؛ فإن مأمور الضبط القضائي لا يجوز له أن يأخذ معلومة من مصدر سري بأن شخصا ما يبيع مواد مخدرة، ولا يجوز له القبض عليه أو تفتيشه؛ وذلك لعدم توافر حالة من حالات التلبّس، وإنما عليه أن يدرك الجريمة بحواسه، وليس عن طريق الغير.
والتلبّس بالجريمة يجب أن يتوافر له أربع حالات وضحتها المادة رقم (38) من قانون الإجراءات الجزائية وهي كالآتي:
تُعدّ الجريمة متلبسا بها في الأحوال الآتية :
– حال ارتكاب الجريمة
– عقب ارتكابها ببرهة يسيرة
– إذا تبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها
– إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أي شيء يستدل منه أنه فاعل أو شريك في الجريمة أو إذا وجدت به في هذا الوقت علامات أو آثار تفيد ذلك. وهذه الحالات لا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها.
وأيضا يجب توافر ثلاثة شروط للتلبس، هي:
– أن يتم الكشف عن الجريمة بطريق مشروع.
– أن يكون سابق على إجراءات التحقيق.
– أن يكون التلبس إرادي.
وإذا توافرت حالة من حالات التلبس جاز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه.
الحالة الثانية: القبض والتفتيش الناتج عن الاستيقاف
هو إجراء استدلالي مرتبط بالضبط الإداري أي السابق على ارتكاب الجريمة، ولا يوجد نص قانوني ينظمه، إنما هو من إبداعات المحكمة العليا العمانية، وكذلك محكمة النقض المصرية، وفي عموم معناه أن الشخص هو من يضع نفسه في مواضع الشك والريبة، ومن يملك ذلك الاستيقاف هو رجل السلطة العامة ومن باب أولى مأمور الضبط القضائي.
وتحكمنا هنا القاعدة الإجرائية التي تقول بأن ” الأعمال الإجرائية محكومة من حيث الصحة والبطلان بالمقدمات لا بالنتائج” أي إذا كان الاستيقاف صحيحا كان ما يليه من إجراءات صحيحًا. ولا يكفي أن يذكر مأمور الضبط القضائي أن الشخص وضع نفسه في مواطن الشك والريبة لكن عليه أن يسردها ويذكرها، وإلا يُعدّ إجراؤه باطلا.
والخلاصة؛ أن كل هذه ضوابط وأحكام وضعها المشرع العماني لضمان حقوق الأشخاص وحرياتهم طبقا لما نصّ عليه النظام الأساسي للدولة في المادة 32 منه التي جاء فيها: “فالحرية الشخصية مكفولة وفقا للقانون، ولا يجوز القبض على إنسان أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون”.