أثير – موسى الفرعي
الموقف الدولي تجاه الاعتداء الصهيوني على غزة خارج نطاق الوصف وأكبر من مفردات الخزي والعار وازدواجية المعايير والمفاهيم، إنه انحطاط كامل للإنسانية وسقوط كامل للأعراف الدولية، حيث أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي”أن إسرائيل ستبقى دولة يهودية ديمقراطية، ولو لم تكن هناك إسرائيل لصنعنا إسرائيل في المنطقة”، ذلك بعد أن أعلن موافقة الحكومة الصهيونية على دخول المساعدات للمدنيين في غزة إضافة إلى تخصیص ۱۰۰ مليون دولار مساعدات للضفة الغربية وغزة ومساعدة مليون نازح.
أي استخفاف هذا وأي سبات عربي يواجهه، أمريكا تضخ الأسلحة تلو الأسلحة والجنود تلو الجنود للمشاركة في أبشع الجرائم، ثم يأتي الرئيس الأمريكي ليتشدق بملايينه الفارغه ومساعداته، لمن؟؟ لمن تبقى من أهالي غزة؟ أم ليواري ما يمكن من سوءة الكيان الغاصب والطاعون الأمريكي الذي حمله عبر بارجاته الحربية ورؤوس صواريخه؟ استهانة واستخفاف غير مسبوق بالكرامة العربية وبمعنى وجود رجال يمكن أن يقوموا لثاراتهم، واعتراف علني صارخ وفاضح بأن عدم استقرار المنطقة العربية واستنزافها مرکز اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية، وماذا يقابل ذلك، دعوة لاجتماعات عربية طارئة، قرارات وشجب وتنديد ورفض، وحصيلة الشهداء في غزة ترتفع أسرع من أصابعهم وهم يضعون إمضاءاتهم على الورق المقوى وأقلامهم ذات الماركات العالمية.
لطالما تساءلت كيف يمكن لهذا البطل الورقي الذي يدعى إسرائيل أن يكون مرعبا قادرا على تحريك خيوط اللعبة السياسية الدولية إلى هذا الحد، وكيف تنصاع الأمم والقوانين الدولية لها، لأن لها حلفاء من الدول العظمى؟ أم لأنها ذاتية القوة؟ فلو كانت الأولى لما توددت لها أمريكا والدول العظمى وهي من هي، ولو كانت الثانية لما استطاعت حماس ببضعة أبطال بحجم أمة كاملة أن يثخنوا في عدو الله ورسوله، ويكسروا كبرياء الوهم الصهيوني، إذن هم أقوياء ليس لهذا أو ذاك بل لأنهم لم يُختبروا أمام عزة الرجال ونخوتهم وثورتهم العامة التي تمثلها الأوطان العربية والإسلامية المشتركة، هم أقوياء لأن المقابل استمراء الصمت والوقوف على حياد، وهذا ما يفسر تجرؤ بايدن على الإدلاء بتصريح موغل في العبثية والاستخفاف الذي يمكن أن نفسره عدم وعي بالتاريخ السياسي أو استخفاف كلي بالعقول، فلو لم تكن إسرائيل لصنع إسرائيل في المنطقة، وكأن إسرائيل متجذرة في المنطقة وذات أصل ثابت هنا، وكأنها ليست صناعة أمريكية وبريطانية تهدف إلى زعزعة وتفكيك الوحدة العربية وضمان عدم استقرارها، كأن إسرائيل ليست الهراوة الأمريكية المعدة دائما لصناعة الموت، وهذا ما يعطي تبريرا منطقيا لانتفاخ الأوداج الأمريكية بإرسال أكبر قوة فتاكة في العالم لمساعدة إسرائيل تحمل آلاف من القوات البحرية وغواصات ومدمرات وطائرات حماية وتعمل بمفاعلات نووية، هذا كله لإنقاذ إسرائيل من حركة مقاومة فلسطينية، يالله ما أكبر هذه المهزلة، إن أمريكا تدافع عن كبريائها الزائف في المنطقة والدفاع عن مشروعها الدموي هنا بكل هذا القتل والتدمير ليجيء الرئيس الأمريكي بعدها حاملا حقائب أمواله الملطخة بدم الأطفال والأبرياء، ليس لإسرائيل هنا سوى قبر يضيق عليهم يوما بعد يوم وليس لأمريكا سوى الخيبة والذل، والمجد والبقاء لفلسطين وأبطالها الشرفاء، أما السؤال الذي يبقى مفتوحا على احتمالات إجابات كثيرة هو أننا نعرف الأطماع والمصالح الصهيونية والأمريكية وغيرها في المنطقة، ولكن ما هي مصلحة العرب في أكل لحم إخوانهم أحياء وأمواتا، وحتى متى..؟!