أثيريات

جريمة إساءة الأمانة: 3 شروط لتحريك قضيتها

omani court

أثير- م.صلاح بن خليفة المقبالي

جريمة إساءة الأمانة شأنها شأن الجرائم الأخرى مثل الاحتيال والسرقة التي جرمتها جموع الأنظمة القوانين العربية والأجنبية ومن قبلها جرمها القرآن والسنة النبوية الشريفة، حيث قال رسُول اللَّه ﷺ في خُطْبتِهِ يوْم النَّحر في حجَّةِ الودَاعِ: إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت “صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن هذا المنطلق تواترت القوانين على تجريم كل اعتداء يقع على مال الإنسان حيث نص قانون الجزاء العماني في مادته (360) على أنه ( يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ( 3 ) ثلاثة أشهر، ولا تزيد على ( 3 ) ثلاث سنوات ، وبغرامة لا تقل عن ( 300 ) ثلاثمائة ريال عماني ، ولا تزيد على ( 1000 ) ألف ريال عماني ، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سلم إليه نقد أو أي منقول آخر على وجه الإعارة أو الوديعة أو الوكالة أو الإجارة أو الرهن أو اؤتمن عليه بأي وجه كان ، فأقدم على كتمه أو إنكاره أو اختلاسه أو تبديده أو إتلافه”.

وتُعد جريمة إساءة الأمانة من الجرائم التي لا يجوز تحريكها إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص طبقا لنص المادة (5) من قانون الإجراءات الجزائية، ولابد أن تتوافر فيها ثلاثة شروط هي كالآتي: الشرط الأول : أن يكون مالا منقولا مملوكا للغير: يشترط أن يكون محل جريمة إساءة الأمانة مالا، وهو الشيء الذي يكون محلا لحق مـن الحقوق الماليـة، ويكون قابلا للتملك، وله قيمة سواء كانت قيمة المال كبيرة أو قليلة، مادية أو معنوية، ويشترط كذلك أن يكون المال منقولا فإساءة الأمانة لا تقع على العقار، فلو تصرف المسـتأجر بالعقـار الذي أجر إليه هنا لا يسأل عن جريمة إساءة الأمانة ويمكن أن نقوم بفعله جريمة احتيال إذا توافرت شروطها، الشرط الثاني : أن يكون هذا المال سلم إلى الجاني: فلا بد من حصول تسليم للمال إلى الشخص الذي يثق به صاحب المال، وهذا التسليم من النوع الذي تنتقل به الحيازة فلا ترتكب الجريمة إذا لم يحدث التسليم، الشرط الثالث: أن يكون التسليم قد تم بناء على عقد من عقود الأمانة.



واشترط القانون لقيام جريمة إساءة الأمانة في حق المتهم أن يتم تسليم المال من المجني عليه للمتهم بموجب عقد من عقود الأمانة التي ذكرتها المادة (360) من قانون الجزاء عليها، وهذا ما أكدت عليه المحكمة العليا على أن :” لا تقوم جريمة إساءة الأمانة إلا إذا كان تسليم المال قد تم بناء على عقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة (360) من قانون الجزاء السالفة بيانه، وكانت العبرة في تحديد ماهية العقد هي بحقيقة الواقع، وكما أن القصد الجنائي في جريمة إساءة الأمانة يتحقق بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه والبحث في توافره أو عدم توافره يدخل في سلطة محكمة التقديرية التي تنأى عن رقابة المحكمة العليا متى كان استخلاصها سليما مستمدا من أوراق الدعوى. كما أنه يشترط في المال موضوع إساءة الأمانة أن يكون قد سلم إلى الجاني تسليما ناقلا للحيازة الناقصة بناء على عقد من العقود التي حددها المشرع على سبيل الحصر.( الطعن رقم ٢٠١٩/٢٥٥/أ- جلسة ٢٣ / ٢٠١٩/٤م)،

وحتى تقوم جريمة إساءة الأمانة يجب أن تتوافر بركنيها المادي والمعنوي، وهى من الجرائم العمدية التي يجـب أن يتوافر فيها القصد الجنائي، ويستفاد ذلك من نص المادة 360 من قانون الجزاء التي وردت فيها عبارات تدل على ذلك كذكر القانـون الكتم والاختلاس والتبديد والإتلاف قصدا، ولأجل توافر القصد الجنائي فإنه لا يكفـي القصد العام وإنما لا بد من تحقق القصد الخاص أيضا.

ويجب أيضا أن يتوافر القصد العام بعنصـريه؛ العلم والإرادة، لذا يجب أن يعلـم الجانـي بعناصر الجريمـة وأن تتجـه إرادته إلى ارتكاب الفعـل وتحقيق النتيجة.

Your Page Title