فضاءات

قراءة في المجموعة الفائزة بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية

قراءة في المجموعة الفائزة بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية
قراءة في المجموعة الفائزة بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية قراءة في المجموعة الفائزة بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية

أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري


في البداية نؤكد أنّ الخبر طازج، فمنذ أيام فازت مجموعة الكاتب المصري سمير الفيل (دُمًى حزينة) بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية لعام 2024 بالكويت، وقد تنافست في الأمتار الأخيرة ضمن خمسة مجموعات ونالت المرتبة الأولى، ونحن نبارك لسمر الفيل هذا التتويج، نستأذنه في جولة خاطفة داخل هذا المتن المتربّع على عرش القصة القصيرة العربية، حتّى نعرّف به سريعا ونقطف منه بعض النصوص والفقرات التي نمرّ بها..

أستهلّ القراءة من القصة الأولى وهي بعنوان “تلك الحواجز”، وهي تشبه في بدايتها حلما مزعجا، فالراوي عليه أن يركض في نفق معتّم، فإن اجتاز كلّ الحواجز الموجودة أمامه ووصل سالما (مع العلم أنّه المتسابق الوحيد) سيُسمح له بالعيش في واحة خضراء مع تسع من حور العين، ويمرّ بحواجز عديدة منها قرد وذئب وتمساح وبحيرة تعترض سيره أو ركضه، خلاصة القول يؤجل الإفصاح عن لغز هذا الجري المحموم إلى بعد النهاية، إذ يقول:

“أرجوكم أن تجلسوا على الدكة الخشبية التي صنعها جدّي من خشب الجميز، في آخر السباق، وليحمل أحدكم قلّة فخارية كي أرتوي ، فحلقي يوشك أن يتحجّر”

القصة الموالية التي وقع عليها اختياري، عنوانها: القنفذ، وسبب اختياري لها الدفاع المستميت عن المواطن العالمي (يتقمّص دوره بإتقان سمير الفيل)، ويجبره في النهاية على التحوّل إلى قنفذ له نفس الخصال والأسلحة للدفاع على النفس ضدّ مديريه في العمل وزميله الواشي وصعاليك القطار الذين يسرقون راتبه الهزيل، وزوجته التي تمعن في تعنيفه، حقيقة نحن قنافذ يا سمير الفيل:

“لذلك تحمّلت كلّ ألوان القهر، تجمّدت في مكاني ،أخذتني سِنة من النوم ، تصوّرت نفسي قنفذا يحمي نفسه من الأخطار، دخلت في نفسي، وأحاطني الحسك من كلّ جانب، تداخلت حتّى صرت قنفذا حقيقيا..”

أمّا قصة (دمى حزينة) التي أهدت للمجموعة عنوانها، فتتطرّق إلى بنت لا تتجاوز السادسة من العمر، تمرّرها أمّها إلى بيت “الراوي” وتهب لبيع الفول، وتدور أحداث القصة حول دمى تقليدية من قطن وصوف ..تضعها البيت بجانبها عند العتبة وتعتني بها، وهي تردّ على السؤال الحارق عن والدها: “ذهب ليشتغل في مكة جنب النبي”، أهمّ ما لفت انتباهي تصوير دقيق بلا جعجعة أو شعارات للفقر والألم والكذب البريء حول علاقتها بأبيها، لكنّها في نهاية القصة تنفجر بالبكاء الشديد:

“قالت لي وعيناها مخضلتان بالدموع: أبي لم يعد من سفره.
سمعتها أمّي فقالت لنفسها وهي بالمطبخ : الدنيا من يومها فيها خلل كبير.
أحضرت العروس الكبيرة حاولت تقريبها للبنت، أبعدتها بمنتهى القوة ، ثمّ انخرطت في بكاء مرير”


في نهاية هذا الاحتفال بسمير الفيل ودمى حزينة، ما رأيكم لو أترككم مع مقطع أجّلته منذ النصّ الأوّل لشدّة ضحكي وقهقهتي، اضحكوا فليست الحياة سوى ممرّ للألم والضحك:

“في أحد المنحنيات الأخرى برز لي ذئب، أنا أعرف الكلاب منذ طفولتي، تدربت على التعامل معها، مرّة بالودّ والتلميس على شعرها الناعم، ومرّة بالتهديد بالعصا، لم تكن معي عصا، وأجهل لغة الذئاب”.

Your Page Title