فضاءات

بدر بن عبدالمحسن حصة الجمال المصفّى

بدر بن عبدالمحسن حصة الجمال المصفّى
بدر بن عبدالمحسن حصة الجمال المصفّى بدر بن عبدالمحسن حصة الجمال المصفّى

أثير – عبدالله العريمي

كلما رحل شاعر حقيقي شعرت أن الأرض تآكلت من أطرافها، وأن قطيع ذئاب تحوم حول الجمال المتبقي في هذه الحياة، فالدفاع عن حق الحياة في الجمال هو اختصاص الشعراء المجرّب، وها هو البدر مسافر تواكب موته النجوم بعد أن فسخ الموتُ العقد المبرم بينه والجمال الذي كان يخلقه شعرا من كل شيء.

ففي هذا الفضاء المفتوح – أعني الحب بأوجه العديدة – لا أحد يمكنه أن يكون أكثر إقناعا من الشعر فهو أداة كونية في الإقناع، تتعدد أساليبه وروافده، وبهذا الرحيل الفادح للأمير ⁧‫بدر بن عبدالمحسن‬⁩ الذي حرس الحب من افتراس ذئب الحياة، يتوقف أحد أهم جداول الحب والشعر، وتتحجر مفاصل الكثير من البناء التعبيري الذي يمكن أن يسع الثنائيات داخل إطار جمالي واحد، فقد جرى البدر كنهر أزرق في الكلمات، وتداخل في تكوين ميلاد الحب.

كان لقائي الأول به في دبي عام ٢٠٠٩م ورأيته جسدا نحيلا كحبة قمح قادرة على أن تضم إنسانا كونيا في تواضعه الجم، وروحا عاصفة إن حاول أحد المساس بخيط من كرامته الإنسانية، هنا يكمن الفارق بين الممتلئين بالغرور الفارغ والواثقين العارفين بمقدار الألفة المنقذ للحياة، لا أدعي معرفة كبيرة به ولكن الدقائق القليلة في حضرة رجل مثله تعطي لحقل الصفات فضاء أوسع وتنجيك من فخ التأويل والتوقع.

الأمير بدر عبد المحسن كان إثباتا ودليلا حيا على أن الشاعر الكبير إنسان أكبر ، رحل بعد أن أصبح منقوشا على هيئة عصفور في رئة الحب، وممتدا كسرب فراشات ملونة من أول الحب حتى آخر الشعر، رحل البدر ولكنه سيظل حصة جمال مصفّاة لأجيال كثيرة.