أثير – تاريخ عمان
لقد كان الرومان القدامى يعرفون فنون الملاحة، فنشطوا في التجارة البحرية، حتى بلغوا مناطق بعيدة عن موطنهم، فوصلوا مسقط، وسيلان، والصين عبر المحيط الهندي، والبحر الأحمر الذي كانوا يسمّونه بحر القلزم.
ولم يكن توسّع الرومان الخطير يخفى على أهل عمان، لذلك حاول العمانيون الحفاظ على طرقهم التجارية التقليدية في المحيط الهندي التي سيطروا عليها منذ قرون، ليوقفوا مزاحمة التجار الرومان لهم في تلك الأنحاء، فكثّفوا صلاتهم بالموانئ الهنديّة، والأفريقية، ولم يكتفوا بذلك، بل شرعوا في اعتراض السفن الرومانية، والسيطرة عليها للحدّ من هيمنتهم على البحار والمحيطات ، حتى أصبح ذلك مصدر إزعاج، وقلق للإمبراطور الروماني ترخان الذي جهّز حملة عسكرية للسيطرة على الطرق التجارية في المحيط الهندي سنة 116م، ولكن حملته باءت بالفشل .
ورغم أن الوثائق التاريخية لا تحتفظ بتفاصيل تلك المعركة، وما نتج عنها من احتكاك بين الرومان، وأهل عمان ، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود الثوابت التاريخية التي تدلّ على العلاقات الرومانيّة العمانيّة، وهذا ما تثبته قطع العملة الرومانية التي عثر عليها في مسقط في القرن السادس عشر الميلادي أثناء بناء حصن الميراني، وهي قطع تعود إلى سنة 14م.
والجدير بالذكر، بأن خريطة العالم التي وضعها بطليموس سنة 147م، و180 م، رسم فيها الطريق التجاريّ البحري الممتد من الشمال إلى الجنوب، وذكر رأس مسندم الذي أسماه (أسبون)، وذكر لفظ الميناء المخفي، ويقول الباحثون إنه بالغالب يقصد ميناء مسقط، كما ذكر اسم (كورودامون) التي يرجّحها العلماء بأنها رأس الحد، كما أشار بطليموس في هذه الخريطة إلى عمان باسم (إشتيوفاجوي)، ومعناه: أرض أكلة السمك.
وإن كانت المعطيات التي توفّرها خريطة بطليموس لا تسمح بتحديد الأماكن بشكل دقيق إلا أن ذلك لا ينفي أن الطريق البحري الذي كانت تسلكه السفن في تلك الأزمان يتطلب منها المرور بمسقط عند السفر من مسندم إلى رأس الحد.
وقد ورد اسم مسقط في القرن الثامن ميلادي لمؤرخ مجهول أشار إليها باسم ( ساميماتريد كاستريوم أماريوم ) وتعني: الحصون العمانية التي تشير إلى حصون مسقط .
المرجع: كتاب مسقط حكاية مدينة، محمد بن عثمان، شهاب بو هاني، اصدار وزارة التراث والثقافة والدار العربية للإعلان، مسقط ، 2012م