فضاءات

د.رضية الحبسية تكتب: حين تغيب الثّقة

د.رضية الحبسية تكتب: حين تغيب الثّقة
د.رضية الحبسية تكتب: حين تغيب الثّقة د.رضية الحبسية تكتب: حين تغيب الثّقة

د.رضية بنت سليمان الحبسية

د.رضية الحبسية تكتب: حين تغيب الثّقة
د.رضية الحبسية تكتب: حين تغيب الثّقة د.رضية الحبسية تكتب: حين تغيب الثّقة

حظيت الثّقة باهتمام المسؤولين في مختلف التنظيمات الإدارية على تنوع مجالات المؤسسات المجتمعية. فلا تخلو مؤسسة إلا وكانت الثقة إحدى القيم التي تُسَطّر على قائمة القيم التي تعتمدها وتعمل في إطارها. حيث لا يمكن لأي تفاعلات أو علاقات مهنية أن يُكتب لها النجاح إلا بوجود الثقة المتبادلة بين كافة الأطراف المتعاملة داخل التنظيم الواحد أو مع الوحدات الخارجية، والتي تظهر جليّا في صورة تبادل المعلومات والأفكار والخبرات، والجهود في حل المشكلات، الأمر الذي ينعكس إيجابا على أداء الأفراد والمؤسسة بأكملها.

وعليه، فإنّ العلاقات التعاونية والاتصالات المفتوحة بين العاملين جميعهم، تشكّل أحد أشكال الثقة التنظيمية، وهي سمّة رئيسة في تحقيق الأهداف المشتركة. ناهيك عن ثقة العاملين في المنظمة ذاتها، من خلال حرص المسؤولين على توفير الدعم المادي والمعنوي للعاملين، والمصداقية قولًا وعملًا، والشفافية في تعاملاتهم، والعدالة في القرارات المُتخذة. وفي ظل غياب تلك الممارسات من قبل المسؤولين والأفراد أنفسهم، يؤدي إلى فقدان الثقة، فيباشر العاملون أعمالهم مُكرهين، مفتقرين للحماس والدافعية، فضلًا عن غياب الرضا الوظيفي، وبالتالي تقهقر الأداء المهني والوظيفي بصفة عامة.

تُشير الثقة إلى درجة إيمان وتقبل الفـرد للقرارات والسياسات التي تضعها المنظمة، والتي تقوم بإدارتها وتنفيذها بشكل عادل على جميع المنسوبين. وفي ظل التغيرات العالمية المتسارعة، واضطرار المنظمات لتطبيق استراتيجيات إعادة الهندسة وترشيق المؤسسات؛ للتكيف مع تلك التغيرات، وما ترتب على ذلـك مـن التـأثير علـى اتجاهات العاملين نحو منظماتهم، والخوف على مستقبلهم، فقد برزت الحاجة إلى كيفية تنمية بيئة تنظيمية يسودها الثقة لمـا لها من تأثير كبير على إنتاجياتهم وفعاليتهم، في إطار من التعاون المشترك بين العاملين والمسؤولين أو بين العاملين أنفسهم.

فإذا كان ذلك الحال على مستوى المؤسسة الواحدة، فما بالك بالواقع على مستوى الوطن الأكبر؟ فإنْ كانت رؤية عُمان 2040 في سلطنة عُمان تمثلُ توجهًا استراتيجيّا لمواكبة المتغيرات الإقليمية والعالمية، واستثمار الفرص المتاحة وتوليد الجديد منها؛ من أجل تعزيز التنافسية الاقتصادية، والرفاه الاجتماعي، وتحفيز النمو والثقة في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في كافة محافظات السلطنة، فإنّ ما نعايشه اليوم من استعداد الحكومة والتهيئة لتنفيذ تلك الرؤية في صورة قرارات وسياسات، وما تواجهه من ردود أفعال مجتمعية، يمثل تحديًّا بشريًّا بحدّ ذاته في سبيل المضي قدمًا بعُمان لمستقبل كما رسمتها الرؤية ذاتها. والتي بكل الأحوال خرجت بمشاركة مجتمعية على كافة الأصعدة، وعلى نطاقات واسعة بكوادر محلية، ومعطيات وطنية وبخبرات عالمية.

وقد أولت الرؤية المستقبلية للسلطنة أهمية خاصة لقضايا الحوكمة وموضوعاتها؛ وذلك لأهميتها القصوى وتأثيرها في الأولويات الوطنية، من حيث تفعيل الرقابة، والاستخدام الفاعل للموارد الوطنية، وتحقيق مبادئ النزاهة والعدالة والشفافية والمحاسبة والمساءلة؛ بما يعزز الثقة في الاقتصاد الوطني، ويدعم تنافسية جميع القطاعات في ظل سيادة القانون. حيث يأتي ذلك كله في إطار العمل المنظومي المتكامل والشامل، تؤطره تلك المبادئ والقيم التنظيمية المذكورة.

وعطفًا على ما تقدّم، فكما أنّ الحكومة تُناشد الجميع بضرورة العمل الجاد والتعاون المثمر؛ للوصول بعُمان إلى مصاف الدول، متخذة من شعارها “نتقدم بثقة” محركًا وحافزًا لبلوغ غاياتها الطموحة. فإنّ المواطنين أفرادًا ومؤسسات يترقبون الوفاء بالعهود من الحكومة ومؤسساتها، والالتزام بكافة معاييرها واشتراطاتها؛ لتنفيذ رؤية عُمان 2040. فبدون ذلك سيتولد شرخ وفجوة بين الآمال والنتائج، حيث لا تتحقق الاستراتيجيات ولا الأهداف إلا بجهود أبناء هذا الوطن المخلصين. فالحاجة ماسة للثقة المتبادلة بين كافة الأطراف المشاركة في تنفيذ الرؤية: حكومة، مؤسسات، وأفراد.

Your Page Title