أثير- موسى الفرعي
سبعة أيام في دمشق، ولا تعلم إن كانت دمشق هي المحبة أم انفجرت كعيون الماء منها وراحت تغسل الدنيا؛ فرغم انشغالاتنا بالتصوير واللقاءات الإعلامية غير أن دمشق كانت تبوح بأسرار جمالها في كل زاوية، تكاد تلمس تاريخها الذي يتحرك من أعمق نقطة في التاريخ ليولد من وجوه الناس وقلوبهم، ويخرج من شقوق الجدران، وينبت كالياسمين من ترابها، كل شيء يوحي لك بالجمال ولا تملك سوى أن تكون أسيرا له، وكأن الأيام السبعة كانت مطاردة دائمة لمنابع الجمال ومواطنه في دمشق خشية أن تمر الأيام دون أن نكمل حصص الفرح فيها، ودون أن نتعرف على أدوات حضورها الفارق في العقل والقلب.
من قال بأن دمشق يمكن أن تهزم وأن أقدم عواصم التاريخ المأهولة بالوجود البشري يمكن أن تنصاع لعواء الذئاب أو تأخذها أمور دبرت بليل، فرغم الضخ المالي المخيف لتمويل التنظيمات الإرهابية في سورية، ورغم المخططات التي يمكنها أن تطيح بأكثر من دولة، غير أنها بقيت ثابتة الأركان، يمكننا أن نقول بأن حربا عالمية تكونت داخل سورية قياسا بعدد الطامعين بسقوطها والحالمين بتشويه وجودها، لكن ما الذي حدث؟
وبعيدا عن هذه الحقائق السياسية، بمجرد أن تبدأ التعرف على بساطة الإنسان السوري وطبيعته تتيقن أكثر أن تلك الممرات السياسية الضيقة لا تتسع لمرور الشرور منها إلى سورية لأن هذه القلوب العظيمة رغم بساطتها يمكنها أن ترد عن وطنها بالمناجل وأن تقهقر أعداءها وإن بقي شبر واحد حرًا عليها، تخرج صباحا لتمرَّ بين شوارعها وتغتسل بضوء شمسها الدافئ، تمر بين صفصافها وأشجارها وتسأل لمَ يُحارب كل هذا الجمال، لماذا يراد لدمشق ألا تكون جنة الدنيا، لماذا يصرُّ البعض أن تكون دمشق عاجزة عن أن تأكل من طيب أرضها وتلبس ما تنسجه أيادي أهلها…. لماذا؟!