أثير - مـحـمـد الـعـريـمـي
نخلٌ باسقات تُخبئ خلفها روايات وأساطير، وتؤدى فيها عادات وطقوس قديمة قبل أن تضيء رسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم أرضنا وقلوبنا، فتنوَّرت وتفتحت عقولنا.
يختبئ المبنى خلف تل في بلدة ”المزاحيط“ بولاية الرستاق، ويقع على بعد 3 كم تقريبًا من الشارع الرئيسي بالرستاق، ومن الوهلة الأولى يُلفت شكل المبنى أنظار الزائر، واللافت أكثر القصص والأساطير التي نُسجت حوله.
في السطور القادمة نغوص في أعماق هذا المبنى، ونسرد قصصًا وأساطير توارثها سُكان بلدة المزاحيط خلال قرون عديدة، وسنطرح الآراء العلمية حولها.
تقول الوالدة علياء المنذرية وهي تستحضر القصص التي توارثتها من آبائها وأجدادها بأن المبنى وُجد بين ليلة وضحاها، والمدهش في الأمر أن سطحه مُسلّح ولم يكن في ذلك الزمان أدوات البناء إلا الجذوع وغيرها، ولا تظهر على سطحه أي من الجذوع.
ومن بين القصص التي لا يُصدقها العقل؛ تشير الوالدة علياء إلى ”حصاة“ بالقرب من المبنى، وعند الاقتراب منها ينقلب لون الجسم إلى اللون الأخضر ويعود اللون طبيعيا عند الابتعاد عنها، وإلى وقتٍ قريب؛ يضع بعض الناس النذور حول المبنى، وشاهدنا مركبات كثيرة يأتي أصحابها بما نذروا به من أضاحٍ وغيرها لأي سبب كان، مؤكدةً الوالدة علياء بقولها ”لا أحد يؤكد تلك القصص والأقاويل، وإنما نتوارثها فقط كسمعة“.
محمد الشوكري من سُكّان البلدة قال بأن هذا المبنى ذكره الشيخ خلف بن سنان الغافري في القرن الـ 17، وعاد بنا إلى طفولته حين قام برفقة عائلته بعمل نذر لوالدتهم عند المبنى، مؤكدًا ”أنه لا فائدة ولا أثر ولا استشفاء كان منها إلا معنويًا كـ ”نزهة“.
وعن رواية اخضرار الجسم عند الاقتراب من الصخرة القريبة من المبنى فقد قال محمد بأنه من المشككين بها، فهو سمع ذلك من عائلته ومن أهالي البلدة وخارجها الذين أشاروا إلى وجود هذا الشيء سابقًا، وبعد أن اختفت الممارسات انقرض هذا القول منذ منتصف التسعينيات.
كما تتُداول بين سُكّان قرية ”المزاحيط“ رواية خلاصتها بأن السيدة فاطمة الزهراء ابنة سيد الخلق سيدنا محمد صل الله عليه وسلم جاءت لرؤية المكان وتركت أثر قدمها على ”حصاة“ قريبة من المبنى فسُميت بـ ”أثر فاطمة“، وعلميًا يقول الجيولوجي حارث الخروصي لـ ”أثير“ بأن أثر القدم طبيعي والحجر متشكّل على شكل قدم، إلا أن ذلك يحدث في الطبيعة بصورة اعتيادية، و ”ربما الشكل شدّ الإنسان القديم وابتكر قصة أثر فاطمة“.
ويرى أ.د حمود الدغيشي أستاذ في ميثولوجيا الأدب أن وجود الأثر على الصخرة ربما استلمه الإنسان العماني من مقام إبراهيم، لكن من الأركيولوجية لا نستطيع أن نقول بأن هذا الأثر إنساني، ولوجود تشابه بينه وبين عضو من أعضاء جسم الإنسان حاول أن يُظهر على ”أثر فاطمة“ القداسة.
ويؤكد د. سليمان الحسيني من مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي بأن ”أثر فاطمة“ لا يمكن أن يُنسب إلى السيدة فاطمة، فالمعروف عنها بأنها عاشت مع أبيها في مكة المكرمة وهاجرت إلى المدينة المنورة في السنة الأولى الهجرية وعاشت مع الرسول وتوفيت بعده مباشرة وقيل بعد 3 أشهر وقيل بعد 6 أشهر في السنة 11 هـ، ولم يؤثر عنها أنها زارت أو هاجرت إلى أماكن أو جاءت إلى عمان، فهذه مجرد أسطورة لا تُبنى على حقيقة.
ختامًا؛ القصص والروايات التي رويت عن المبنى جيلا بعد جيل تظل أقاويل ليس لها جانب من الصحّة.
ففي رأيك: كيف نحد من تداولها بين الأجيال؟
شاركنا تحت هذه التغريدة: