الأولى

الباطنة بعد جرفة 251هـ: قراءة تاريخية لعمران المنطقة في نصوص التراث العُماني

شمال الباطنة، مصدر الصورة جريدة عمان

أثير - جميلة العبرية

في دراسة تناولت تاريخ العمران في أراضي الباطنة من عام 251هـ حتى عهد اليعاربة، أشار الباحث إبراهيم بن خميس القنوبي، اختصاصي فهرسة وتوصيف المخطوطات بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، إلى أن الدافع الأساسي وراء هذا البحث هو تضارب الأقوال في نصوص التراث العماني حول حكم أراضي الباطنة وتاريخ عمرانها خلال تلك المدة، وعدم وجود إجابة شافية لهذه التساؤلات.

وأوضح القنوبي أن الدراسة هدفت إلى تحليل هذه النصوص وإثبات حقيقة استمرار العمران في الباطنة، مستندة إلى نصوص التراث العُماني، مؤكدًا أن التراث الفقهي العماني، باعتباره أحد أهم مصادر التاريخ، لعب دورًا كبيرًا في توثيق تطور العمران في الباطنة، مشيرًا إلى أن العمانيين أولوا اهتمامًا كبيرًا بهذا التراث في كتبهم وموسوعاتهم، التي جمعت مع الشريعة بين التاريخ والاجتماع وغيرها؛ فهي الناطق عن الواقع في كل حقبة.

إبراهيم بن خميس القنوبي، أخصائي فهرسة وتوصيف المخطوطات بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية

وأشار القنوبي إلى أن النصوص الفقهية، من خلال فتاوى العلماء مثل الشيخ خلف بن سنان الغافري وغيره في عهد اليعاربة، كانت قرارًا سياسيًا لإعادة إعمار أراضي الباطنة بعد “الجرفة” التي أصابتها.

وأوضح أن الدراسة تناولت الجدل حول خلو الباطنة من العمران لمدة زمنية محددة، وتوصلت إلى أن الباطنة لم تكن خالية تمامًا من العمران، بل إن الصراعات بعد الرستاقية والنزوانية وعدم وجود رأي سياسي يعضد رأي العلماء كانت من أسباب تأخر الحكم بعمارة أراضي الباطنة. ومع ذلك، استمر العمران بفضل الفتاوى التي شجعت على عمارة الباطنة، وإن لم يعمر كل المناطق بشكل كامل، وأظهرت النصوص وجود آثار للآبار والأفلاج التي دللتْ على وجود العمران عن تلك المدة.

كما أشار إلى أن الدراسة قد تسهم في إعادة تقييم بعض المفاهيم المتعلقة بالعمران في المصادر العُمانية، مما يفتح الباب أمام دراسات أوسع وأعمق حول تاريخ عمران الباطنة.

الندوة العلمية “محافظة شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني”

وأضاف القنوبي أن من أبرز التحديات التي واجهها في هذه الدراسة كان تضارب المصادر وتعدد الأحكام حول أراضي الباطنة، وندرة النصوص الواضحة التي تتناول تفاصيل عمران المنطقة بشكل مباشر. ومع ذلك، تمكن من تقديم قراءة جديدة لهذه المدة المهمة من تاريخ عمان من خلال البحث العميق في النصوص الفقهية وتحليلها واستقرائها.

وفي ختام عرضه، أشار القنوبي إلى أن نتائج هذه الدراسة تقدم قراءة جديدة حول تاريخ عمران الباطنة، مما يثري فهمنا للتطور العمراني في سلطنة عمان والباطنة خصوصًا، ويفتح المجال لمزيد من الدراسات حول هذه الحقبة الزمنية المهمة.

جدير بالذكر أن الدراسة عُرضت ضمن الندوة العلمية “محافظة شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني”، التي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في الفترة من 21 إلى 23 أكتوبر 2024 في ولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة.

Your Page Title