الأولى

من الإرث العائلي إلى الابتكار المهني: حكاية إبداع شاب عماني في سباكة الغاز

حكاية إبداع شاب عماني في سباكة الغاز

خاص- أثير

إعداد: ريما الشيخ

منذُ الطفولة، كانت مهنة سباكة الغاز تشكل جزءًا أساسيًا من حياة الشاب سعيد بن ناصر بن سعيد الريامي من ولاية إزكي في محافظة الداخلية، حيث كانت البداية مع والده، الذي لم يكن مجرد سباك للغاز، بل كان شخصًا متعدد المهارات، حيث امتهن أيضًا سباكة المياه والكهرباء ونظم الري الحديثة.

ومن خلال هذا التنوع، بدأت أولى خطوات سعيد نحو عالم هذه المهن، حيث كانت الدروس الأولى التي تلقاها بسيطة وسهلة خلال المرحلة الابتدائية، لكنها شكلت القاعدة الأساسية التي بُني عليها مستقبله المهني، وخلال سطورنا القادمة عبر “أثير” سنتعرف إلى قصة هذا الشاب المثابر.

مع انتقاله إلى المرحلة الإعدادية، شهدت مهارات سعيد تطورًا كبيرًا، حيث تعلم كيفية استخدام المعدات المتخصصة مثل ماكينة اللحام وغيرها من الأدوات التي يحتاجها في عمله، وكان لوالده دور كبير في هذا التطور، ولم يكن دوره مقتصرا فقط على التعليم النظري، بل حرص على أن يطبق سعيد ما تعلمه على أرض الواقع، ففي هذه المرحلة، بدأت الثقة تنمو داخله بصورة ملحوظة، فوالده لم يكتفِ بالإشراف المباشر على كل خطوة يقوم بها، بل شجعه على الاعتماد على نفسه في تنفيذ العديد من المهام.

من الإرث العائلي إلى الابتكار المهني: حكاية إبداع شاب عماني في سباكة الغاز

ومع وصوله إلى المرحلة الثانوية، قرر والده أن يخطو خطوة إضافية في تعليمه، حيث جعله يعتمد كليًا على نفسه في تنفيذ المشروعات الصغيرة، وكان يتدخل فقط عند الحاجة لتقديم النصائح والتوجيهات اللازمة، وهذا الأسلوب في التعليم زاد من مهارات سعيد وعززه بثقة كبيرة في قدرته على اتخاذ القرارات المناسبة في عمله، ومن أصعب التحديات التي واجهها خلال هذه الفترة كانت كيفية تحديد القياسات الدقيقة وإخراج العمل بجودة عالية تُرضي الزبائن.

تحدٍ آخر واجهه سعيد كان في اختيار المواد المناسبة لتنفيذ الأعمال، فقد كان من الضروري أن تكون هذه المواد من أجود الأنواع لضمان السلامة والجودة، وفي الوقت نفسه أن تكون بأسعار معقولة تناسب احتياجات الزبائن، فلم يكن التحدي محصورًا في الجانب الفني فقط، بل كان هناك دائمًا ضغط إضافي يتمثل في ضرورة تقديم خدمة دقيقة وفعالة من الناحية الاقتصادية، بما يعزز سمعته في سوق العمل.

من الإرث العائلي إلى الابتكار المهني: حكاية إبداع شاب عماني في سباكة الغاز

لم يكن التحدي الأكبر لسعيد في مجال العمل فقط، بل كان عليه أن يواجه تحديًا آخر لا يقل أهمية، ألا وهو التوفيق بين الدراسة والعمل، حيث كان طالبًا في جامعة نزوى، يدرس بنظامٍ مكثف، مما جعله دائمًا في حالة من التوازن الحذر بين الالتزام بالعمل والاستمرار في تحقيق النجاح الأكاديمي، وعلى الرغم من الصعوبة التي واجهها في تنظيم وقته، إلا أنه استطاع الحفاظ على مستوى عالٍ من التحصيل الدراسي، مما أهله للحصول على منحة دراسية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

من الإرث العائلي إلى الابتكار المهني: حكاية إبداع شاب عماني في سباكة الغاز

الشاب سعيد يؤمن بأن الإبداع لا يتوقف عند تعلم مهارة واحدة فقط، بل إن الاستمرار في التعلم والتطوير هو المفتاح الحقيقي للنجاح، ومن هنا، ومع تقدم التقنية، بدأ يواكب العصر الحديث من خلال الابتكار والتجديد، حيث استخدم تقنيات حديثة مثل أجهزة كشف تسرب الغاز التي تعمل على تحسين الأمان في العمل، مما يعكس حرصه على تقديم خدمات متوافقة مع متطلبات العصر الحديث، وهذا التوجه نحو التقنية لم يكن مجرد خطوة تطورية في عمله، بل كان جزءًا من التزامه بتقديم خدمات آمنة وموثوقة تحمي المنازل وتضمن رضا الزبائن.

ومن خلال سردنا لهذه القصة، يقدم سعيد رسالة ملهمة للشباب العماني، وينصحهم بعدم الاستسلام لفكرة “باحث عن عمل”. وبدلاً من ذلك، يشجعهم على السعي للبحث عن الفرص وإيجاد العمل لأنفسهم. كما أنه يؤمن أن العمل موجود لمن يبحث عنه بجدية وإصرار، وأن النجاح لا يعتمد فقط على التعليم الأكاديمي، بل على الرغبة الحقيقية في التعلم والتطور، ويشيد بالدعم الذي يقدمه المجتمع العماني للشباب، حيث يرى أن المجتمع، بدءًا من الأسرة وصولاً إلى الجهات الحكومية، يسهم بصورة كبيرة في دعم وتوجيه الشباب لتحقيق أهدافهم.

Your Page Title