الأولى

دراسة توضح التفاعل السياسي بين الساحل والداخل بشمال الباطنة في عهد النباهنة

الندوة العلمية “محافظة شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني”

أثير - جميلة العبرية

أوضحت الدكتورة بدرية النبهانية، الباحثة والأكاديمية في التاريخ، أن اختيارها لدراسة “التاريخ السياسي لمحافظة شمال الباطنة في عهد دولة النباهنة (579-1026هـ / 1183-1617م)” جاء كون هذه المرحلة تعد حيوية ومهمة في تاريخ عمان.

وأضافت النبهانية في حوارها مع “أثير” أن أسرة النباهنة حكمت عمان على مدى فترتين، الأولى بدأت في عام 579هـ / 1183م واستمرت حتى 906هـ / 1500م، والثانية من 964هـ / 1556م إلى 1024هـ / 1617م، وكانت مدينتا نزوى وبهلاء عاصمتين لهم خلال كلتا الفترتين.

وذكرت أن الدراسة تسلط الضوء على مناطق لم تحظ باهتمام كبير في الدراسات السابقة، مثل صحار ولوى في شمال الباطنة، حيث كان لهما دور محوري في التفاعل السياسي والعسكري مع حواضر الظاهرة.

الدكتورة بدرية النبهانية

وأشارت النبهانية إلى أن صحار كانت مركزًا سياسيًا مهمًا في شمال الباطنة، ولعبت دورًا كبيرًا في تعزيز سيطرة النباهنة على عمان. كانت المدينة حلقة وصل بين المناطق الساحلية والداخلية، حيث ارتبطت بحواضر الظاهرة مثل مقنيات وينقل، اللتين كانتا مرتبطتين بعاصمتي النباهنة، نزوى وبهلاء. وأضافت أن هذه العلاقة لم تقتصر على الجوانب السياسية فقط، بل شملت الجوانب الاجتماعية والاقتصادية أيضًا، مما جعل صحار محورًا أساسيًا في إدارة الدولة.

وأكدت النبهانية أن أحد المحاور الرئيسية للدراسة هو جغرافية محافظة شمال الباطنة، التي تتميز بموقع إستراتيجي على بحر عمان وتوفر موارد زراعية وصناعية وتجارية. كما ركزت الدراسة على التاريخ السياسي لمدينتي صحار ولوى، والعلاقة بين الولاة والسلاطين والأمراء خلال تلك الفترة. وتم تسليط الضوء على العلاقة بين النباهنة وسلطنة هرمز، التي كانت تلعب دورًا مهمًا بسبب موقعها التجاري الإستراتيجي.

وأوضحت النبهانية أنها اعتمدت في دراستها على المنهج التاريخي التحليلي، مستندة إلى مصادر متنوعة مثل الفقهية والتاريخية والأدبية، وهو ما سمح لها بتحليل شامل للنصوص والأحداث التاريخية، مقدمة بذلك رؤية متكاملة لتاريخ محافظة شمال الباطنة خلال حكم النباهنة.

الندوة العلمية “محافظة شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني”

وتهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على الأدوار التي لعبها الأمراء والسلاطين في شمال الباطنة، ولا سيما في صحار ولوى. وبيّنت النبهانية أن هذه المناطق كانت مراكز حيوية للتفاعل بين النباهنة وسلطنة هرمز، وكشفت الدراسة عن العلاقة المتينة بين النباهنة وهرمز، حيث كانت الأخيرة تسيطر على بعض المدن الساحلية مثل صحار لفترات من الزمن، إلا أن النباهنة حافظوا على وجودهم السياسي والعسكري في المنطقة.

كما أشارت الدراسة إلى التحولات السياسية التي شهدتها محافظة شمال الباطنة نتيجة الصراعات الداخلية بين النباهنة وتدخلات القوى الخارجية مثل الفرس والبرتغاليين، ما أثر على استقرار المنطقة وأدى إلى تغييرات جوهرية في بنية السلطة والنفوذ السياسي.

وأضافت النبهانية أن العوامل الجغرافية لعبت دورًا كبيرًا في تحديد الأهمية السياسية لشمال الباطنة، حيث جعل موقعها على بحر عمان منها مركزًا للتجارة والتواصل مع الدول الأخرى. وقد أكسبها هذا الموقع أهمية خاصة في السياسة العمانية، إذ كانت صحار ولوى مراكز رئيسية للتجارة والموانئ في تلك الفترة.

واختتمت النبهانية بأن ما يميز هذه الدراسة عن الدراسات السابقة هو تركيزها على منطقة شمال الباطنة، التي لم تحظ بالاهتمام الكافي، إضافة إلى الدمج بين التحليل التاريخي والفقهي لفهم أعمق لدور الفقه الإسلامي في توجيه السياسة والعمران خلال فترة النباهنة.

وفي ختام حديثها قالت الدكتورة بدرية النبهانية: “الرسالة التي أود إيصالها من خلال هذه الدراسة هي أن التاريخ السياسي لعمان مليء بالتفاعل بين الداخل والخارج، وبين المناطق الساحلية والداخلية. أتمنى أن تسهم هذه الدراسة في تعزيز الفهم لأهمية شمال الباطنة في تاريخ عمان، وأن تكون بداية لمزيد من الدراسات التي تتناول هذه المنطقة المهمة. كما أوصي بتوجيه الباحثين إلى إجراء المزيد من الدراسات التاريخية والآثارية للمنطقة.”

جدير بالذكر أن الدراسة عُرضت ضمن الندوة العلمية “محافظة شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني”، التي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في الفترة من 21 إلى 23 أكتوبر 2024 في ولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة.

Your Page Title