أثير - جميلة العبرية
قدّم المدرب العُماني سعيد بن عيسى العبري، الكاتب والباحث في عالم الخيل والفروسية، نموذجًا ملهمًا في تجاوز تحديات التأتأة من خلال الفروسية. عانى سعيد من التأتأة منذ صغره، مما أثر على تحصيله الدراسي وثقته بنفسه، وجعل منه ضحية للتنمر وعزلة اجتماعية. بعد محاولات غير مجدية للعلاج التقليدي، قرر العبري البحث بنفسه عن حل فعّال يعينه على تجاوز تلك الصعوبات.
رحلة بحث جريئة
بدأ سعيد في عام 2011 رحلة بحث معمّقة استمرت لعامين، حيث درس كل ما يتعلق بالتأتأة من منظور نفسي وفسيولوجي. حدد في هذه الرحلة بعض المفاهيم الخاطئة، مثل أن مواجهة الجمهور تعني بالضرورة التخلص من التأتأة. وقد توصّل إلى أن التأتأة تُعد اضطرابًا نفسيًا قد يكون مرتبطًا بعوامل وراثية أو سلوكية، مثل الخوف والتوتر. من خلال هذا البحث، كوّن سعيد خارطة ذهنية شاملة لمساعدته في صياغة خطة علاجية ذاتية.
(للاطلاع على تفاصيل عن “التأتأة” وأسبابها وطرق علاجها، يمكن قراءة المزيد هنا: [تعرّف على ”التأتأة“ وأسبابها وطرق علاجها])
ابتكار علاج بالفروسية
بصفته مدربًا للفروسية منذ عام 2009، لاحظ العبري ارتباطًا بين تمارين التنفس الأساسية لركوب الخيل وعلاج التأتأة، حيث يتطلب التحكم في الحصان تنظيمًا منتظمًا للتنفس لضمان التوازن والسيطرة. بدأ سعيد بتطبيق هذه التمارين أثناء ركوب الخيل، مما ساعده على تحسين نطقه وزيادة ثقته بنفسه. وبعد ثلاثة أشهر من الالتزام بالتمارين، لاحظ سعيد تحسنًا ملحوظًا في قدرته على التحدث بسلاسة دون خوف.
البرنامج التدريبي العلاجي
طوّر العبري برنامجًا تدريبيًا يعتمد على تمارين التنفس والإيقاع الصوتي، ويستهدف تحسين الأداء الصوتي للأفراد من جميع الأعمار، مع التركيز على الفئات العمرية الأكبر من 9 سنوات لتمكينهم من فهم التعليمات. يشمل البرنامج تدريبات ركوب الخيل التي تساعد في تنظيم التنفس وتمارين إيقاعية صوتية، بالإضافة إلى استخدام أدوات مساعدة لتحفيز العضلات الصوتية.
قصص نجاح ملهمة
من بين أبرز قصص النجاح، كانت قصة راشد (32 عامًا) الذي التحق بالبرنامج في ديسمبر 2023. وبفضل التمارين تمكن من السيطرة على التأتأة، مما زاد من ثقته بنفسه وجعل تواصله مع الآخرين أكثر سلاسة. كذلك، استفاد العديد من الفئات الشابة مثل فاطمة (12 عامًا) وأحمد (15 عامًا)، حيث تركت تجربتهم أثرًا إيجابيًا ملحوظًا.
نشاطات المركز وطموحاته
يوفر مركز سعيد للعلاج بالفروسية برامج شاملة للتدريب تشمل الفئات كافة، ويتيح زيارات مدرسية معتمدة من وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى تنظيم فعاليات صيفية وشتوية للأطفال لتعزيز ثقتهم بأنفسهم من خلال التعرف على رياضة الفروسية. يطمح سعيد إلى دعم حكومي لمشروعه، لتطوير العلاج عبر الفروسية، ويرجو أن يساهم في نشر هذا النوع من العلاج المبتكر بين الأفراد الذين يعانون من التأتأة، ليكون لهم فرصة في التغلب على تحدياتهم بثقة.