أخبار

ما تأثير إعلان ترامب حالة الطوارئ الوطنية للطاقة على الأسواق العالمية والخليجية؟

اقتصاد

أثير – محمد العريمي

في خطوة لافتة، يستعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لاتخاذ قرارات حاسمة بإعلان حالة الطوارئ الوطنية للطاقة، وذلك كجزء من خطته لتعزيز إنتاج الطاقة المحلية والوفاء بوعوده الانتخابية، حيث تأتي هذه التحركات لتعيد تشكيل سياسة الطاقة الأمريكية بشكل جذري، وتضع الولايات المتحدة على مسار جديد في التعامل مع قضايا الطاقة وتغير المناخ.

إعلان الطوارئ الوطنية للطاقة

ولتسليط الضوء على هذه التحركات وتأثيراتها المحتملة، “أثير” أجرت لقاءً مع علي عبدالله الريامي، خبير في مجال الطاقة.

سألنا الريامي عن مدى تأثير قرار ترامب باستخدام سلطات الطوارئ لتعزيز إنتاج الطاقة المحلية، فأوضح أن هذه الخطوة تعكس تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية مقارنة بسياسات الرئيس السابق جو بايدن، وقال: “إعلان حالة الطوارئ يمنح الرئيس صلاحيات واسعة في قطاع الطاقة، مثل تخفيف القيود البيئية وتعزيز عمليات الإنتاج، وهذا القرار يعكس الفجوة الكبيرة بين إدارة بايدن وترامب في هذا الملف، حيث يرى ترامب أن الطاقة الأحفورية، مثل النفط والغاز، يجب أن تُعطى الأولوية لتلبية الطلب المحلي المتزايد، خاصة في ظل الاستخدام المتنامي للتكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي”.

وأضاف الريامي: “تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، خلال حشد كبير في ميتشيغان في أغسطس من العام الماضي، بأنه سوف يعلن حالة الطوارئ الوطنية للطاقة فور توليه منصبه. يعني أن نتوقع بعد تنصيبه اليوم أنه قد يتخذ هذا القرار وفق وعده الذي كرره قبل يومين. المقصود بحالة الطوارئ الوطنية للطاقة هو إعطاء الرئيس صلاحيات كبيرة في مجال الطاقة بشكل خاص، ومحاولة حل أي قضية تؤثر مباشرة على المجتمع الأمريكي فيما يتعلق بأمور الطاقة”.

وتابع: “من الملاحظ وجود اختلاف كبير بين إدارتَي بايدن وترامب، فبينما ركزت إدارة بايدن على مكافحة تغير المناخ، نرى أن ترامب يضع الأولوية للإنتاج المحلي حتى لو كان ذلك على حساب البيئة.”

هل يمكن لهذه الخطوة أن تكون فعّالة؟

حول فعالية هذه الخطوة في زيادة إنتاج النفط والغاز، أشار الريامي إلى أن ترامب يهدف إلى تخفيف القيود البيئية الصارمة، مما قد يسمح للشركات النفطية بالعمل بكفاءة أكبر، موضحًا أن تخفيف القوانين البيئية المتعلقة بإنتاج وتكرير النفط يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاج وخفض تكاليف الطاقة محليًا، وعلى المدى الطويل، قد تواجه الولايات المتحدة انتقادات حادة بسبب تأثير هذه السياسات على البيئة العالمية.

التأثير على القوانين البيئية

وعن المخاطر المحتملة لهذه السياسات، حذر الريامي من أن استخدام سلطات الطوارئ يمكن أن يؤدي إلى تجاوز القوانين البيئية الحالية، مما سيفتح المجال أمام الشركات النفطية للعمل بحرية أكبر، لكنه قد يعرض البيئة لتحديات خطيرة. وأردف: “السؤال المهم هنا: هل يمكن تحقيق توازن بين زيادة الإنتاج والحفاظ على البيئة؟ ترامب يضع الأولوية للاقتصاد المحلي، ولكن هذا قد يكون على حساب أهداف مكافحة تغير المناخ”.

وأضاف الريامي بتفصيل حول تأثير هذه السياسات على عمليات الاستكشاف: “إعلان حالة الطوارئ الوطنية للطاقة قد يفتح الباب أمام قرارات جريئة تشمل تخفيف القيود البيئية على الشركات العاملة في مجال النفط والغاز. على سبيل المثال، هناك مناطق استكشافية كانت محظورة أو تخضع لقوانين صارمة تمنع الشركات من العمل فيها أثناء إدارة بايدن، مثل بعض الأراضي الفيدرالية الحساسة بيئيًا. ترامب قد يسمح لهذه الشركات بالدخول إلى هذه المناطق وإجراء عمليات استكشاف جديدة. هذا التحول قد يؤدي إلى زيادة الإنتاج الأمريكي، لكنه في المقابل يضع البيئة أمام تحديات كبيرة”.

وتابع قائلاً: “من المتوقع أن تشمل القرارات تقليل القيود على الانبعاثات الناتجة عن عمليات التنقيب والإنتاج، ما يعني تسهيل عمليات الاستكشاف بشكل كبير. هذه الخطوة قد ترفع من كفاءة الإنتاج المحلي، ولكنها ستواجه بالتأكيد اعتراضات من الجماعات البيئية داخل وخارج الولايات المتحدة”.

وأضاف: “ترامب قد يسمح للشركات المنتجة للنفط والغاز بتخفيف الالتزامات البيئية المتعلقة بعملية الإنتاج، مما سيؤدي إلى زيادة الإنتاج المحلي. كما يمكن أن تشمل الإجراءات تخفيف القوانين على عمليات تكرير النفط داخل المصافي الأمريكية، مما قد يخفض تكاليف الإنتاج ويساهم في تقليل أسعار الطاقة للمستهلكين.”

انعكاسات دولية محتملة

وعن التأثيرات المحتملة لهذه الخطوة على العلاقات الدولية، ذكر الريامي أنه من المتوقع أن يكون تأثير هذه الخطوة محدودًا على أسواق النفط العالمية، لأن الإجراءات موجهة بالأساس نحو السوق المحلي؛ ولكن إذا شهدنا زيادة في الإنتاج الأمريكي، فقد يؤدي ذلك إلى ضغوط على المنتجين الآخرين، بما في ذلك دول الخليج.

وأضاف: “الولايات المتحدة لديها التزام داخلي أكثر من دول الخليج فيما يخص الأسعار، لذلك تأثير هذه السياسات على دول مثل عُمان قد يكون غير مباشر، ولكنه قد يؤثر على السياسات المتعلقة بإنتاج النفط عالميًا.”

الأمن الطاقي في الولايات المتحدة

وحول مدى قدرة هذه السياسات على تحقيق الأمن الطاقي، أكد الريامي على أن هذه الخطوات ستعزز الإنتاج المحلي، ولكنها قد تزيد الاعتماد على الوقود الأحفوري بدلاً من التحول إلى مصادر طاقة مستدامة، فترامب يركز على الاستقلال الطاقي دون إعطاء الأولوية للمناخ، وهو ما سيخلق انقسامًا في الأهداف بين الإدارات الأمريكية المختلفة.

انعكاسات على دول الخليج

وفيما يتعلق بالانعكاسات على دول الخليج والسلطنة، أشار الريامي إلى أن زيادة الإنتاج الأمريكي قد تخلق تحديات أمام منظمة “أوبك+” (السلطنة عضوًا فيها)، والتي ستحاول تحقيق توازن في السوق العالمية، كما ستستمر في مراقبة السوق عن كثب لضمان استقرار الأسعار؛ ولكن إذا زاد الإنتاج الأمريكي بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى ضغوط جديدة على المنتجين الآخرين.

السيارات الكهربائية وتأثيرها

وتطرق الريامي إلى النقطة المتعلقة بالمركبات الكهربائية في الولايات المتحدة، وقال: “زيادة استخدام السيارات الكهربائية قد يخلق طلبًا أقل على الوقود الأحفوري، ولكن سياسات ترامب تعارض هذا التوجه، فبالنسبة لدول الخليج، قد يكون هناك تأثير محدود في الوقت الحالي، ولكنه سيزداد مع التحول العالمي نحو الطاقة المستدامة”.

ختامًا، فإن التحركات المرتقبة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تضع قطاع الطاقة على أعتاب مرحلة جديدة، وفي ظل تباين الأولويات بين الإدارتين السابقتين، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه التغييرات نقطة تحول إيجابية للولايات المتحدة؟ أم أنها ستؤدي إلى تحديات بيئية جديدة على المستوى العالمي؟ الوقت فقط سيكشف الإجابة.

Your Page Title