الأولى

تفاصيل الكارثة البيئية: بحر آرال؛ من رابع أكبر بحيرة إلى صحراء قاتلة

جفاف بحر آرال

رصد-أثير

إعداد: ريما الشيخ

قبل ستينيات القرن العشرين، كانت رابع أكبر بحيرة على وجه الأرض تتلألأ على مسافة أميال، ممتدة بين أوزبكستان وكازاخستان، بمساحة تبلغ 68 ألف كيلومتر مربع لكن بحلول عام 2015م اختفى معظم هذا الامتداد المائي، ليحل محله مشهدٌ مخيف من أرضٍ قاحلة جرداء، نشأت منها أحدث صحراء في العالم، آرالكوم.

مراحل جفاف بحر آرال

لقد أدى هذا التحول إلى تأثيرات كارثية طالت أكثر من 3 ملايين شخص يعيشون في المناطق المحيطة. كما ألحق أضرارًا بيئية وصحية واقتصادية ما تزال تتفاقم حتى اليوم، فكيف تحولت هذه البحيرة الضخمة إلى صحراء، وما العوامل التي أسهمت في جفافها، وما تأثير ذلك على العالم والتغير المناخي؟

“أثير” ترصد الإجابات في الآتي:

أسباب جفاف بحر آرال

لم يكن اختفاء بحر آرال مجرد كارثة طبيعية، بل جاء نتيجة سياسات بشرية خاطئة أدت إلى استنزاف موارده المائية، إضافةً إلى التأثيرات المتزايدة للتغيرات المناخية.

ومن أبرز العوامل التي أسهمت في هذه الكارثة:

1- تحويل مسار الأنهار لريّ الأراضي الزراعية:

في الستينيات، قررت السلطات السوفيتية تحويل مياه نهري آمو داريا وسير داريا، اللذين كانا يغذيان بحر آرال، بهدف توسيع الرقعة الزراعية، خصوصًا لزراعة القطن، ورغم نجاح الخطة في تعزيز إنتاج القطن والتوسع الزراعي، إلا أنها أدت إلى انخفاض مستويات المياه بصورة حادة؛ ما سرّع من عملية الجفاف.

2- مشروعات الري غير الفعالة وسوء الإدارة:

لم تكن قنوات الري المستخدمة محكمة العزل؛ ما تسبب في فقدان كميات هائلة من المياه بالتبخر والتسرب قبل وصولها إلى الحقول الزراعية، وعلى مدار العقود، زاد هذا الإهمال من استنزاف المياه الجوفية، فأدى إلى تسريع جفاف البحر.

3- التغير المناخي وزيادة معدلات التبخر:

مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، زادت معدلات التبخر في المناطق القاحلة، وأدى إلى تبخر المياه المتبقية في البحر بوتيرة متسارعة. كما أن نقص الأمطار وارتفاع حرارة الصيف زادا من حدة هذه المشكلة، وجعل استعادة المياه أمرًا شبه مستحيل.

جفاف بحر آرال

التداعيات البيئية والصحية والاقتصادية لجفاف بحر آرال

1- تحوّل قاع البحر إلى صحراء قاتلة

بعد جفاف معظم مياه بحر آرال، تحول قاعه الجاف إلى أرض قاحلة مغطاة بترسبات سامة وغبار مالح، واليوم، تُعرف هذه المنطقة باسم صحراء آرالكوم، وهي واحدة من أسرع الصحارى نموًا في العالم، حيث تتوسع سنويًا، ما يجعل الأضرار البيئية أكثر تفاقمًا.

2- العواصف الملحية وتلوث الهواء

تحوّل الغبار السام والمُحمل بالملح والمبيدات الحشرية التي كانت تُستخدم سابقًا في الزراعة إلى عواصف رملية تنتشر على نطاق واسع، ما أدى إلى تلوث الهواء في المناطق المحيطة، بل وامتد تأثيره إلى دول أخرى مثل روسيا والصين وأوروبا الشرقية.

3- الأضرار الصحية وارتفاع الأمراض المزمنة

أدى التلوث الناجم عن جفاف البحر إلى ارتفاع معدلات الأمراض التنفسية، مثل الربو وأمراض الرئة المزمنة، إضافةً إلى زيادة معدلات الإصابة بالسرطان، بسبب التعرض المستمر للملوثات الكيميائية المتراكمة في التربة والمياه الجوفية.

4- انقراض الحياة البحرية وفقدان التنوع البيولوجي

كان بحر آرال موطنًا لعشرات الأنواع من الأسماك، ووفّر مصدر رزق لآلاف الصيادين في المنطقة، ومع اختفاء المياه وزيادة نسبة الملوحة، انقرض العديد من الكائنات البحرية، ما أدى إلى انهيار قطاع الصيد بالكامل، ودفع العديد من السكان إلى الهجرة بحثًا عن مصادر رزق جديدة.

5- تغيّر المناخ المحلي وانخفاض نسبة الرطوبة

لم يؤدِ جفاف بحر آرال إلى ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة فحسب، بل أدى أيضًا إلى انخفاض نسبة الرطوبة في الهواء، ما جعل المناخ أكثر جفافًا وصعوبةً للعيش. كما تأثرت الزراعة في المناطق المحيطة، حيث باتت التربة غير صالحة للزراعة بسبب ارتفاع نسبة الملوحة فيها.

جفاف بحر آرال

هل هناك محاولات لإنقاذ ما تبقى من بحر آرال؟

بعد إدراك حجم الكارثة البيئية، بدأت عدة محاولات لإنقاذ ما تبقى من البحر، ومن أبرز الجهود:

-مشروع “بحر آرال الصغير” في كازاخستان: قامت الحكومة ببناء سد كوكارال، الذي نجح في رفع منسوب المياه في الجزء الشمالي من البحر، وأعاد الحياة لبعض الأنواع البحرية.

-زراعة الأشجار لمكافحة العواصف الملحية: بدأت أوزبكستان زراعة أشجار مقاومة للجفاف في قاع البحر الجاف، في محاولة للحد من انتشار العواصف الرملية السامة.

-تحسين أنظمة الري: هناك جهود مستمرة لاستخدام أنظمة ري حديثة أكثر كفاءة، لتقليل استهلاك المياه وتعزيز استدامة الموارد المائية.

ورغم هذه المحاولات، إلا أن الخبراء يؤكدون أن إعادة بحر آرال إلى سابق عهده بات أمرًا مستحيلًا، نظرًا للضرر البيئي الضخم الذي حدث على مدار العقود الماضية.

المصادر

إندبندنت عربية

الشرق الأوسط

شينخوا (Xinhua) العربية

مصادر الصور :

RT

اليوم السابع

اندبندنت عربية

ويكبيديا

Your Page Title