الأولى

حكاية باب عمره أكثر من 82 عامًا

حكاية باب

أثير- تاريخ عمان

إعداد: د. محمد بن حمد العريمي

الصورة: باب خشبي

الصانع: الوستاد ربيّع بن سعيد الغيلاني

مصدر الصورة: مركز فتح الخير الثقافي

اعتاد أصحاب السفن الشراعية اصطحاب نجّار أو أكثر بحسب حجم السفينة، وذلك أثناء قيامهم بنشاط الملاحة البحرية ما بين الموانئ المختلفة، وذلك تحسبًا لأي طارئ قد يحدث أثناء تلك الرحلات، فكثيرًا ما تتعرض السفينة لأعطال أثناء الإبحار، أو قد تتأثر بفعل الأنواء المناخية، الأمر الذي يجعل الحاجة ملحّة لوجود وستاد (نجّار) متخصص يرافق الرحلة.

وكان هؤلاء الوساتيد يقومون بأعمال أخرى أثناء أوقات فراغهم ووجودهم على ظهر السفينة، حيث إن الأعمال الطارئة التي يقومون بها قد تكون محدودة أو وقت الحاجة، لذا فقد كانوا يستغلون أوقاتهم في صنع بعض الأدوات الخشبية لحسابهم الشخصي من أجل البيع، أو لحساب ربّان السفينة، أو لاستكمال بعض النواقص المنزلية الخاصة بهم.

وحدث في ذروة الحرب العالمية الثانية وفي عام 1942 تحديدًا، أن كانت السفينة (نصر الملك) وهي من نوع السمبوق وحمولتها (2200 منّ بصري) وكانت قد صنعت لحساب الشيخ ناصر بن محمد ولد فنه العريمي قبل أن يشتريها النوخذا محمد بن سلطان ولد سامة الغيلاني، وخدمت لمدة (25) عامًا قبل بيعها في عام 1965م على أحد تجار اليمن، في طريقها إلى صور عائدة من زنجبار، وكان الوستاد (النجّار) بها هو وستاد المول المعروف ربيّع بن سعيد الغيلاني.

ونظرًا لوجود وقت فراغ لدى الوستاد المذكور، فقد قام بصناعة باب خشبي من حطب الساج المستورد من الهند ذي نقوش وزخارف جميلة يبيّن معالم الزخرفة العمانيّة ودقّة الصناعة التي امتاز بها الحرفي العماني، ولم تكد الرحلة تصل إلى وجهتها إلى وكان الوستاد قد انتهى من صنع ذلك الباب الذي ما يزال موجودًا حتى الآن بحالة جيدة على الرغم من مرور أكثر من (82) عامًا على صناعته، وهو معروض حاليًا في مركز فتح الخير التراثي في ولاية صور.

باب خشبي
باب خشبي
باب خشبي

أما صانع هذا الباب فهو الوستاد (الأستاذ) ربيّع بن سعيد (مكاني) الغيلاني أحد صنّاع السفن البارزين في مدينة صور، من مواليد عام 1904 تقريبًا، تعلّم المهنة على يد الوستاد ربيع بن صنقور الغيلاني، ثم بدأ بممارسة صناعة السفن حيث التحق بعدد من وساتيد المول مثل وستاد المول إبراهيم بن سبيت الهيّام الفارسي. كما صنع وشارك في صنع وترميم عدد من السفن من بينها: السفينة “السعيدية” للسلطان سعيد بن تيمور، والسفينة “النصر”، والسفينة “ملقّاية” وكلاهما للشيخ ناصر بن محمد آل فنه العريمي.

تنقّل الوستاد ربيّع بن سعيد بين عددٍ من الموانئ من بينها عدن، وزنجبار، والكويت، أسهم خلالها في صناعة العديد من السفن المختلفة، عدا عن سفره كوستاد على متن العديد من السفن الشراعية، وقد توفي عام 1979م أثناء تأديته لفريضة الحج في مكة المكرمة.

ربيّع بن سعيد الغيلاني

المراجع

  • العريمي، ربيع بن عمبر. صور العمانية مهد الملاحة البحرية، مطبعة المها، مسقط، 2016.
  • الغيلاني، حمود بن حمد. صنّاع السفن في سلطنة عمان، سلطنة عمان، 2020.
Your Page Title