رصد - أثير
إعداد: ريما الشيخ
شلل النوم، تلك الظاهرة التي تثير الفضول والخوف في آنٍ واحد، تُعد واحدة من أكثر اضطرابات النوم غموضًا وإثارة للنقاش في الأوساط العلمية والشعبية على حد سواء، وتُعرف في الموروث العربي باسم “الجاثوم”، حيث ارتبطت بتفسيرات أسطورية عن كائن خارق يجثم على صدر النائم.
ولكن، هل يمكن أن نجد تفسيرًا علميًا لهذه الظاهرة التي تربط بين عوالم الأحلام والواقع؟ وهل هي فعلاً مرتبطة بأسباب طبية أم أنها جزء من الخيال الشعبي المتوارث؟
التفسير العلمي لشلل النوم
يُعرَف شلل النوم بأنه حالة يشعر فيها الشخص بالوعي لكنه يعجز عن الحركة أو الكلام عند الانتقال بين مراحل النوم واليقظة، هذه الظاهرة، التي تُعرف علميًا بـ“Sleep Paralysis”، تحدث غالبًا خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، وهي المرحلة التي تحدث فيها الأحلام.
خلال هذه المرحلة، يقوم الدماغ بتثبيط حركة العضلات لمنع النائم من تنفيذ الأحلام جسديًا، حيث إذا استيقظ الشخص فجأة خلال هذه المرحلة، قد يجد نفسه في حالة وعي لكنه غير قادر على الحركة، مما يؤدي إلى تجربة شلل النوم، ويُصاحب ذلك أحيانًا هلوسات بصرية أو سمعية تزيد من شعور الرهبة، مثل الإحساس بوجود شخص في الغرفة أو ضغط على الصدر.
المعتقدات الشعبية حول الجاثوم
في الثقافة العربية، ارتبط شلل النوم بمفهوم “الجاثوم”، وهو كائن خارق للطبيعة يُعتقد أنه يجثم على صدر النائم ويمنعه من الحركة أو التنفس، هذه المعتقدات ليست حكرًا على الثقافة العربية؛ ففي الثقافات الأخرى توجد تفسيرات مشابهة.
في الفلكلور الإسكندنافي، يُعرف شلل النوم بـ“ماير“، حيث يُعتقد أن كائنًا شريرًا يجلس على صدر النائم، أما في اليابان، يُطلق عليه “كاناشيباري”، ويُعتقد أنه ناجم عن قوى خارقة تقيّد النائم، ورغم تباين التفسيرات الثقافية، فإن العنصر المشترك بينها جميعًا هو الشعور بالخوف والرعب المصاحب للحالة.
أسباب وعوامل الخطر
تُعد أسباب شلل النوم متعددة، وتشمل:
- قلة النوم: عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يرفع من خطر التعرض لهذه الحالة.
- التوتر والقلق: يلعب الضغط النفسي دورًا كبيرًا في زيادة احتمالية الإصابة.
- وضعية النوم: النوم على الظهر يمكن أن يُسهم في تكرار نوبات شلل النوم.
- تغيرات نمط الحياة: التغيرات المفاجئة في البيئة أو الجدول الزمني قد تكون عاملاً مسببًا.
الأعراض المصاحبة
إلى جانب عدم القدرة على الحركة، قد تشمل الأعراض:
- الإحساس بالاختناق أو الضغط على الصدر.
- سماع أصوات غريبة أو رؤية أشكال مخيفة.
- الشعور بأن هناك وجودًا غامضًا في الغرفة.
التشخيص والعلاج
عادةً ما يتم تشخيص شلل النوم بناءً على التاريخ الطبي للشخص والأعراض التي يصفها، وفي بعض الحالات، قد يُطلب من الشخص إجراء دراسة للنوم في مركز متخصص إذا تكررت الأعراض بشكل مقلق.
من ناحية العلاج، لا يُعد شلل النوم مرضًا خطيرًا، لكنه قد يكون مرعبًا ومزعجًا، لذلك، تتركز الجهود على الوقاية، مثل:
- الحصول على قسط كافٍ من النوم (7-9 ساعات يوميًا).
- تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ.
- تقليل التوتر من خلال تقنيات الاسترخاء كاليوغا والتأمل.
- تجنب الكافيين والمنبهات قبل النوم.
العلاقة بين شلل النوم واضطرابات النوم الأخرى
تشير الأبحاث إلى أن شلل النوم قد يكون مرتبطًا ببعض اضطرابات النوم الأخرى، مثل:
- النوم القهري (Narcolepsy): وهو اضطراب يسبب نوبات من النعاس المفاجئ.
- الأرق المزمن: قد يؤدي قلة النوم المزمنة إلى زيادة احتمالية التعرض لنوبات شلل النوم.
- اضطرابات القلق: قد تزيد مستويات القلق المرتفعة من حدة وتكرار النوبات.
المصادر:
BBC
الطبي
الجزيرة نت
الميادين