أخبار

هل الزراعة بدون تربة خيار مثالي للمزارعين؟ إليك الإجابة

الزراعة بدون تربة

رصد - أثير

إعداد: جميلة العبرية

تشكل التربة أحد التحديات للمزارعين في القطاع الزراعي، ومع تطور التقنيات والبحث عن الحلول في شأن هذا التحدي ظهر ما يسمى الزراعة بدون تربة والذي يرى بأنه سيسهم في حلحلة هذا التحدي.

ما تقنية الزراعة بدون تربة في البيوت المحمية؟

وفق ما نشرته وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في نشرتها ”ثروات“ بلقاء مع الدكتور مؤثر الرواحي، خبير الزراعة بدون تربة والبيوت المحمية فتعد الزراعة بدون تربة في البيوت المحمية من التقنيات الحديثة التي تسهم في تحسين كفاءة استخدام الموارد المائية وتعزيز الإنتاجية الزراعية.

وتتمثل أهميتها في التحكم الدقيق بجدولة الري وتوزيع العناصر الغذائية، مما يؤدي إلى تقليل كلفة استخدام الأسمدة وزيادة جودة المحاصيل مقارنة بالزراعة التقليدية. في سلطنة عمان، حيث يشكل شح المياه وتملح التربة تحديًا كبيرًا، تأتي هذه التقنية كحل مستدام يسهم في التغلب على المشكلات البيئية وتحقيق إنتاج زراعي أكثر كفاءة.

أهميتها

يواجه المزارعون في سلطنة عمان تحديات عديدة نتيجة الاستخدام المستمر للتربة، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض الفطرية والبكتيرية، فضلاً عن مشكلة التملح الناتج عن الإفراط في استخدام الأسمدة الكيماوية، وفي ظل هذه التحديات، برزت الزراعة بدون تربة كحل فعال يمكن تطبيقه في الأراضي غير الصالحة للزراعة، مما يعزز فرص الإنتاج الزراعي في بيئة صحراوية شحيحة الموارد المائية.

وإدراكًا لأهمية المياه كثروة وطنية، تبذل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه جهودًا كبيرة لترشيد استهلاك مياه الري، وقد تم إدخال تقنية الزراعة بدون تربة لأول مرة في السلطنة عام 2001، وذلك من خلال المزرعة البحثية التابعة للوزارة بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، وقد أثبتت هذه التجارب نجاحًا كبيرًا، حيث تحسنت إنتاجية محاصيل مثل الخيار والطماطم مقارنة بالزراعة التقليدية.

نتائج التجارب البحثية

حققت التجارب البحثية التي أُجريت على الزراعة بدون تربة نتائج مميزة من حيث الإنتاجية والتكلفة الاقتصادية. فقد أظهرت البيانات أن إنتاجية الخيار في البيوت المحمية تراوحت بين 4 إلى 5 أطنان لكل بيت، مع كلفة إنتاج تبلغ حوالي 280 ريالًا عمانيًا، بينما بلغت إنتاجية الطماطم بين 3 إلى 4 أطنان، كما تم اختبار أنظمة زراعية مختلفة، مثل استخدام الرمل وسعف النخيل كوسائط زراعية، مما ساعد في زيادة الإنتاجية بشكل ملحوظ.

ومن الجوانب المهمة التي أظهرتها هذه التجارب هو التأثير المباشر لاستهلاك المياه على الإنتاج الزراعي، إذ تعتمد جدوى أي تقنية زراعية على كمية الإنتاج مقارنة بالمياه المستخدمة. وفي هذا الصدد، سجلت الزراعة بدون تربة كفاءة عالية، حيث تراوحت إنتاجية الخيار في البيت المحمي بين 50 إلى 70 كغم لكل متر مكعب من المياه، في حين لم تتجاوز إنتاجية الخيار المزروع في التربة 2 إلى 4 كغم لكل متر مكعب من المياه، وهذه الفجوة الكبيرة تؤكد مدى فعالية الزراعة بدون تربة في تحقيق أعلى إنتاج بأقل استهلاك مائي، وهو ما يجعلها خيارًا استراتيجيًا للمستقبل الزراعي في السلطنة.

نقل التقنية للمزارعين

لم يقتصر نجاح هذه التقنية على البيوت المحمية البحثية، بل امتدت جهود الوزارة إلى نقلها للمزارعين منذ عام 2004، حيث تم تنفيذ مشروعات تطبيقية في ولايات مختلفة، وقد لاقت هذه المبادرة استجابة إيجابية، مما دفع العديد من المزارعين إلى تحويل أنظمتهم الزراعية التقليدية إلى أنظمة تعتمد على الزراعة بدون تربة، محققين بذلك زيادة ملموسة في الإنتاجية وجودة المحاصيل.

التوسع في استخدام التقنية

استمرت الوزارة في دعم المزارعين وتوسيع نطاق استخدام الزراعة بدون تربة، حيث بلغ عدد البيوت المحمية التي تعتمد على هذه التقنية حوالي 210 بيوت محمية بحلول نهاية عام 2022م، ويعكس هذا النمو المستمر مدى اقتناع المزارعين بجدوى هذه التقنية وفعاليتها، إضافة إلى دعم الجهات الحكومية والخاصة في تعزيز استخدامها لتحقيق الأمن الغذائي في السلطنة.

دور القطاع الخاص في الدعم

إلى جانب الدور الحكومي، كان للقطاع الخاص إسهام بارز في دعم هذه التقنية ونشرها بين المزارعين. فقد لعب بنك مسقط دورًا مهمًا في تمويل مشروعات الزراعة بدون تربة، حيث قدم الدعم لمزارعين في عدة محافظات، مما ساعدهم على تبني هذه التقنية الحديثة. وقد انعكس هذا الدعم بشكل إيجابي على تحسين مستوى المعيشة للمزارعين، ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي، وتعزيز الأمن الغذائي في البلاد.

ختامًا، فإن الزراعة بدون تربة في البيوت المحمية أحد الحلول الواعدة لمواجهة التحديات الزراعية في سلطنة عمان، حيث توفر إنتاجًا زراعيًا عالي الجودة مع استهلاك أقل للمياه.

Your Page Title