رصد-أثير
عُرِف عن الدكتور محمد البرواني أنه ذلك التاجر ورجل الأعمال الذي أسس مجموعة قابضة باسم ”شركة محمد البرواني القابضة“، ويرأس مجلس إدارتها حتى الآن، إلا أن حوارًا أجرته معه نشرة ”تواصل علمي“ التي تصدرها عمادة البحث العلمي في جامعة السلطان قابوس كشفت جانبًا آخر في حياة البرواني وهو ”الباحث“ الذي يستثمر البحث العلمي في خدمة مشروعاته وتوسّعها عبر إنشاء مركز للابتكار.
يؤمن البرواني -وفق الحوار المنشور مؤخرًا ورصدته ”أثير“- بأن التاجر والباحث يشتركان في رؤية دقيقة للفرص، سواء عبر السوق أم المجهر، فكلاهما يسعى إلى الوصول إلى نتائج حقيقية تُحدث تأثيرًا ملموسًا، ومع ذلك يعتقد بأن الحظ قد يقف إلى جانب التاجر أحيانًا، بينما يعتمد الباحث على منهجية صارمة وتجارب دقيقة للوصول إلى نتائجه.
ويرى البرواني بأن الحظ ليس مجرد مصادفة، بل هو نتاج للاستعداد الجيد والعمل الدؤوب، ففي عالم الأعمال، لا يأتي النجاح عشوائيًا، بل هو حصيلة اجتهاد مستمر، ودراسة متأنية للسوق، وقرارات إستراتيجية مدروسة، وبالمثل، في البحث العلمي، فإن الاجتهاد والالتزام بالمنهجية الصارمة يفتحان آفاقًا جديدة للاكتشاف والابتكار، مُسترشدًا بمقولة صلاح الدين الأيوبي: ”نتائج المعارك تحددها إرادة الله، ولكن أيضًا الاستعداد الجيد“.
وكشف رجل الأعمال بأن مسيرته المهنية شهدت نجاحات وإخفاقات، وقبل نحو عشر سنوات، بدأت مجموعته بحثًا حول مراقبة التدفق متعدد الأطوار داخل الأنابيب، وطورت نظامًا مبتكرًا لا يعتمد على المصادر المشعة، بقيادة مدير حاصل على الدكتوراه في الهندسة، الذي نجح في بناء نموذج أولي أثبت كفاءته، لكن التحدي الأكبر كان في التسويق، حيث لم تتمكن الشركة من طرح المنتج بصورة جذابة للأسواق العالمية؛ ما أدى إلى تعثر المشروع، ومع ارتفاع تكاليف البحث وعدم تحقيق عوائد واضحة، اضطرت إلى إيقافه لخفض التكاليف، مضيفًا ”لهذا السبب يعتمد فريق الإدارة لدينا على البحث الداخلي لاستكشاف فرص الأعمال، دون اللجوء إلى مستشارين خارجيين، حيث نقوم بدراسة السوق، وتحليل المنافسة، وتقييم فرص الربح والمخاطر، إضافةً إلى مراجعة إمكاناتنا التقنية والإدارية، مع التركيز على الأفكار ذات الجدوى الإستراتيجية، فمن بين 10 أو 20 فكرة تجارية جديدة، قد نجد فكرة أو فكرتين جديرة بالدراسة“.
وعن كيفية استثمار رواد الأعمال في البحث العلمي والابتكار لتوسيع الأعمال، يؤمن البرواني بأن الأمر يبدأ بفهم عميق للسوق، وتحليل اتجاهاته، وتحديد احتياجات العملاء بدقة، قائلا بأن الابتكار ليس ترفًا، بل ضرورة تضمن للشركات التفوق في بيئة تنافسية متغيرة، والشركات الناجحة لا تكتفي بتقديم منتجات أو خدمات جيدة فحسب، بل تسعى إلى تحسينها باستمرار، وتطوير عملياتها، والاستفادة من التقنيات الحديثة لتعزيز كفاءتها، مؤكدًا بأنه لا يمكن الاعتماد على الحظ وحده في عالم الأعمال، بل يتطلب النجاح رؤية إستراتيجية، ومرونة في التكيف مع المتغيرات، واستثمارًا مستمرًا في البحث والتطوير لضمان الاستدامة والنمو.
يُذكر أن مركز الابتكار أطلقه رجل الأعمال محمد البرواني قبل عامين؛ لدعم البحث والتطوير داخل مؤسسته، بتعاون مشترك بين الموظفين من مختلف المستويات الإدارية والقطاعات، مع التركيز على مجالات الهندسة المتقدمة، والتقنيات المستدامة، والتحول الرقمي، وتطوير حلول متقدمة تلبي متطلبات الأسواق المتغيرة، كما أنشأ البرواني مؤسسة محمد البرواني للأعمال الخيرية في عام 2011م، وهي جمعية خيرية تطوعية غير ربحية تهدف إلى توزيع الزكاة والصدقات على المستحقين، ومساعدة أسر الضمان الاجتماعي، ومساعدة الطلبة المعوزين على إكمال الدراسة، ومساعدة المرضى المعسرين على العلاج محليا وخارجيا، ودعم جمعيات المرأة العمانية، إلى جانب المساعدات الإنسانية في حالات الطوارئ والكوارث.