أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
عرفت عُمان على مدى تاريخها العريق العديد من الشخصيات البارزة في المجالات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والفكرية المختلفة.
(أثير) تقترب في هذا التقرير من تواريخ وفاة عدد من هذه الشخصيات خلال شهر مارس، وقد اعتمدنا في اختيار تلك الشخصيات على كتاب (الروزنامة العمانية) لمؤلفه الإعلامي محمد بن علي المرجبي.
5 مارس 1676م:
توفي في هذا اليوم الشيخ درويش بن جمعة بن عمر بن جمعة المحروقي المولود سنة 1611م، في بلدة الروغة من ولاية أدم، في أقصى جنوب داخلية عمان. عرف الشيخ درويش بزهده وورعه وتواضعه وتقواه وصلاحه، ومن من مشايخه: الشيخ صالح بن سعيد الزاملي، والشيخ مسعود بن رمضان النبهاني.
كان الشيخ درويش واليًا على بلدة أدم، من قبل الإمام سلطان بن سيف الأول. وكان قاضيا له، ويذكر الباحث ناصر السعدي أنه من بعض ولاة ظفار في عهد اليعاربة الشيخ درويش بن جمعة المحروقي، والشيخ عامر بن محمد المعمري، وقد ولاهم الإمام سلطان بن سيف اليعربي، وأعطاهم الإمام عسكرا من الشراة وتوجها إلى ظفار، فأقاما فيها يأمران بالمعروف وينهيان عن المنكر ويحسنان في أهلها إحسانا صافيا بخير رعاية وأفضل صحبة“.

للشيخ درويش بن جمعه المحروقي العديد من المؤلفات من بينها: (جامع التبيان الجامع للأحكام والأديان)، و(الدلائل على اللوازم والوسائل)، وكتاب (الدرر الفاخرة في كشف علوم الآخرة)، وكتاب (تنبيه الغافل وتنشيط المتثاقل).

ومن كتبه كذلك، كتاب (الفكر والاعتبار) الذي شرع في تأليفه ومات قبل إتمامه في ١٩ ذي الحجة ١٠٨٦هج.

6 مارس 1893م:
هو تاريخ وفاة السلطان علي بن سعيد بن سلطان. ولد في عام 1854، يعد رابع سلاطين زنجبار بعد أخيه السلطان خليفة بن سعيد. حكم زنجبار من 13 فبراير 1890 وحتى 5 مارس 1893، وقد خلفه بالحكم ابن أخيه حمد بن ثويني البوسعيدي.
وهو الابن الثاني والعشرون من أبناء السلطان سعيد بن سلطان سلطان مسقط وعمان وزنجبار، ولديه ابن واحد وأربعة بنات.

وفي عهده تم وضع أول دستور للسلطنة وتشكيل حكومة دستورية في عام 1891، بالإضافة إلى تشكيل مجلس وزراء وفصل السلطات.
8 مارس 1955م:
في هذا اليوم توفي الشاعر والفقيه الشيخ سعيد بن راشد بن سليم الغيثي الحارثي. ولد وعاش وتوفي في زنجبار، من أسرة دينية ذات ثقل فكري واجتماعي في مجتمع زنجبار، حيث كان والده قاضيًا هناك. تولى الشيخ سعيد القضاء في زنجبار. كما كانت له آثار فكرية تتمثل في مطارحات أدبية، وتخميسات شعرية، وأسئلة نظمية فقهية، له مراثٍ في الشيخ عيسى بن صالح الحارثي، والشيخ عبد الله الريامي.


11 مارس 1946م:
توفي في هذا اليوم إحدى أبرز الشخصيات السياسية والدينية التي أدّت دورًا مهما في عُمان خلال النصف الأول من القرن العشرين، ألا وهو الشيخ الأمير عيسى بن صالح بن علي الحارثي، الذي ولد في 11 يناير من عام 1874، وتولى مشيخة قومه بعد وفاة والده في عام 1895م.


كانت للشيخ عيسى بن صالح الحارثي أدوار سياسية مهمة في العديد من القضايا، وأدّى دورًا مهمًا في الأحداث المحلية وبالأخص ما يتعلق بالعلاقة بين نظامي السلطنة والإمامة، وجمعته علاقات وطيدة مع الإمام الخليلي والسلطان سعيد بن تيمور. كما حضر اتفاقية السيب وكان ممثلًا عن جانب الإمامة فيها.



وبحسب دراسة الباحث زاهر بن سعيد السعدي حول شخصية الشيخ عيسى بن صالح الحارثي، فقد نشرت جريدة الأهرام المصرية في 14 مارس 1902م مقالًا عن عمان تحدثت فيه عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية السيئة، والاستياء العام السائد بين القبائل العمانية بسبب تدخل بريطانيا في شؤونهم الداخلية.
وورد في المقال فقرة تشير إلى أن " ..العمانيون يعلقون أملهم الآن على الأمير عبد الله بن سالم من آل حموده والشيخ عيسى بن صالح..“، وهذا دليل على مدى السمعة والمكانة التي وصل إليها الشيخ عيسى في تلك الفترة كونه إحدى الشخصيات السياسية العمانية البارزة على الساحة المحلية وقتها.
وعدا عن أدواره السياسية والإدارية، فقد كان الشيخ عيسى بن صالح عالمًا وفقيهًا تلقى العلم على يد عدد من العلماء منهم والده الشيخ المحتسب صالح بن علي الحارثي، والإمام نور الدين السالمي، والشيخ خميس بن حويسن الهنائي، وغيرهم. ومن آثاره العلمية مجلّد ضخم يحوي أجوبته على مسائل في مختلف الفنون رتّب باسم (خلاصة الوسائل بترتيب المسائل)، وهي جوابات الشيخ عيسى بن صالح الحارثي ورسائله في أصول الشريعة وفروعها، رتبها الشيخ حمد بن نور الدين السالمي بناءً على طلب الشيخ عيسى بن صالح الحارثي نفسه، والمرتب هو الذي سمّى الكتاب بـ“خلاصة الوسائل“، ورسالة الردّ العزيز على قلائد الإبريز تأليف الشيخ عيسى بن صالح الحارثي هي من ضمن مجموع خلاصة الوسائل.


14 مارس 1975م:
في هذا اليوم توفي العالم الكبير والشيخ والمفتي إبراهيم بن سعيد العبري، المولود في 12 ديسمبر 1896م، وهو أول مفتٍ عام لسلطنة عمان في عهد النهضة الحديثة.


هو الشيخ إبراهيم بن سعيد بن محسن بن زهران بن محمد العبري، ولد في ولاية الحمراء بمحافظة الداخلية في السابع من شهر رجب سنة 1314هـ، ونشأ في بلدة الحمراء حيث درس القرآن الكريم على يد الشيخ سعيد العدوي، وقد أكمل دراسته الفقهية والنحوية على يد الشيخ ماجد بن خميس العبري، ثم انتقل إلى نزوى فتتلمذ على يد كوكبة من العلماء أمثال الشيخ محمد بن شيخان السالمي وراشد بن سيف اللمكي وعامر بن خميس المالكي.
تولى منصب القضاء على الرستاق ولم يتعد العشرين من عمره، وذلك بعد عام من تولي الإمام سالم بن راشد الخروصي الإمامة على عُمان. ثم عين قاضيا على نزوى فترة ثلاث سنوات. وإثر وفاة الشيخ مهنا (شيخ العبريين) –أثناء وجوده في الأراضي الحجازية لأداء فريضة الحج في أحد الأعوام- تمت تولية الشيخ إبراهيم مشيخة العبريين خلفا للفقيد. ثم عين واليًا على عبري في زمن الإمام محمد بن عبد الله الخليلي فبقي في هذا المنصب لمدة خمسة عشر عاما، وبعد وفاة الإمام محمد بن عبد الله الخليلي أصبح قاضيا في مسقط إلى أن تولى صاحب الجلالة السلطان قابوس مقاليد الحكم فعين مفتيا عاما للسلطنة في عام 1373هـ واستمر في هذا المنصب إلى أن توفي سنة 1395هـ.
وله إنتاج علمي يتمثل في عدد من الآثار العلمية: (تبصرة المعتبرين في سيرة العبريين) دراسة تاريخية لقبيلة العبريين، وأسئلة وأجوبة فقهية متنوعة، وبرامج إذاعية يقدمها في الإذاعة العمانية وبعضها تم نشرها على شكل كتيبات، وله خطب في الأعياد والجمع والاستغاثة، وقصائد شعرية تتنوع بين الرثاء والمديح والسلوك والطبيعة.







توفي الشيخ إبراهيم إثر حادث سير يوم 14 مارس 1975 أثناء توجهه من مسقط إلى السيب، ونقل إلى مستشفى خولة حيث فارق الحياة.

20 مارس 1234م:
وفاة الشيخ أبو أحمد عثمان بن أبي عبدالله بن أحمد العزري النزوي الملقّب بالأصم، وهو عالم وفقيه عاش في أواخر القرن السادس الهجري، وأوائل القرن السابع الهجري، يعرف بالأصم، فيما يقال: بأن امرأة أتت إليه تستفتي فأحدثت، فتصامم كي يذهب عنها الخجل. كان مثالا للورع والعفة والنزاهة.
له اطلاع واسع في علم الكلام والفقه. ويعد من علماء النصف الأخير من القرن السادس والثلث الأول من القرن السابع الهجريين.
من مؤلفاته: (التاج) في الفقه، في خمسين جزءا، مفقود ما عدا الأول والسادس والعشرين، موجود بمكتبة وزارة التراث. وكتاب (النور في علم التوحيد) وهو مختصر كتاب الضياء للعوتبي الصحاري. وكتاب (البصيرة)، وهو كتاب في العبادات والمعاملات، في جزأين. وكتاب (الأنوار في الأصول). وكتاب (الإبانة في أصول الديانة)، مفقود. كتاب (العقود).


20 مارس 1854م:
توفي السيد خالد بن سعيد بن سلطان بداءٍ رئوي، ودفن في مقبرة الأسرة الحاكمة في زنجبار، وهو الابن الثاني من أبناء السيد سعيد بن سلطان، وكان السيد خالد ينوب عن والده في حكم زنجبار أثناء غيابه، ومن الأحداث التي شــارك فيها السيّد خالد حــادث توليه قيادة الجيــش للقضاء على ثورة سيوي في عام 1844م، وشاركه القيادة السيّد حمّاد بن حمد السمّار. كما بعثه أبوه للقبض على حاكم ممباسة وشيوخها في سنة 1837م، فألقى القبض على الشيخ راشد بن سالم حاكم ممباسة، وثلاثين من أعيانها وشيوخها.
عُرِف عن السيد خالد شدّته وصلابته في العديد من المواقف، فتذكر السيدة سالمة بنت سعيد في مذكراتها عندما ولي السلطة نيابة عن والده في إحدى المرات: “كان خالد كرئيس للعائلة شــديد الصرامة، وكثيرًا ما كان لدينا ســبب للشكوى من شدّة تعليماته، هنا مثلا على ذلك، مرة شــب ّ حريق في بيت الســاحل ... حين عــم ّ الذعر في البداية وهو أمر مفهوم واندفعنا إلى الأبواب وجدناها مغلقة يحرسها الجنود، وقد كان خالد أرسلهم إلى هناك في الحــال كي يتعذّر علينا الخروج في وضح النّهار فتقع عيون الشــعب علينا”.
وقد جمع ثروة كبيرة، كما امتلك (مزرعة مارسيليا) تيمنًا بمدينة مارسيليا الفرنسية التي كان يحبها، وتأثرت المزرعة بالأحداث التي دارت عام 1859 بين السيد ماجد وأخيه السيد برغش بن سعيد.
يوجد قبر السيد خالد عند الركن الشــمالي ّ من المقبرة المخصّصة لدفن أولاد الإمام، ودفن والــده لاحقا بالقرب منه، ويذكر المغيري أن ّ قبر السيّد سعيد يحيط به أضرحة السّادة خالد وماجد وبرغش وخليفة الأول.
21 مارس 888م:
وفاة الإمام الصلت بن مالك الخروصي. وهو الإمام الصلت بن مالك الخروصي اليحمدي، بويع له يوم الجمعة قبل غروب الشمس لستة عشر خلت من ربيع الأخر سنة سبع وثلاثين ومائتين، وهو اليوم الذي مات فيه المهنا رحمه الله وقام له بالبيعة بشير بن المنذر ومحمد بن محبوب.
ومن الأحداث الواقعة في عهده ما جاء في تحفة الأعيان: " وفي سنة إحدى وخمسين ومائتين كان بصحار وبعمان السيل الكثير المذكور وانهدم دور كثير ، ومات فيه ناس كثير وغرق السيل عامة عمان وبلغ الماء مواضع لم يبلغها من قبل ذلك والله أعلم“، وجّه حملة عسكرية ناجحة لاستراد سقطرى من أيدي الحبشة، وامتدت إمامته 35 عامًا قبل أن يتم عزله.
27 مارس 1888م:
توفي السلطان برغش بن سعيد بن سلطان، سلطان زنجبار، تولى السلطنة بعد وفاة أخيه السيد ماجد بن سعيد عام 1870 ويعد السلطان الثالث ضمن سلسلة حكام زنجبار من أسرة البوسعيد.

قام السلطان برغش بن سعيد بالعديد من الأعمال في المجالات المختلفة، وأَحدث تغيرات جذرية في الناحية الحضارية في زنجبار. ومن أهم أعماله: بناء بيت العجائب في عام 1883م، وهو أول مبنى في شرق إفريقيا تصل إليه الكهرباء، وإنشاء المطبعة السلطانية في عام 1882م، والتي تعد من أقدم المطابع في شرق إفريقيا، وكانت مطبوعات المطبعة السلطانية تُوقفُ على طلبة العلم، ويمنع بيعها وتداولها في الأسوق، حيث تتصدر وثيقة الوقف كل كتاب، بعد ذلك توزع نسخ من الكتاب على الجهات المُستحقة.
وبحلول عام 1870م، تم تركيب أضواء للشارع معتمدة على النفط على طول الشوارع الرئيسية في ستون تاون Stone Twon بزنجبار، وكان أول مبنى أُدخلت إليه الكهرباء هو بيت العجائب عام 1883م.



وفي عام 1875 قام السلطان برغش بجولة أوروبية استلهم منها العديد من الأفكار الحضارية، وتخليدًا لتلك الرحلة تم إصدار أول كتاب عماني تم طباعته في أوروبا وتحديدا في لندن بمطبعة النحلة عام 1878م، بعنوان “تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجبار” تخليدا لرحلة السلطان برغش بن سعيد بن سلطان البوسعيدي لإنجلترا عام 1875م.

ومن ضمن جهود السلطان برغش بن سعيد الإصلاحية في المجال الاقتصادي، قيامه بسك عدد من العملات المالية أحدها يعود إلى عام 1304هـ



30 مارس 1947:
توفي الشيخ محمد بن عيسى بن صالح الحارثي (أبو الفضل)، وهو من بيت علم ورئاسة في ولاية القابل، ووالده هو الشيخ عيسى بن صالح الحارثي. من آثاره العلميّة والأدبية (ديوان أبي الفضل)، الذي اشتمل على أراجيزه في الرحلات، ومطارحاته الأدبية، وأشعاره في الفروسية، وغيرها من المواضيع.

ترجم له الأديب محمد بن راشد الخصيبي في كتاب شقائق النعمان بقوله: " ممن قال الشعر من أهل عمان في القرن الرابع عشر الشيخ الأديب اللبيب الأريب أبو الفضل محمد بن عيسى بن صالح بن علي الحارثي، وطنه القابل من الشرقية وهو من بيت علم وفضل ورئاسة فهو وأبوه وجده وابنه كلهم رؤساء أمراء تضرب إليهم أكباد الإبل، ولا تسل عن سعة علم الشيخين عيسى وأبيه صالح ورسوخ قدمهما في الدين....ولا بأس بهذا الشيخ المترجم له فإنه مضطلع بالعلم والمعرفة والأدب، واشتهرت أراجيزه الفائقة التي يقولها في رحلاته وقوافيه الرائقة التي يطارح بها إخوانه وأصدقائه الأدباء، وله حب عميق في فروسية الخيل لأنه من أهلها، وله أشعار فيها ومطارحة بينه وذويها وتفنن عجيب.. وقد توفي المترجم له في اليوم الثامن من شهر جمادى الأولى عام ستة وستين وثلاثمائة وألف وكانت ولادته عام ستة عشر وثلاثمائة وألف، فعمره خمسون سنة.."
ومن أهم آثاره الأدبية (ديوان أبي الفضل) الذي صححه وحققه حسن الريامي، ويشتمل على أراجيز في الرحلات، ومطارحاته الأدبية وأشعاره في الفروسية. إنما الأهمية التي تظهرها أراجيزه من الناحية الاجتماعية والسياسية والتاريخية استدعت الوقوف عليها قليلا وإبراز بعض سماتها.



المراجع
- البطاشي، سيف بن حمود. إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان، مكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للشئون الدينية والتاريخية، الطبعة الرابعة 1437هـ/ 2016م، 1/350، 365.
- الخصيبي، محمد بن راشد. شقائق النعمان على سموط الجمان في أسماء شعراء عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، 1994.
- السالمي، نور الدين. تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ج2، المطبعة السلفية بمصر، القاهرة، 1347 هـ.
- السعدي. زاهر بن سعيد. الشيخ عيسى بن صالح الحارثي (1290 - 1365 هـ / 1874 - 1946م)، مؤسسة الإنتشار العربي، بيروت، 2018.
- المرجبي، محمد بن علي. الروزنامة العمانية، وزارة الإعلام، 2019.
- المكتبة السعيدية. تراجم عن بعض شخصيات عمان، https://alsaidia.com/node/477
- النبهانية، بدرية بنت محمد. زنجبار حكاية ولي العهد خالد بن سعيد، مجلة إشراق، العدد السابع، أكتوبر 2020