أثير – جميلة العبرية
في نسخة هذا العام من معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025، الذي يقام في العاصمة السويسرية خلال الفترة من 9 إلى 13 أبريل، تبرز سلطنة عُمان بأربعة ابتكارات، من بينها ابتكار للشاب العُماني مؤيد البلوشي يستهدف قضية حيوية تمس حياة الصيادين ومرتادي البحر.
ابتكار البلوشي يتجاوز كونه جهازًا تقنيًا، ليكون رسالة حياة، خصوصًا لأولئك الذين يخوضون مغامرات البحر في مناطق نائية بلا تغطية هاتفية أو إنترنت؛ فما هذا الجهاز، وكيف يعمل، وما التحديات التي واجهت المبتكر في رحلته؟
“أثير” التقت بالمبتكر العُماني مؤيد البلوشي لتسليط الضوء على هذا الابتكار.
البداية من مأساة.. وتحويل الخوف إلى حل
يتحدث مؤيد البلوشي عن شرارة الفكرة قائلًا: “كانت البداية مع أخبار مؤلمة عن فقدان صيادين في بحر عمان والخليج، وانقطاع الاتصال بهم لأيام، ونتائج تنتهي للأسف بخسائر بشرية ومادية، فتساءلت: ماذا لو كان هناك جهاز صغير، يُنقذ حياتهم في لحظة؟”
هكذا وُلدت فكرة Etienne – وهو جهاز إنقاذ ذكي بحجم كف اليد، يستطيع الصياد أو البحّار استخدامه بضغط زر واحدة فقط، ليتم تحديد موقعه بدقة عبر الأقمار الصناعية، وإرسال إشارات استغاثة إلى الجهات المختصة، أو حتى إلى أسرته.
كيف يعمل الجهاز؟
يوضح البلوشي آلية العمل باختصار: “بمجرد الضغط على زر (SOS)، يُرسل الجهاز موقع المستخدم الجغرافي مباشرة عبر الأقمار الصناعية إلى نظام سحابي، ثم تُرسل التنبيهات لجهات الإنقاذ، أو لجهات يُحددها المستخدم مسبقًا، كأسرته أو قائد خفر السواحل.، ويتضمن النظام أيضًا منصة إلكترونية لمتابعة حركة القوارب والحالات الطارئة لحظة بلحظة.

تقنيات متقدمة لتحديات قاسية
الجهاز مزوّد بتقنيات دقيقة، منها:
• نظام GPS عالي الدقة.
• الاتصال بالأقمار الصناعية دون الحاجة لأي شبكة أرضية.
• بطارية تدوم 48 ساعة.
• مقاومة للصدمات والماء وفق معيار IP68.
• إرسال إشارات دورية تلقائيًا لتعزيز فرص الإنقاذ.
وأشار البلوشي إلى أن التجارب الواقعية في البحر ستبدأ قريبًا، بالتنسيق مع عدد من الجهات المختصة والصيادين، لتقييم الأداء في بيئة حقيقية.

التحديات.. وكلفة الحياة
ويشير البلوشي إلى أن أكبر التحديات كانت في تأمين مكونات عالية الجودة تتحمل ظروف البحر، وبتكلفة مناسبة. كما أن تقنيات الأقمار الصناعية باهظة، لكن كلفة إنقاذ حياة إنسان لا تُقارن، ورغم التحديات، لقي الجهاز قبولًا مبدئيًا من جهات أبدت اهتمامًا كبيرًا، وهناك ترتيبات جارية لاعتماد الجهاز رسميًا في المستقبل.
خطة تسويقية للموانئ والقرى الساحلية
أما عن الانتشار، فيُخطط مؤيد لتسويق الابتكار من خلال:
• حملات توعوية ميدانية في الموانئ.
• التعاون مع جمعيات الصيادين.
• توفير الجهاز بسعر تنافسي مع اشتراك شهري رمزي.
• الترويج عبر قصص واقعية تُظهر فعاليته.
فرصة اقتصادية واعدة
ويشير البلوشي إلى أن السوق في سلطنة عمان والخليج كبير جدًا قائلًا: “لدينا أكثر من 20 ألف قارب في السلطنة فقط، وأكثر من 100 ألف في الخليج؛ وإذا استهدفنا 10% فقط، فالعائد المتوقع يتجاوز مليون دولار خلال أول عامين، بالإضافة إلى الاشتراكات الشهرية.”

نقلة في ثقافة السلامة
“سيتغير وعي الناس تمامًا بعد هذا المشروع”، هذا ما يؤكده البلوشي لـ “أثير”، مضيفًا: “اليوم لا يملك كثير من الصيادين وسيلة اتصال في الطوارئ، ومع هذا الجهاز سيكون لكل بحّار أمل حقيقي في النجاة، وأداة توصل صوته حين يصمت كل شيء، ونحن نعمل على تطوير نسخة خاصة للرحلات البرية والمغامرين وسائقي الشاحنات، بنفس المبدأ، وبخيارات تناسب بيئاتهم. فالابتكار لا يعرف حدودًا، ما دام الإنسان في حاجة إلى الأمان.”
جديرٌ بالذكر أن وفد سلطنة عمان أحرز ذهبية واحدة وفضيتين في معرض جنيف الدولي بنسخته الخمسين، وهي:
- المبتكر مؤيد البلوشي: الميدالية الذهبية عن ابتكاره : “Etienne - SOS Rescue Device”
- المبتكر محمود الهنائي: الميدالية الفضية عن مشروعه: نظام تعقيم وتنظيف مبخر.
- المبتكرة ليان الرحبية: الميدالية الفضية عن مشروعها: “لغة”.
- مصدر صورة الموضوع: وكالة الأنباء العمانية