الأولى

سلطنة عمان: هل هي من أفضل الوسطاء في العالم؟

سلطنة عمان

رصد - أثير

كتب الدكتور إلياس نيكولاكوبولوس، القنصل الفخري لليونان لدى سلطنة عمان مقالًا يوم السبت في صحيفة “ليبرال” اليونانية، “أثير” ترصد المقال وتضعه نصًا للقارئ الكريم.

“شهدت مسقط، عاصمة سلطنة عمان، يوم السبت 12 أبريل 2025م لقاء بين المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وفريق وزارة الخارجية الإيرانية برئاسة الوزير عباس عراقجي. وبحسب الطرف الأمريكي، فإن اللقاء سيكون مباشرًا وفوريًا، بينما ترى إيران أنه سيتم بشكل غير مباشر عبر وسطاء. وفي الحالتين، فإن فريق الوسطاء العمانيين التابع لوزارة الخارجية، والمتمرس بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد -حفظه الله- ووزير الخارجية السيد بدر البوسعيدي، هو من سيتولى إدارة هذه العملية الحساسة.

لماذا تثق الدولتان المتحاربتان بسلطنة عُمان؟

للولايات المتحدة علاقات دبلوماسية وثيقة مع سلطنة عمان منذ نشأتها، حيث كانت عمان واحدة من أوائل الدول العربية التي اعترفت بها في عام 1833م عندما وقعتا معاهدة الصداقة والتجارة. علاوة على ذلك، منذ عام 2009م وقع البلدان اتفاقية التجارة الحرة؛ ما أدى إلى تعميق علاقاتهما التجارية الثنائية.

أما إيران فتتمتع بعلاقات تاريخية وتجارية وثقافية عميقة مع سلطنة عمان، وإلى جانب علاقتهما التاريخية، كانت إيران من أوائل الدول التي اعترفت بالسلطان قابوس بن سعيد في عام 1971م عندما تولى الحكم، وساعدته في محاربة التمرد في جنوب عمان بعد بضع سنوات بإرسال جيش، تحت أوامر الشاه إلى جانب المساعدات العسكرية من البريطانيين.

خصائص سلطنة عُمان

تتمتع سلطنة عُمان ببعض الخصائص الاجتماعية والسياسية التي تجعلها فريدة من نوعها، سواء بين دول الخليج أم على مستوى العالم، فبالإضافة إلى موقعها الجيوسياسي، كممر من الشرق إلى الغرب وأفريقيا، تسيطر بالاشتراك مع إيران على مضيق هرمز الحيوي، وهي دولة إسلامية يبلغ عدد سكانها 5.5 مليون نسمة فقط، وهي الدولة الإسلامية الوحيدة في العالم التي تعتمد بشكل أساسي على المذهب الإباضي -الأكثر اعتدالًا بين المذاهب الإسلامية-، والذي لا يقبل فقط كل المذاهب الأخرى، بل يصر أيضًا على التزام المؤمن بأن يكون لطيفا ومحترمًا ومضيافًا مع جميع الناس، بغض النظر عن دينهم، مع معارضته لأي شكل من أشكال العنف، والاعتقاد السائد لدى العمانيين هو أن أي خلافات يجب حلها من خلال الحوار والوساطة، وهذه هي السمة الرئيسية التي تجعل عُمان والعمانيين استثنائيين، أولًا كشعب، ثم كوسطاء، وهو موقف ينبع من طبيعتهم ونسيجهم المجتمعي، الأمر الذي فهمه المجتمع الدولي واستخدمه.

بعض الوساطات العمانية خلال الـ 45 سنة الماضية

يمكن وصف السياسة الخارجية لسلطنة عمان بأنها متحفظة ومحايدة وعملية، وفيما يلي بعض الحالات التي كان فيها للوساطة العمانية آثار كبيرة على حل النزاعات أو تسويتها:

- الحرب بين إيران والعراق (1980-1988): على عكس الدول العربية الأخرى التي وقفت إلى جانب العراق، ظلت عُمان محايدة، وحصلت على قبول متبادل كوسيط موثوق.

- قطر - البحرين (1991): في حين يتذكر الجميع الحصار الذي فرضته دول عربية (البحرين، والسعودية، ومصر، والإمارات العربية المتحدة) على قطربين عامي 2017 و2021، والذي تم حله بعد وساطة عمانية وكويتية، إلا أن هذه كانت المرة الثانية التي ساعدت فيها سلطنة عمان وخففت من حدة الخلافات بين الدول الشقيقة.

- اليمن 2014: في بداية الأعمال العدائية بين اليمن وتحالف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، رفضت سلطنة عُمان اتخاذ موقف، وتحافظ حتى اليوم على قنوات اتصال مفتوحة مع جميع الأطراف المعنية، وعرضت خدمات الوساطة هناك أيضًا.

- الولايات المتحدة الأمريكية - إيران (2015): قليل من الناس يعرفون أن المحادثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني الأول (خطة العمل الشاملةالمشتركة الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2016 وتم إلغاؤه خلال ولاية الرئيس ترامب الأولى في عام 2018) جرت تحت رعاية ووساطة وزارة الخارجية العمانية في سلطنة عمان.

- إيران - السعودية 2023: التقارب بين إيران والسعودية يُعزى علنًا إلى نجاح الصين، إلا أن سلطنة عُمان كانت وراء الكثير من الاتصالات والتفاهم بين الطرفين.

- إطلاق سراح الرهائن: تمت عملية إطلاق سراح الغالبية العظمى من الرهائن الغربيين، وبخاصة الأمريكيين، من قبل الحكومة الإيرانية بعد وساطة وتفاهم من جانب الحكومة العمانية.

عليه؛ فإن محادثات الغد في مسقط تأتي نتيجة الاتصالات التي أجراها الرئيس الأمريكي ترامب من خلال رسالة بعث بها إلى المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي في مارس 2025، مرة أخرى من خلال سلطنة عمان التي ليس من قبيل المصادفة أن يشار إليها في الأدبيات غالبًا باسم “سويسرا الشرق الأوسط”، ولا أن شعار سياستها الخارجية هو “أصدقاء للجميع، ولا أعداء لأحد”.

رابط المقال في الصحيفة اليونانية

Your Page Title