مسقط – أثير
أكد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال بأن اعتماد ميثاق خاص لحوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها يأتي ترجمة للتوجيهات السامية المتضمنة في خطاب جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله بتاريخ 23 فبراير 2020م بشأن تحسين أعمال الشركات المملوكة للدولة وتحسين أدائها ورفع كفاءتها، فضلا أن الميثاق يمثل نقلة نوعية في تنظيم أعمال هذه الفئة من الشركات، وذلك لأهمية الحوكمة في ضبط إدارتها وضمان الربط ما بين أهداف التنمية المستدامة والاغراض التي أنشئت هذه الشركات من أجلها، وصولا إلى تنمية شاملة واقتصاد متين مستدام، وذلك من خلال تحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وتشجيع الاستخدام الكفؤ للموارد البشرية والمالية والأصول المتاحة، والعمل على إيجاد إطار ينظم عمليات المحاسبة والمساءلة وتيسيرها للأطراف ذات المصلحة.
وأوضح سعادة الشيخ عبدالله بن سالم السالمي بأن الهيئة العامة لسوق المال قامت بإعداد ميثاق الشركات الحكومية المملوكة للدولة استنادا إلى المادة 20 من قانون الشركات التجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 18 لعام 2019 والتي تنص على أنه “على الهيئة وضع المبادئ المنظمة للحوكمة، تلتزم بها شركات الساهمة العامة والشركات التي تمتلك الحكومة فيها حصصا”.
وأشار سعادته بأن مراحل إعداد الميثاق اتبعت المنهجية المعتادة من قبل الهيئة في إعداد اللوائح والقوانين المنظمة لقطاعي سوق رأس المال والتأمين، ونظرا لأهمية هذه المبادئ الخاصة بحوكمة الشركات المملوكة للدولة، فقد تمت صياغتها بالتشاور مع الجهات المعنية إلى جانب عرضها على الجمهور في مشاركة مجتمعية واسعة، وارتكزت هذه المبادئ في ماهيتها على أن الأصل في الشركات المملوكة للدولة أنها شركات تعمل وفق الأسس التجارية والاقتصادية وتخضع لجميع القوانين التي تنظم عمل الشركات التجارية في السلطنة، ما لم تحدد الحكومة أسسا أخرى، ولذا جاء الميثاق ليؤكد على أهمية بيان الغرض من هذه الشركات ومراجعته. وجاءت مبادئ الميثاق لتمثل الحد الأدنى من الممارسات الواجب اتباعها كإطار مرجعي في صياغة أنظمة الحوكمة للشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها بمختلف مسمياتها القانونية، بما يساعد هذه الشركات على صياغة أنظتمها الداخلية الخاصة بالحوكمة بحيث تضم سلسلة من السياسات والعمليات والإجراءات الواضحة والمحددة بحيث تكون متسقة مع بنود هذا الميثاق، على أن تكون هذه الشركات معنية بمتابعة تنفيذ بنود الميثاق.
جدير بالذكر أن صياغة الميثاق اعتمدت على جملة من المرتكزات الأساسية، فقد تم الاستئناس بأفضل الممارسات المعتمدة من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) وبما يتناسب مع البيئة التشريعية والتنظيمية للسلطنة. ومن جانبه أشار سعادته بأن المبادئ الموصى بها من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، تؤكد على أهمية توحيد ملكية أصول الدولة والمؤسسات المملوكة من قبلها تحت مظلة واحدة مختصة تقوم مقام الشركة القابضة، وتتمتع بالصلاحيات الكافية لوضع معايير حوكمة كل من الشركات التابعة لها والمجموعة ككل ومتابعة تطبيق هذه المعايير. وفي هذا السياق سعت الهيئة بوضعها مبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة فيها حصصا أن تحدد إطارا وطنيا عاما يمثل الحد الأدنى لممارسات الحوكمة، التي ستعتمد عليها بعض الجهات مثل جهاز الاستثمار العماني، خاصة وأن كونه جهاز استثمار سيادي يمنحه صلاحيات واختصاصات واسعة، في وضع معاييره الخاصة بالشركات الواقعة تحت إدارته بما يتسق مع هذه المبادئ.
وفي سياق حديثه عن أبرز ملامح الميثاق أشار السالمي بأن الشركات المملوكة للحكومة ستكون ملزمة بالإفصاح عن بياناتها المالية الربعية والسنوية غير المدققة أو السنوية المدققة للجمهور عبر موقع الشركة أو عبر منصة النشر الإلكترونية التي ستعتمدها الهيئة لأغراض الإفصاح. موضحا أن مسالة الشفافية والإفصاح من المرتكزات الأساسية في تطبيق الحوكمة لما في ذلك من أهمية في تعزيز مستويات النزاهة وإبراز المركز المالي للشركات بما يسهم في الحصول على التسهيلات والتعاقدات من الأطراف ذات العلاقة.
الجدير بالذكر أن الميثاق يتضمن أحد عشر مبدأ من مبادئ الإدارة الرشيدة، والتي يقوم مبدأها الأول على أن الأصل في الشركات التي تمتلك الحكومة فيها حصصا أنها شركات تجارية، ويجب أن تعمل وفق الأسس التجارية والاقتصادية وتخضع لجميع القوانين التي تنظم عمل الشركات التجارية في السلطنة، وجاء المبدأ الثاني ليوضح أنه يجب أن يكون للشركة الحكومية الإطار التنظيمي والقانوني الفعال، وأن يجري تطبيقه بحرص وعناية، ووفقا لمبدأ الثالث فإن الحكومة تعتبر مالكا ومساهما في الشركة ولها أن تتصرف وفق هذا المنطلق، كما أوضحت المبادئ الأخرى تفاصيل كثيرة تتعلق بتشكيل مجلس الإدارة ومسؤولياته واختصاصاته وحدود صلاحياته ، والإطار الذي ينظم عمليات المساءلة والمحاسبة لأعضاء مجلس الإدارة، بالإضافة إلى ميثاق السلوك المهني لأعضاء مجلس الإدارة والمعاملة المتساوية للمساهمين الآخرين غير الحكومة فضلا عن بنود تنظيمية تنظم تعاملات الأطراف ذات العلاقة والأطراف ذات المصلحة، وبنود أخرى تحدد أدوار وصلاحيات الإدارة التنفيذية، والمبدأ الأخير جاء ليحدد كيفية التعامل مع المسؤولية الاجتماعية لهذه الفئة من الشركات.