مسقط-أثير
مقال لسعادة أميت نارنغ- سفير جمهورية الهند المعتمد لدى سلطنة عمان
إن داء السكري وآلام الظهر والمفاصل وضغط الدم وأمراض القلب كلها أمراض شائعة لا تفرق بين الجنسية أو العرق أو المنطقة أو الديانة، فالأغنياء والفقراء والطبقة الوسطى جميعنا ضعفاء بالقدر نفسه.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن الأمراض غير المعدية أو المزمنة تقتل حوالي 41 مليون شخص في كل عام أي ما يعادل 71٪ من جميع الوفيات على مستوى العالم.
ويمكن الوقاية من مثل هذه الأمراض وكذلك الاضطرابات المرتبطة بأنماط الحياة الحديثة مثل التوتر والقلق والاكتئاب من خلال اتباع نهج شامل للعافية؛ وذلك من خلال تحقيق التوازن بين العقل والجسم وتعزيز ميول الجسم الطبيعي نحو الصحة والشفاء الذاتي.
وتظهر اليوغا – وهي تقليد قديم من الهند – الطريق إلى الصحة الشاملة والرفاهية وتقدم فوائد الصحة البدنية والعقلية للأشخاص من جميع الأعمار وفي كل مكان.
ولا تتطلب اليوغا إلا مجرد حصيرة اليوغا وملابس مريحة فهي الطريقة إلى الصحة اليومية. وممارساتها اليومية بسيطة وبأسعار معقولة ويمكن الوصول إليها. وتعد فوائدها التي لا حصر لها معترفًا بها ومعتمدة من قبل المتخصصين الصحيين في جميع أنحاء العالم.
وفي عام 2014م أكدت الاستجابة الكبيرة لدعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بيوم 21 يونيو كاليوم الدولي لليوغا على الجاذبية العالمية لهذا النظام القديم للصحة البدنية والعقلية. ومنذ ذلك الحين يتم الاحتفال عالميًا باليوم الدولي لليوغا بحماسة كبيرة.
وقد عززت جائحة كورونا كوفيد-19 للعالم ضرورات المناعة الطبيعية والممارسات الصحية الجيدة وجلب فوائد اليوغا إلى مركز الخيال العالمي مرة أخرى.
وبينما يحتفل العالم باليوم الدولي الثامن لليوغا اليوم تحولت اليوغا بالفعل إلى حركة جماهيرية وتجاوزت جميع الحواجز وجلبت الناس من جميع أنحاء العالم إلى منصة مشتركة لتحقيق صحة أفضل ولتنشيط الوعي الداخلي وتعزيز الانسجام والسلام.
إن موضوع اليوم الدولي لليوغا لهذا العام هو “اليوغا من أجل الإنسانية” حيث يعرض الدور المهم الذي لعبته اليوغا في مساعدة البشرية على التعامل مع الآثار المدمرة لجائحة كورونا.
وكمزيج من أوضاع الجسم الدقيقة والتنفس والتأمل يمكن أن تساعد اليوغا في تحقيق الانسجام بين الجسد والعقل والروح. كما تساعد اليوغا على تعزيز المناعة ومقاومة الأمراض الشائعة والتوتر والقلق كما ما هو المطلوب في هذه الأيام.
إن ممارسة اليوغا الشاملة لا تفيد العقل والجسد فحسب، بل إنها تغرس أيضًا الحب والكرم والاهتمام تجاه الآخرين، وتعزز إنسانية القلب التي يحتاجها عالم اليوم بشدة.
وقد اتخذ الشعب العماني اليوغا بحماسة كبيرة باعتبارها إكسيرًا لصحة أفضل. وتزداد شعبية اليوغا كنظام صحي بين جميع فئات الشعب العماني.
وفي الفترة التي سبقت الاحتفال باليوم الدولي الثامن لليوغا أطلقت السفارة الهندية بمسقط في أبريل من هذا العام مهرجانا لليوغا فريدًا من نوعه على شكل “مهرجان مسقط كبير لليوغا – 75 يوما و75 فعالية” – مهرجانا للسلام والصحة والعافية. وقد تم توقيته للاحتفال بمرور 75 عامًا مجيدًا على استقلال الهند، وكان “مهرجان مسقط لليوغا” ماراثونًا حقيقيًا لممارسات اليوغا على مدار 75 يومًا وبلغت ذروتها في اليوم الدولي لليوغا اليوم.
وعلى مدار 75 يومًا الماضية لم يقتصر هذا المهرجان الفريد على 75 حدثًا فحسب بل شمل أكثر من 100 حدث عبر النظام المرئي وبشكل مباشر في جميع أنحاء سلطنة عمان. وقد شاركت الجالية الهندية والشعب العماني بأعداد كبيرة في العديد من جلسات اليوغا التي عقدت منذ ذلك الحين حول موضوعات متنوعة بما في ذلك اليوغا من أجل اللياقة العامة وتقوية الجهاز العصبي وتخفيف الضغط النفسي والسيطرة على مرض السكري والغدة الدرقية والأرق وارتفاع ضغط الدم وتحسين المرونة والمناعة والتركيز والذاكرة وتعزيز صحة الأطفال والمراهقين وما إلى ذلك في مواقع مختلفة في جميع أنحاء سلطنة عمان.
إن ماراثون اليوغا الأيقوني هذا والمشاركة الحماسية للناس من جميع الفئات العمرية لا تدل فقط على الشعبية المتزايدة لليوغا في سلطنة عمان، ولكن أيضًا على روابط الأخوة التي تم اختبارها عبر الزمن بين الشعبين الهندي والعماني.
ويسرنا أن نشكر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه وحكومة سلطنة عمان لدعمهم المستمر وللشعب العماني الكريم لاحتضانهم الصادق لليوغا من أجل الصحة.
إن اليوغا هي جسر للصداقة حيث يجمع الشعبين الهندي والعماني معًا في السعي المشترك إلى تحقيق الصحة الشخصية الجيدة ورفاهية المجتمع والسلام والوئام في كل مكان.