أثير- مكتب أثير بتونس
حاوره : محمد الهادي الجزيري
يشغل منصب مدير إدارة المسرح و الفنون الركحية التونسية ، وكان عضواً إدارياً ومؤسساً في عدد من المهرجانات والمجالس والهيئات المسرحية ، درس المسرح في العديد من المعاهد الفنية مثل معهد خزندار باردو ، ومعاهد ولاية قبلي. هو ممثل ومخرج مسرحي ، أخرج عدد من المسرحيات التي وضعت اسمه ضمن مصاف المسرحيين العرب المبدعين ، وقد تحصّل على جوائز محلية وعربية وعالمية ، كما أنه مثل في التلفزيون والمسرح والسينما ، وقدم عروضه المسرحية ضمن البرمجة الخاصة في جلّ أكبر العواصم ..ضيفنا الكبير التونسي منير العرقي :
ــ فتى من بطاح تونس ..من حيّ الزهور ..ومن معهد خزندار ..، كيف تسلّلت إلى فنّ التمثيل وإلى خشبة المسرح ؟..هل كنت تحدس ذلك في مراهقتك ؟ هل كنت تحلم بما أنت عليه من شهرة ومجد وسفر وطموحات ؟
في الحقيقة هناك معطى اجتماعي، لكوني ابن معلم في حي شعبي ولدت في الستينات من القرن الماضي ، والمعلم يحظى بتقدير وتبجيل منقطع النظير أيامها، بالإضافة إلى أن المدرسة التي درست بها بجانبها دار ثقافة الطيب المهيري التي احتوتنا بنواديها وهناك مارست المسرح اول مرة في حياتي في منتصف السبعينات و بعدها مارسته مع منشط المسرح خميس الدريدي بمعهد خزندار إلى جانب ممارسة الموسيقى مع استاذي عبد الكريم الدليسي في المعهد وفي دار الشباب خزندار مع لطيفة العرفاوي وفاطمة بن عرفة وأسامة فرحات ، أما المعطى الوراثي فإن أمي رحمها الله هي من كانت فعلا موهوبة فهي تجيد التقليد ولعب الشخصيات و تجيد القص والسرد و الغناء ” الجريدي ” ولعل اختها ،”أي خالتي” ربيعة بن عبد الله الممثلة المسرحية والدرامية والسينمائية ورثت ذلك من العائلة المنحدرة من الجريد التونسي ، ولعلني كنت موهوبا !! فإن لم يكن كذلك لما جازفت باختيار دخول المعهد العالي للفن المسرحي بتونس بعد حصولي على شهادة الباكالوريا سنة 1982 حيث تابعت التكوين الأكاديمي لمدة 4 سنوات تخرجت بعدها لأبدأ مسيرتي الفنية …
.
ــ سيرتك الفنية المسرحية متنوعة بين الإخراج والتمثيل والعمل الإذاعي والإداري ..، ولكنّك أبدعت وأقنعت في مجال الإخراج ..، فكيف كان التوجّه إليه ..وماذا تختار الآن لو عدت إلى المحطة الأولى ؟
الإبداع المسرحي متعدد الأصوات ، إذ جربت الكتابة و التمثيل والسينوغرافيا والإخراج والتوظيب العام والتقنية انارة وصوت … و مع ذلك لازال شغف التمثيل مهيمنا عليّ.. الإخراج بالنسبة لي مهنة شاقة وممتعة في آن أجبرتني الظروف الى التخصص فيها … في بداية مشواري الفني لم تتقبلنا الساحة المسرحية كخريجي المعهد العالي للفن المسرحي بسهولة وفي الحقيقة وجّهت لي بعض الدعوات للتمثيل هنا وهناك ولكن الإسراع بالالتحاق بالتدريس بعد سنة ” بطالة 1986/1987 والانتقال الى ولاية قبلي ومنها الى المسرح الوطني ،.. ثم انتقلت إلى الكاف حيث شاركت زميلي نبيل ميهوب والمرحوم علي مصباح وأسسنا مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف حيث عملت طلة 5 سنوات ..، عند عودتي إلى تونس كتبت مسرحية بهجة و أخرجتها وبعدها كتبت محارم مع وجيهة الجندوبي وأخرجتها .. وهكذا تتالت المسرحيات وأعجبني الاخراج فحافظت عليه كاختصاص…
ــ هل لديك معارف خليجية أو عمانية في مجال المسرح أو الدراما ؟ وما رأيك في التجربة المسرحية في الخليج عامة. ما تقويمك لها ؟
بكل تأكيد لي معارف عربية وخليجية نظرا لاهتمامي بالمنجز الفني العربي والافريقي لكوني ضمن الهيئات المديرة لأيام قرطاج المسرحية بالإضافة الي أني كنت قدمت مسرحيات في عديد البلدان العربية منها مصر والمغرب والجزائر والأردن وسلطنة عمان كما أني كثير الزيارات الى الامارات العربية المتحدة وشديد المتابعة لمهرجان الشارقة للمسرح حتى أني كنت عضو لجنة التحكيم بإحدى الدورات منذ 7 سنوات كما أتابع المسرح الخليجي من خلال متابع مهرجان المسرح الخليجي بالشارقة … لا يفوتني ذكر تجربة مميزة قمت بها مع المخرج السينوغراف العماني يوسف البلوشي حيث شاركت في مسرحية من انتاج فرقة مسرح المزون بعنوان الرغيف الأسود…
في اعتقادي المسرح الخليجي يشهد نقلة نوعية حيث برز جيل أكاديمي وموهوب ومتابع للتجارب العربية و العالمية ويحتاج الى مزيد من الحفر في الخصوصيات الثقافية للتعبير على ما يهم الجماهير على اختلاف انتظاراتها…
ــ سافرت كثيرا والتقيت بأقوام مختلفين في أصقاع العالم.. ، هل وقعت لك حوادث طريفة في بعض السفرات ..، أو واقعة غريبة ..على خشبة المسرح أو في أيّ مكان ؟
المشاركات في المهرجانات متنوعة ولكل مشاركة أجواؤها المميزة أذكر على سبيل المثال في عرض مسرحية انتقونا اليمامة أم الغراب ( تأليف الراحل سمير العيادي و بطولة حليمة داود والمرحوم أحمد معاوية وعبد اللطيف خير الدين . ) في مهرجان المسرح بعمان الأردن سنة 2005 فجأة حصل عطب في أجهزة الإنارة صمت الممثلون 10 ثوان ثم واصلوا الأداء بكل عفوية وتابع الجمهور أطياف الممثلين دون انزعاج ودام ذلك مدة من الزمن الى أن تمكنا من إعادة تشغيل موزع الأضواء رافق ذلك تصفيق حار احتراما للممثلين لمواصلتهم الأداء بطبيعية وعفوية طاغية .. وعند حضورنا الندوة التطبيقية أي جلسة النقاش تدخل العديد لطرح سؤال بدى بديهيا هل كان قطع الانارة متعمدا لأن المتلقي استمع الى الأداء والحشرجة وأنفاس الممثلين وصوت خطواتهم …، بل أن ما شدّ انتباهنا تدخّل متفرجة ضريرة مؤكدة كون ما شعر به المتفرجون عند انقطاع الانارة هو ما أحسته من أول حوار دار على الخشبة الى نهاية المسرحية بل أنها تعجبت من التصفيق الذي جد عند عودة الانارة .. شهادة لازلت أعتز بها وأجبرتني على الاعتناء بالمنطوق والأصوات عامة في مسرحياتي لان لها وقع على النفس ويحمل المعنى…
ــ ما جديدك في مجال الدراما وخصوصا في المسرح …هل ثمّة ما تعدّه للجمهور؟
ابتعدت عن الدراما التلفزية نظرا لارتباطاتي الإدارية في وزارة الشؤون الثقافية..، أتلقى بعض الدعوات للمشاركة في الأعمال التلفزية ولكن مسؤوليتي الإدارية تمنعني خاصة منذ أن توليت ادارة المسرح .. والحقيقة أن ذاك عطّل تجربتي المسرحية ، إذ أخبرني على عدم الإنتاج والتمتع بالدعم المسرحي و تجنب تضارب المصالح .. في قادم الأيام سأشرف على مختبر العرائسيين الشبان لتأطيرهم مع بعض المختصين لخوض مغامرة جديدة تتمثل في عمل مسرحي عرائسي موجه للكهول بعنوان ” ما يراوش “