أثير- مكتب أثير بتونس
حاوره: محمد الهادي الجزيري
1- ما أتى بك إلى ظفّار ؟ هل أتيت بكلّ أسئلة الدكتور معك ..عن الدين والحرية وكلّ ما يمتّ بهما ..، هل وجدت بيئة جيدة للتفكير والبحث والتحليل؟
لعل السؤال ما أتى بك إلى ظفار سؤالا صعبا على سهولته الظاهرة، فالإجابة المنطقية هي أن المجيء كان بغاية رئيسية هي العمل لكن ليس هذا الدافع الوحيد فقد كان هناك البحث عن تجربة جديدة مهنيا وإنسانيا ووجوديا، أما عن أسئلة الدين والحرية فربما هي أسئلة الإنسان مطلقا وليست أسئلتي وحدي فالوجود البشري قائم على البحث عن المعنى وتأسيس الحياة عليه ومن هنا فلا مجال لأن يتوقف التساؤل. أما عن البيئة فالأمر يمكن أن يجاب عليه بالنقيضين أي الإثبات والنفي. فالبيئة الحاضنة توفر لك إمكانية البحث غير أن الأعباء الملقاة على الجامعي هنا كثيرة مما يجعل وقته المخصص للبحث محدودا ويقلص قدرته على الإنتاج العلمي.
2- كيف تقدّم لنا تجربتك المهنية في جامعة ظفار ..هل وجدت صعوبات في بداية الأمر؟
كانت التجربة المهنية في بدايتها سهلة خاصة مع تعاون الزملاء والعميد وسعيهم إلى تذليل كل الصعوبات ، غير أن هذا لا ينفي اختلافا عما تعودت عليه في تونس فالنظام هنا يلزم الأستاذ بعدد من المهام الإدارية التي لا نظير لها في تونس وهذه المهام تقلّص الوقت المخصص للبحث العلمي. إضافة إلى أنها مهام تتطلب اطلاعا على اللوائح والقوانين وهو ما يجعلك مجبرا على بذل جهد إضافي ربما على حساب جوانب أخرى.
3- هل وجدت فرقا كبيرا بين الجامعة التونسية والعمانية أم العكس تماما ؟ هل تأقلمت سريعا مع الزملاء والطلبة..؟
هناك بعض الفروق في مستوى طرق التدريس وطبيعة العلاقة بين المدرس والطالب لكنها ليست فروقا جوهرية وهو ما يسهل عملية التأقلم ، ولعلّ ما يزيد من سرعة التأقلم سرعة تجاوب الزملاء وسعيهم إلى المساعدة والتعاون مما يخلق جوا من الألفة ، أما فيما يخص الطلبة فيمكن القول إن التعامل معهم أكثر سلاسة ويتميز أغلبهم بأخلاق عالية رغم بعض المصاعب في البداية بحكم عدم التجاوب مع طريقة تعامل مختلفة عما تعودوا به لكن سرعان ما يتحول الأمر إلى نوع من التحاور البناء.
4- كيف اختلطت بالناس وعاداتهم ..أصار لك منهم أصدقاء يخفّفون عنك الإحساس بالغربة أو الوحدة إن وجدت ..؟
يمكن القول إنّ الناس هنا في أغلبهم يكرمون الضيف ويتعاملون معه بخلق رفيع وهو ما جعلني أندمج بسرعة فلي عدد من الأصدقاء العمانيين من داخل الجامعة وخارجها خاصة عند ممارسة كرة القدم التي دعاني إليها شباب عمانيون عندما علموا بحبي لها وتكونت بيننا مودة كبيرة ، أما فيما يخص العادات والتقاليد فقد حدثني عنها الكثير من الأصدقاء وصرت أعرف الكثير منها وأعتقد أن منطقة ظفار ثرية بإرث ثقافي وعادات وتقاليد ضاربة في القدم يمكن أن تكون مجالا خصبا لدراسات انتربولوجية ومجالا للاستثمار الأدبي.
5- ما دمنا في حضرة دكتور يدرّس تحليل الخطاب والدراسات الأدبية والثقافية بجامعة ظفار من 2020 إلى الآن ..، فما رأيك في الأدب العماني ..وهل ثمة تجارب سردية وشعرية تستحق الدرس والنقد الأدبي ؟
في حقيقة الأمر لم أكن أعلم عن الأدب العماني شيئا قبل قدومي ، لكن سمحت لي تجربتي هنا بالاطلاع على تجارب أدبية مهمة مثل تجربة جوخة الحارثية وبشرى خلفان ومحمد الشحري والمسرحية آمنة الربيعة كما شاركت في ورشات تدريبية لهواة الأدب وتبين لي وجود شغف كبير بالكتابة الإبداعية خاصة لدى عدد من الشبان والشابات ، وأعتقد أن هذه التجارب تستحق اهتماما نقديا ويمكن أن تكون مدار رسائل ماجستير وأطروحات في الجامعات العمانية او العربية.
6 ما الذي جلب انتباهك في الثقافة الظفارية بصفة خاصة والعمانية بصفة عامة ،..وهل شاركت في فعاليات أدبية في ظفار..وهل يمكن أن تبوح لنا بأهمّ الأسماء التي شدتك ؟
ما لفت انتباهي في الثقافة الظفارية هي اللغات الجنوبية القديمة التي يتكلمها جزء كبير من العمانيين في ظفار وهو ما يدل على إرث حضاري وثقافي ينبغي الحفاظ عليه ، كما شد انتباهي الثراء الحكائي الأسطوري مما يفتح الباب أمام الدارسين او المبدعين من أجل استثمار هذا الإرث في البحث أو في الإبداع. وقد شاركت في عدة فعاليات أدبية سواء في ورشات موجهة للمبدعين أو في امسيات شعرية وأدبية وتقديم كتب وقد تميزت بحضور كثيف للجمهور مما يدل على شغف بالأدب والثقافة
7 كتب كثيرة معدّة للنشر ..قرأتها في نبذة صغيرة عن حياتك المهنية والأدبية ..أثمة ما يعطّل نشرها وانتفاع القراء بها ..؟
كان هناك مشروعان لكتابين للنشر جاءت الكورونا وآثارها لتعطل العملية برمتها ، ولعل أكثر من ناشر يعتذر بسبب ضيق السوق وعدم القدرة على الترويج وينتظر هو الآخر أن يتحسن الوضع وتفتح المعارض أبوابها ، ومع ذلك أرجو أنه بالانفراج الحاصل بعد تراجع هذا الوباء سيرى الكتابان النور.